أطلقت زوجة إدريس شحتان صرخاتها للمطالبة بإطلاق صراح زوجها,وعبرت في رسالة توصلت مرايا بريس بنسخة منها عن حجم معاناتها مع أسرتها جراء إعتقال شحتان. فيما يلي نص الرسالة: اعتقال زوجي إدريس شحتان يوم 15 أكتوبر 2009، من مكتبه بمقر أسبوعية المشعل على خلفية ملف يتعلق بالنشر، وإيداعه بزنزانة انفرادية نتنة بسجن الزاكي في مدينة سلا، لم أجهر قط بمعاناتي كما أحسها الآن، كما لم أصرخ ملأ حنجرتي كما ينبغي في وجه الظلم الذي أنتزعه من بين أحضان أسرته وزملائه، لكوني وقفت آنذاك متسمرة ومشدوهة لهول ما رأيت، غير أنني قررت تكسير قيود الصمت التي طوقتني كل هذه المدة، والبوح بما تراكم لدي من معاناة خلال أزيد من أربعة أشهر... قررت أيضا أن أشارك الرأي العام الوطني والدولي بعضا مما نكابده - نحن أسرته - منذ تم الزج به في غياهب سجن أفلح إلى حدود الآن في إنهاك قواه. لقد دخل زوجي شهره الخامس في السجن و تحمل من المعاناة أكثر من طاقته، وأظن جازمة أنه ليس بمستطاعه أن يتحمل أكثر مما تحمله في محنته، حيث قاس خلال أزيد من أربعة أشهر مضت جحيما حقيقيا، بدت آثاره على جسده المنهك، الذي تعاقبت الأمراض على نخره بشكل متآني، كما فقد وزنه أكثر من عشرين كيلوغرام، إضافة إلى أنه مصاب على مستوى أذنه اليمنى التي تضررت شهورا قلائل إثر إجرائه لعملية جراحية على مستوى أذنه اليسرى، وهو ما يتسبب له يوميا في آلام حادة أثرت على صحته البدنية، ويشعره بالإغماء الذي يسقط معه أرضا حوالي خمس مرات في اليوم داخل زنزانته. هذا وكان مزمعا أن تجرى له عملية جراحية طارئة على أذنه اليمنى خلال منتصف شهر نونبر 2009، لكن اعتقاله في 15 أكتوبر من نفس السنة حال دون إجراها، زد على ذلك، الأضرار النفسية العميقة التي سببتها له ظروف الاعتقال. إزاء هذه الأمراض- البدنية منها والنفسية- أعتقد معها أن حالته ستسوء أكثر إن لم يتم الإفراج عنه، خاصة وأنه مصاب بمرض السكري. إن مهنة الصحافة، كما هو معلوم، ليست منزهة عن الخطأ، لكون ممتهنيها دائمو البحث عن الحقيقة من خلال مصادرهم المتعددة، كما أن بعض هذه المصادر قد تشوبها اختلالات وأخطاء، لذلك نرى كبريات الجرائد في الدول المتقدمة ديمقراطيا تنشر على صفحاتها أخطاء لا يمكن حصرها؛ زوجي أيضا ينتمي إلى هذه المنظومة غير المعصومة من الخطأ، وقد وجد نفسه في قضية أسيئ فهمها ، ولتأكيد حسن نيته قدم اعتذارا إلى صاحب الجلالة، كما أنه لا يزال ينتظر عفوه الكريم، على اعتبار أن عفو جلالته، هو السبيل الوحيد لوضع حد لما يكابده في صمت. لقد قاسيت كثيرا منذ اعتقال زوجي إدريس شحتان، سيما وأنا حامل في شهري السادس، ولكم أن تتصوروا ما يخالج امرأة حبلى مثلي، وزوجها قابع في زنزانة باردة، حيث تسبب لي اعتقاله بداية الأمر في صدمة كبرى، لاعتقادي الراسخ، أن بلدا كالمغرب، قطع بقيادة صاحب الجلالة أشواطا متقدمة في درب الديمقراطية، يسجن صحافيا كفؤا ومدير نشر أسبوعية ناجحة اسمها "المشعل"، تلك التي احتلت في ظرف وجيز مكانة متقدمة في المشهد الإعلامي المكتوب بالبلاد. هذه الصدمة، كادت خلال شهر بعد اعتقال زوجي أن تتسبب لي في إجهاض جنيني، حيث جراء الضغط النفسي الذي عانيته، تعرضت لنزيف حاد، أوشكت معه أن ألفظ أنفاسي، خاصة وأنني كنت أنتقل حوالي ثلاث مرات في الأسبوع من مدينة الدار لبيضاء إلى سجن الزاكي بمدينة سلا. إنها رحلة مراطونية أثرت سلبا على صحتي، وربما على صحة جنيني أيضا، ناهيك عن إكراهات الزيارة التي أنهكتني كثيرا، بحيث أجد نفسي وحيدة وأنا أجاهد لحمل "القفة" ثلاث مرات في الأسبوع، سواء إلى سجن الزاكي بمدينة سلا أو عكاشة بالدارالبيضاء، حيث يقبع زوجي حاليا. أضف إلى ذلك، الضغوطات النفسية التي تجثم بكل ثقلها علي، خصوصا وأنا أرى يوميا طفلتي "صابرينا" تكبر دون أن تنعم بعطفها الأبوي، ذاك العطف الذي يشكل دعامة أساسية في التكوين السيكولوجي لطفلة في مثل سنها، والأدهى من ذلك، إنني أخشى أن أضع مولودي وزوجي في السجن، إنه كابوس يطاردني صباح مساء. لقد تعب زوجي شحتان، عان ما يكفي في السجن.. وأظن أنه من العار أن يظل أزيد من أربعة أشهر كسجين، والأقسى من ذلك متنقلا بين سجني الزاكي في سلا وعكاشة بالدارالبيضاء، وكأن الأمر يتعلق بمجرم خطير، إذ ما ذنب إدريس شحتان حتى يسلب من حريته، ويعاني ويلات السجون، بل ويتم توقيف جريدته " المشعل " وحرمانها من الدعم، وكذا تحريك متابعات أخرى في حقه وهو في السجن علما أن جريدته متوقفة حاليا عن الصدور بقرار من وكيل الملك بالدارالبيضاء، حتى أنهم يجبرون زوجي أسبوعيا رغم حالته الصحية المتدهورة، على الحضور إلى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء قادما إليها من سجن عكاشة، فأي انتقام هذا وأية قسوة هاته التي يتعامل بها مع زوجي، حتى أن إدارة سجن عكاشة التي ناشدناها من أجل السماح لزوجي بالمراقبة الطبية، اشترطت أن يخضع شحتان للتطبيب والعلاج مقابل ارتداء لباس السجن ونزع الحذاء ووضع الأصفاد، ولما رفض زوجي شروطها المهينة رفضت إدارة السجن بدورها السماح له بالمراقبة الطبية ، خاصة وأن نائب مدير السجن أجابني ذات مرة بفظاظة لما طلبت منه السماح لإدريس شحتان بالتطبيب "هاذ الشي فوق مني"، وفوق ذلك إن زوجي يقبع حاليا في زنزانة بجناح(2) في سجن عكاشة ، وأن تلك الزنزانة كانت في الأصل مرحاض قذر، أليس في ذلك انتقام له. لقد صدم زوجي كثيرا، لأنه لم يجد جسما صحافيا متضامنا معه اللهم فئة قليلة من زملائه الأوفياء ممن يناضلون كي لا يطاله النسيان، لهذا فشحتان يقول "أناشد فدرالية الناشرين والنقابة الوطنية للصحافة المغربية وباقي الزملاء الصحافيين، بأن يقوموا بمبادرة جادة يناشدون من خلالها صاحب الجلالة، قصد إطلاق سراحي، لأنه من العيب أن أتلقى تضامنا من الخارج ولا أتلقاه من زملائي المغاربة الذين يتقاسمون وإياي هموم مهنة المتاعب"، لهذا يناشد فدرالية الناشرين، كي تأخذ المبادرة وأن تشكل لجنة تدافع عنه وتجري اتصالات مكثفة للإسراع بالإفراج عنه. إن شحتان يصرخ بأقصى صوته،" أريد حريتي .. أريد (مشعلي) ..أريد أن كون بالقرب من زوجتي الحامل وابنتي وزملائي" ، كما يقول أيضا " من العيب والعار أن أظل معتقلا كل هذا الوقت خصوصا وأنني قدمت اعتذاري واستعطافي لصاحب الجلالة.. (أرجوكم .....باركا)". ختاما؛ أتمنى أن يتم الإفراج عن زوجي ، لأن ذلك سيخفف بعضا من معاناتنا نحن أسرته الصغيرة، وأعتقد بأنه لا يمكن فتح حوار وطني في الظرف الراهن حول " الإعلام والمجتمع" الذي انطلقت أشغاله في البرلمان، دون تصفية كل الملفات العالقة فيما يخص الصحافة، وضمنها بالخصوص ملف مدير نشر أسبوعية المشعل، ولا تنسوا أن إدريس شحتان صحافي ومواطن مغربي يحب وطنه ولن يخذله أبدا. زوجة إدريس شحتان مدير نشر أسبوعية المشعل المعتقل بسجن عكاشة بالدار البيضاء