ثانويات تتنفس برئات رياض أطفال ...ومآسي يتجرع فصولها العائلات ويأكل غلاتها المتطفلون عن الشأن التربوي . تلك مأساة أغلب مؤسسات التعليم الخصوصي بمراكش يناهز عدد تلاميذ التعليم الخصوصي بجهة مراكش تانسيفت الحوز 24000 تلميذ أي حوالي 3 % من تلاميذ الجهة، يتوزعون على 68 مؤسسة ابتدائية 75 % يوجد بمدينة مراكش، و 25 إعدادية و 31 تأهيلية و5 مراكز للأقسام التحضيرية.وبالرغم من كون الميثاق الوطني للتربية والتكوين أولى أهمية بالغة للتعليم المدرسي الخصوصي حيث أفرد له رزنامة من الفقرات واعتبره من بين الدعامات الأساسية لتجسيد الإصلاح الشمولي لنظام التربية والتكوين، بصفته شريكا أساسيا للتعليم العمومي في التعبئة الوطنية لتجديد المدرسة والانخراط الفعال في تعميم التعليم وتجويده فهو يروم توسيع وإثراء آليات التواصل بين الأكاديمية ومكونات قطاع التعليم الخصوصي، وتوحيد التصورات وتجاوز التعثرات ورفع تحديات الاستثمار في القطاع بالجودة المطلوبة، وترسيخ وتثبيت الأخلاقيات المهنية بين مكونات قطاع التعليم المدرسي الخصوصي.وذلك من خلال الاعتماد على الأبعاد التواصلية والمؤسساتية والتدبيرية والأخلاقية.. “الله يستر ، غير أجي أو دير مدرسة خصوصية، زعما الوقت سايبة ؟!!” فصول دراسية أم علب سردين . وفي الوقت الذي يقف فيه مجموعة من الخبراء والمختصين التربويين والأكاديميين المحليين والوطنيين عند المدخل الاستفهامي الذي يساءل الجميع حول أي تعليم خصوصي نريد؟ وماذا نريد من هذا التعليم؟ وماهي التصورات العامة المتوخاة منه في سياق المرحلة الجديدة، المحكومة بتدابير المخطط الاستعجالي؟ تئن مجموعة من المدارس الخصوصية بمدينة مراكش تحت وطأة غياب المساحات الأرضية والعمرانية المطلوبة أساسا في الرقي بالعملية التربوية، لتتحول إلى علب سردين يتكدس في جوفها التلاميذ والتلميذات،على غرار المؤسسة اللغز المتوقعة قرب مسجد تركيا بتجزئة الحسنية في حي جليز، فضلا عن إفتقارها للفضاءات التربوية الأخرى الرئيسية كالملاعب والمخادع والمصالح المرتبطة بالشأن التدريسي والصحي البيئي من مختبرات ومكتبات وحمامات ومقاصف ومراحيض وغيرها. في نفس السياق تفتقر بعض أقسام هذه المؤسسة التعليمية لأبسط مقومات إحترام الحياة الإيكولوجية، المرتبطة بالأفق التربوي بدءا من التشجير إلى غياب نوافذ التهوية والمنافد الضوء، والواقع أن مثل هذه المؤسسة كانت فيلا سكنية رأى أن يحولها أصحابها إلى دور حضانة ورياض للأطفال غير أنها سرعان ما تحولت إلى مدرسة إبتدائية، في غفلة من الزمان لتتضخم مثل طحالب المستنقعات إلى مؤسسة إعدادية ثانوية، حيث أن مثل هذه المؤسسة – وغيرها أصبح كثير بمراكش، نتيجة الجشع المادي والتهافت على الربح السريع- ، لم تكن مخصصة عمرانيا ولا مجاليا لهذه المهمة التي صارت منوطة بها، والتي تفسر كيف يفعل التهافت المادي الأفاعيل الشيطانية والمقيتة بأصحابه، من المتطفلين عن التعليم الخصوصي . مدارس خصوصية بلا طعم ولا رائحة تتواجد بجهة مراكش تانسيفت الحوز مجموعة من المؤسسات التعليمية الخصوصية ترزح تحت وطأة سوء التنظيم وغياب التسيير الممنهج العقلاني، مما يحولها إلى جحيم مستعر، وبؤر سوداء يتعلم في ظلها المتمدرس أساليب الغش والإرتشاء وسلوك المحسوبية والزبونية، في نفس السياق تعاني مؤسسات تعليمية خصوصية أخرى بالجهة من تكدس الصفوف الدراسية، مما يؤثر عن العملية التربوية برمتها إضافة إلى سوء التدبير المتعلق بعملية نقل المتمدرسين ، والذي بات يعرف بالطواف الجهنمي حيث يضطر التلاميذ خاصة من صغار السن إلى قطع المسافات الطوال داخل سيارات النقل المدرسي في ظروف طقسية غير ملائمة، مما يحول حياتهم الدراسية إلى مجرد مسافات روتينية يومية، ترهق نهارهم وتسرع وتيرة نومهم.وارتباطا بذات السياق يشكو مجموعة من أمهات والآباء وأولياء التلاميذ غلاء مستحقات التدريس المادية، بالنظر لغياب مقومات الجودة والنجاعة التي تقدمها بعض هذه المؤسسات المنضوية تحت لواء التعليم الخصوصي، مما يدفع بمجموعة من المراقبين إلى إعتبار ذلك تجاوزا في حق الأسرة المراكشية، وإفراغ العملية التأطيرية من حسها الإنساني ودورها النبيل المبني أساسا على الإيثار والوطنية الحقة. . مؤسسات مهترئة ومصعد خصوصي . يتفق أغلب الخبراء المختصين في الشأن التعليمي الخصوصي، ومعظم الباحثين في هذا الصدد أنه ينبغي بل يلزم على التعليم المدرسي الخصوصي مواكبة تدابير البرنامج الإستعجالي وإستحضار مقتضياته والإسهام في أجرأة مضامينه، وترشيد القطاع الخصوصي والارتقاء به تنظيميا وقانونيا، وإلزام المتدخلين بالضوابط المنظمة لإحداث وتوسيع مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، وتهيئ دليل الاستثمار، وتحليل الاختلالات التي تحبل بها دفاتر التحملات، وتعدد وتقاطع صلاحيات المتدخلين في التعليم الخصوصي، وخصوصيات مناطق الاستثمار وعلاقتها بأصناف التعليم، والدفع من أجل إرساء الحكامة الجيدة في تدبير وتأهيل وتحفيز الموارد البشرية، غير أن الحالة التي تعيش عليها بعض المدارس الخصوصية بمراكش، تتنافى جملة وتفصيلا مع أبسط هذه المعطيات، بفعل الإكتظاظ حيث يفوق عدد المتعلمين 30 تلميذا وتلميذة بالجدع المشترك، في إكتظاظ جهنمي يزيد من وطأته التمييز الغير الإيجابي الذي يطال التلاميذ بالمقارنة مع الأساتذة والإداريين داخل ذات المدرسة، حيث يتجرع التلاميذ بما فيهم ذوي الحاجات الخاصة علو السلالم والأدراج صعودا ونزولا للفصول الدراسية، في حين تظل المصاعد حكرا على المدرسين وأطر الإدارة الخصوصيين، في صورة تذكر بالعصور الوسطى وليس بمقومات الحداثة التربوية والعصرنة ودمقرطة المشهد التعليمي كمشهد تتفرع عنه مختلف المشاهد مستقبلا. إعفاء ضريبي ومردودية هزيلة من جهة أخرى إنتقدت مجموعة من الفعاليات داخل المجلس الإداري بالأكاديمية الجهوية لجهة مراكش تانسيفت الحوز، ما وصفته بدر الرماد في العيون من خلال إقدام فرع مراكش لإتحاد التعليم والتكوين الحر بالمغرب، على تنظيم ما وصفته ذات الإدارة بالندوة الصحفية، مشيرة أن الإرساء الفعال لبيداغوجيا الإدماج في صلب إهتمامات التعليم المدرسي الخصوصي يقتضي محاكمات المتلاعبين بمصير مئات الشباب والشابات من المتعلمين، من ضحايا بعض المدارس الخصوصية .في نفس السياق، توضح مصادر تعليمية رفيعة المستوى وجهات وطنية ل ” مراكش بريس” أنه إذا كانت معظم المدارس الخصوصية بمراكش تفتقر إلى مأسسة القطاع تواصليا وأخلاقيا قصد رفع الاختلالات ووضع وصياغة إطار تنظيمي تعاقدي وتوافقي بين كل مكونات قطاع التعليم الخصوصي وتحقيق الإجماع على إلزامية التعاقد كشرط ضمن شروط الاستثمار في القطاع ، والتطرق إلى إشكالات الخريطة الاستثمارية للتعليم الخصوصي وتنامي حاجات الجهة وانعكاس الاختلالات والتناقضات في غايات ومرامي المستثمرين على وضعية القطاع، فإن الإعفاء الضريبي لهذه المؤسسات بات يشكل نقمة على المتعلمين بداخل بعض هذه المؤسسات، ونعمة على بعض أصحابها، ممن راكموا الثروات، وإستبدلوا إيقونات التربية ومبادئ التكوين بهيستيريا التسابق نحو سيارات فارهة وضيعات فيحاء ومليارات مركونة وعقارات متعددة, تفضحها على سبيل المثال وليس الحصر ، مدرسة “أبو لحية مشطفة” وعصابة “حسب الله” المتواجدة بالمحاميد بشراهة يندى لها الجبين، لا تترجمها سوى جحيمية أسعار المقررات والكتب المدرسية، وتعكسها النزعة الإستيرادية من الخارج التي تغلف هذه الكتب والمقررات، وتستهدف الهوية الوطنية والحضارية للبلاد بمختلف الشرور والتعتيم، وتسعى لصنع أجيال لا علاقة لها بالجدور المغربية العريقة، ليتحول التعليم الخصوصي إلى سندويتشات جاهزة ومفبركة . أزمة تدبير أم أزمة عقليات وفي الوقت الذي يؤكد فيه كل المهتمين والمختصين بالتعليم الخصوصي ل ” مراكش بريس” أنه قصد الإرتقاء بمؤهلات الموارد البشرية داخل التعليم الخصوصي وتحفيزها وتحقيق استقرارها واستمراريتها والرفع من فعاليتها وإنتاجيتها، لابد من مراجعة النصوص التنظيمية المتعلقة بمفهوم الإدارة التربوية وتسيير المؤسسات وتفعيل إجراءات التعاون الواردة في الاتفاق الإطار ، والتطرق إلى إشكالية استفادة الموارد البشرية لقطاع التعليم الخاص من الخدمات التحفيزية الاجتماعية والاقتصادية المعمول بها في القطاع العمومي، وتوسيع دائرة التكوين والتأهيل التربوي، وفتح قنوات الاستفادة من الخبرات والخدمات التربوية وبرامج التكوين المستمر حسب حاجيات التعليم الخصوصي، وتخليق القطاع وعقلنة التواصل بين مكوناته، غير أن مجموعة من المؤسسات التعليمية بمراكش باتت تحتاج إلى تدخل الجهة الوصية، نظرا للهزالة التنظيمية والوظيفية التي تعيشها مؤسسة التعليم الخصوصي بالمدينة، وبسبب أساليب لا تزال مهترئة في التعامل مع المتمدرسين وعائلاتهم، تعامل لا تعكسه مستحقات الدراسة الشهرية المرتفعة الكلفة، دون سند قانوني يراعي القدرة الشرائية للأسر، قاطعة بذلك كل سبل الحوار والتواصل الذي يعتبر أحد أهم دعائم الجودة والقرب والنجاعة في الشأن التربوي . “الله يستر ، غير أجي أو أعمل مدرسة خصوصية، زعما الوقت سايبة ؟!!”