أكّد وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري ، أن لقاءه مع العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز أمس كان مثمراً في ظل الأوضاع السياسية ، التي تشهدها المنطقة العربية حالياً ، وأنها جاءت لنقل رسالة خطية من الملك محمد السادس ، تدخل في نطاق الترحيب الخليجي ، الذي صدر عن قادة دول مجلس التعاون أخيراً ، وذلك بالموافقة على طلب انضمام المغرب والأردن إلى عضوية المجلس الخليجي . ونقلت صحيفة " الحياة " اللندنية عن الفاسي الفهري قوله : " إن الشعب المغربي تأثر كثيراً بهذه الموافقة الخليجية ، وأردنا من خلال هذه الزيارة ، أن نعبّر عن امتنانا على هذه الدعوة التي أتت في ظروف يشهدها العالم العربي أجمع ، ونحن الآن مقبلون على فتح التشاورات مع المجلس الخليجي لدرس إمكان تعزيز العلاقات مع هذه الدول الأعضاء في الميادين المختلفة ، سواء الثقافية أو الاجتماعية أو الصحية وغيرها من المجالات " ، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن انضمام المغرب والأردن لن يؤثر في أهداف الجامعة العربية الموضوعة ، وإنما يندرج تحت أهدافها التي أنشئت من أجلها . وأضاف : " إن دخول بلاده إلى عضوية الأمانة الخليجية يحتاج إلى وقت ، وأنه لم تتحدد حتى الآن فترة زمنية محددة للبدء في ذلك ، وأنها تحتاج أيضاً إلى دراسة متينة وعميقة من الجانبين ، لتحقيق ما تتطلع إليه الشعوب في المنطقة بالعالم المغربي " ، لافتاً إلى أن بلاده لديها مع دول المجلس الرؤية المشتركة نفسها بالنسبة للتحديات التي تواجه العالم العربي ، وهذا الأمر يحتم على الجميع بناء علاقة مميزة ، يمكنها أن تذهب لأبعد ما يمكن في التعاون الأمثل . وتابع : " المغرب تجاوب مع هذه الدعوة الخليجية بشكل إيجابي ، وهي تأتي لبناء المستقبل للأجيال المقبلة ، ومن الضروري أن تتم بحسب رؤية تدريجية ، آخذين في الاعتبار كل الاختيارات ، وعزيمتنا قوية للدخول " . وبخصوص الآراء التي تحدثت عن إدارة المغرب ظهره للعالم المغاربي ، والاتجاه نحو الخليج قال الوزير الفاسي الفهري : " الحقيقة أن هذا الأمر لا يمكن لأن أواصرنا وجذورنا تنبع من العالم المغربي ، خصوصاً في الظروف الحالية التي يظهر فيها الانفتاح مع مجلس الخليج ، وهذا من الممكن أن يستمر ويظل المغرب داخل نطاقه العربي المغاربي ، متمنين أن تستطيع البلدان المغربية إنشاء فضاء مغربي موحد " . وبشأن رؤيته حول مستقبل الخطوة الخليجية في الموافقة على انضمام المغرب للعضوية الخليجية قال : " الحقيقة نحن منفتحون على هذه الخطوة والتوصل لهذا الإطار في الوصول إلى التفاصيل الكاملة ، وأن يكون هناك حوار سياسي أعمق واستراتيجي وتعاون اقتصادي ومالي أعمق بين الخليج والمغرب ، وربما هي خطوة ستتبعها خطوات أخرى ، ونحن نرى أن ما تم هو عبارة عن خطوة إستراتيجية موفقة ، ونحن في المغرب نقدرها وننظر إلى أنها تخدم مصالح الأمة العربية جمعاء " . وبخصوص الثورات الشعبية التي تشهدها المنطقة العربية وفشلها في المغرب قال : " من الممكن أن نلاحظ أن هذه الاحتجاجات الشعبية مست دولاً على رأسها قيادات سياسية معينة ، وجرت هذه الثورات لأن هناك قيادات ليست منفتحة على مطالب شعوبها ، وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك تطور طالما أن هذه القيادات موجودة ، وأن هناك تنمية ناقصة لا تتماشى مع المطالب الحقيقة للشعب ، وأيضاً لسبب أن هذه التنمية الموجودة ليست موزعة على مستوى عادل بين صفوف الشعب ، وهذا ما نراه في ليبيا واليمن وغيرها ، وعلى العكس تظهر المؤسسات الملكية في الخليج العربي وفي المغرب باتصال وطيد مع الشعب بشكل شرعي ، وأن هناك تجاوباً بينهما الشعب من جهة والحكومة من جهة أخرى ، إذا نظرنا أن كل دولة لديها خصوصية في أمرها ، ونحن في المغرب لدينا علاقات متينة بيننا وبين الشعب وعلاقات متبادلة يسودها الاحترام وهناك التزام كامل بالعمل المؤسسي " . وزاد : " نحن في المغرب أيضاً مستمرون في برنامج الإصلاح ، وعرفنا في العقود الأخيرة تغيرات دستورية ، وغيرها وهناك تقدم للجانب السياسي والاقتصادي في نفس الوقت ، ولا يمكن أن تكون هناك تنمية دون تجاوب الشعب ، ونرى أن هناك دوراً هاماً أيضاً للمملكة العربية السعودية ، وهو أخذ البلاد نحو الأفضل وتحقيق المصالح الوطنية " . وبخصوص رؤية المغرب تجاه ما يحدث في ليبيا ، قال : " نحن كدولة مغربية نتابع بقلق واهتمام ما يجري في ليبيا ونشارك في الأمور الدولية ونستمع للطرفين من النظام والثوار ، ونحاول الانخراط في قرار مجلس الأمن على المستوى السياسي والجانب الإنساني ومساعدة الشعب الليبي ، أخذين في الاعتبار التطلعات المشروعة للشعب الليبي ، ونتمنى الوصول إلى قرار وقف إطلاق النار السريع ومراقبة دولية على ذلك " . وعن موقف بلاده تجاه التدخلات الإيرانية في منطقة الخليج العربي وآخرها في البحرين والكويت ودخول القوات الخليجية إلى البحرين ، قال الوزير الفاسي الفهري : " نحن عبرنا عن تضامننا مع البحرين ، ولاحظنا أن موقف إيران كان لا يحترم رأي المغرب بل استهدف ردة الفعل التي أصدرناها ، وهو كان تضامناً ، ونحن ننظر أنه يجب ألا يتم التدخل في شؤون الدول العربية سواء كانت الدولة صغيرة أم كبيرة " . وأضاف : " بالنسبة لدخول القوات الخليجية لحفظ أمن البحرين ، نعتبر ذلك أنه ينخرط في اتفاق مسبق ، ولا يمكن لأي أحد أن يقول لا لهذا التدخل لاسيما أن هذا التدخل جاء لحفظ خصوصيات دولة اسمها البحرين " . وبشأن إن كانت هناك رسائل للتقارب الإيراني - المغربي من قبل الجانب الإيراني بعد قطع العلاقات ، قال : " تعلمون أننا قطعنا العلاقات مع إيران منذ سنتين تقريباً ، وهذا الأمر بالنسبة لنا أمر ثنائي خاص ، وأن هذا الأمر تم بعد محاولات إيرانية للدخول في الشؤون المغربية ، وكون المغرب بلداً موحداً دينياً وشعبياً ، وأنه ليس لدينا شيعة ، ونحن لا نسمح لأي دولة بالتدخل في شؤونا وهو ما ندعو الجميع إليه ، ولا أخفيكم أنه سمعنا من طرف ثالث عن عودة العلاقات مع إيران ولكننا لم نتجاوب معها " . وبخصوص إن كانت إيران أصبحت تشكل عبئاً على أمن المنطقة العربية ، قال : " لا شك في ذلك ، والمغرب داخل الجامعة العربية كانت نظرته تعبر عن حظر أي إجراء حوار مع دول الجوار تحت مظلة الجامعة ، وأن هناك فضاء خاصاً بذلك ، وأننا لا نؤيد إجراء أي حوار مع أي جار مهما كانت أهميته إذا لم يكن هذا الحوار مشروطاً ومسبوقاً بإشارة عدم التدخل في الشؤون الداخلية " .