ما الذي يوفره مجلس الخليج وتعجز عنه الجامعة العربية التكتل العربي المقبل سيكون تكتلا سياسيا واقتصاديا مع أن مجلس التعاون الخليجي، الذي يتجاوز عمره اليوم الثلاثة عقود، لم يسجل الرضى التام في أوساط مواطنيه الباحثين عن العمل «التنموي» المشترك، إلا أنه سجل أمس نجاحًا، بتلقيه طلبين مرحّب بهما، من مملكتين تتباعدان عن محيط الخليج، أي المملكة الأردنية والمملكة المغربية. توقع ظل سائدًا في أن دول مجلس التعاون ذات عضويات محدودة ومعدودة، خاصة وهي عضويات لدول تطل على شطر الخليج غربًا، بدد تلك المسلمات قادة دول المجلس في العام 2003، بعد موافقتهم على دخول الجمهورية اليمنية ضمن مجلسي الصحة والرياضة في خطوة أولى. الرأي العام الخليجي، الذي أمسى طارحًا للتساؤلات عن مغزى الترحيب السياسي بطلبي مملكتي الأردن والمغرب في هذا الوقت تحديدًا، وهم كشعوب ما زالت تطالب مجلسها بكل منظماته، بطرح حلول وإجابات تفضي إلى تنمية كبرى تتجاوز حدود الحماية والدفاع. الطلبان الآتيان من مملكة متاخمة للخليج، ومن مملكة غادرت المجلس المغاربي، بعد ثورات شعبية لدول أعضائها، يفتح التساؤل عن سباق التلاحق نحو الانضمام إلى المجلس الخليجي، في ضوء «عروبيته» وشروطه القاسية للانضمام. مجلس الخليج قدم أكثر مما قدمته الجامعة العربية.. الحديث عن انضمام المملكة الأردنية إلى المجلس الخليجي قديم، إلا أنه لم يكن بالشكل الرسمي، وفق ما ذكره المحلل والكاتب السياسي السعودي داوود الشريان، خلال حديث ل»إيلاف». معتبرًا أن الانضمام الأردني متوقع لكون هذه المملكة تقع على تخوم دول الخليج، التي ترتبط معها وتتداخل في تركيبتها القبلية الاجتماعية. وأضاف الشريان أن الموقف الأردني، هو على الدوام، موقف منسجم مع مواقف دول الخليج عامة. وعن الطلب المغربي، أوضح الشريان أن ذلك يفتح تساؤلاً، في إمكانية أن تحل قبة مجلس التعاون الخليجي محل مجلس جامعة الدول العربية، مشددًا في حديثه على أن الطلب المغربي، الذي حول توجهه من المجلس المغاربي إلى مجلس التعاون «دليل على أن دول التعاون الخليجي، تجمع حقيقي بإرادة أهل المنطقة». وفسر الإعلامي الشريان الطلب المغربي أنه دليل على نجاح المجلس الخليجي، لكونه «عربيًا» يتصف بالنمو والتعاون، مقارنا بينه وبين إنجازات مجلس جامعة الدول العربية على الصعيد التنموي، مؤكدًا أن المجلس الخليجي أثبت تفوقه في ذلك، معتبرًا أن الدول الخليجية تمتلك إرادة سياسية خلاف الجامعة العربية. اليمن أولى بالدخول الكلي إلى المجلس الخليجي حول قراءته للموافقة الخليجية على الطلبين من مملكتين في ظل ربيع عربي تعيشه الجمهوريات العربية، قال الشريان إن النظر إلى الطلبين، لكونهما آتيين من مملكتين، هو نظرة غير منصفة لدول المجلس، وفق رأيه، متطرقًا إلى أن دول الخليج تستطيع الموافقة على الطلبين، وتضع لهما صيغة، معترفًا أن المبدأ للطلبين في ضوء الظروف «ربما» أن يكون مفيدًا.! وعن دخول المملكتين الأردنية والمغربية في لجان محدودة داخل أمانة المجلس الخليجي، على غرار الحضور اليمني في المجلس الخليجي، توقع الشريان أن يكون ذلك حاضرًا بشكل مشابه وفق الحضور اليمني داخل المجلس في شقين صحي ورياضي. وتطرق الشريان إلى أن من أخطاء المجلس الخليجي، هو في عدم موافقته على دخول اليمن في عضويات المجلس كافة، وهو الأمر الذي كان سيتفادى مشكلته السياسية الحالية وفق رأيه، مضيفًا أن الدخول الكلي لليمن سيكون مثمرًا على الرغم من أن الاقتصاديين يعلمون مقدار الأزمة التي سيعيشها المجلس حين موافقته على الدخول في اليمني في الجانب الاقتصادي. مؤكدًا أنه حال تطور المواجهات إلى العنف في اليمن فستشكل خطورة على الخليج عامة؛ خصوصًا وأن اليمن تجلس على بساط دول التعاون الخليجي. الانضمام العراقي مرتبط بتغيير سلطته الشريان الذي أسند الطلبين الأردني والمغربي على جادة السياسة لا التنمية، قال حين السؤال حول حظوة عراقية للدخول والانضمام إلى المجلس الخليجي، قال الشريان إن ذلك يعتمد على من سيحكم العراق، مضيفا أن أهل الخليج لن يوافقوا على الانضمام، طالما أن رئيس الوزراء العراقي الحالي توري المالكي على رأس السلطة. المجلس نواة لتكتل عربي سياسي/اقتصادي اقتصاديًا.. أوضح عضو هيئة التدريس في معهد الدراسات الدبلوماسية في وزارة الخارجية السعودية الدكتور رجا البقمي خلال حديثه ل»إيلاف» أن التكتل العربي المقبل حال الموافقة على الطلبين المغربي والأردني، سيكون تكتلاً سياسيًا/ اقتصاديًا. متوقعًا البقمي في حديثه أن يكون ذلك طريقًا لتحقيق الأهداف التنموية والاقتصادية، إذا كانت هذه الأهداف في أولوية الانضمام، ورأى البقمي أنه حال فتح الحدود ودعم التجارة البينية بين دول المجلس سيخلق ذلك كتلة اقتصادية على مستوى المناطق، لابد لها من الحاجة والدعم. ورأى البقمي أن الانفتاح الاقتصادي سيشجع المنافسة، وسيخدم مواطني المجموعة الخليجية، خصوصًا وأن مستوى التعليم بين المملكتين ودول الخليج متقارب، مما يجعل الاستفادة من العمالة بين هذه الدول قائمًا، وسيعزز من مساواته مع رقم رؤوس الأموال التي تتزايد حاليًا في ضوء عمالة أقل، مكنت التضخم من السيطرة على السوق الخليجية. حلم مواطني مجلس التعاون تؤمل المجتمعات الخليجية على منظمتها الإقليمية الكثير من المشاريع والتوجهات التي تدعم شعوبها على غرار دول الاتحاد الأوروبي، إلا أن المشاهد أن دول الخليج الست الكبرى لم تظهر أمام مواطني الشعوب الخليجية سوى بمشروع «وحدوي» تمثل بمشروع الربط الموحد للطاقة الكهربائية الذي نتج بعد مخاض عسير. أما المشروع الآخر الذي يرى العديد من مواطني دول «التعاون» أنه باء بالفشل قبل تنفيذه، فهو السماح بالتنقل لمواطني المجلس بالبطاقة الشخصية من دون الحاجة إلى جواز السفر. الحلم الشعبي الخليجي لا يزال يتكرر في مجلس يمتلك نفوذًا على الصعيد الدولي، إلا أن قراراته الداخلية تحمل همًا للمتابعين والمحللين، الذين يقذفون التساؤلات في مدى فاعلية الأهرام السياسية في دول التعاون، على تحقيق أحلام شعوب تحلم بتحقيق سياسات «التعاون» وصولاً إلى وحدتها وتعميق وتوثيق الروابط في منطقتها الغنية بالنفط. وكان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبد اللطيف أعلن في مؤتمر صحافي عقب انتهاء الاجتماع التشاوري لقادة دول مجلس التعاون الخليجي الثلاثاء في الرياض، أن القادة رحّبوا بطلب الأردن والمغرب الانضمام إلى مجلس التعاون، ووجّهوا باستكمال الإجراءات الخاصة بذلك بالتنسيق مع وزيري الخارجيتين الأردنية والمغربية. المجلس في سطور يعتبر مجلس التعاون لدول الخليج العربية منظمة إقليمية عربية مكونة من ست دول أعضاء تطل على الخليج العربي هي الإمارات والبحرين والسعودية وسلطنة عمان وقطر والكويت. كما يعد كل من العراق باعتباره دولة عربية مطلة على الخليج العربي واليمن (الذي يمثل الامتداد الاستراتيجي لدول مجلس التعاون الخليجي) دولا مرشحة للحصول على عضوية المجلس الكاملة حيث يمتلك كل من العراق واليمن عضوية بعض لجان المجلس كالرياضية والصحية والثقافية. وقد تأسس المجلس في 25 ماي 1981 بالاجتماع المنعقد في أبوظبيبالإمارات العربية المتحدة وكان كل من الشيخ جابر الأحمد الصباح والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان من أصحاب فكرة إنشائه. ويتولى الأمانة العامة للمجلس حاليًا عبد اللطيف بن راشد الزياني. ويتخذ المجلس من الرياض مقراً له. ترحيب مغربي رحب المغرب باهتمام كبير بدعوة الانضمام التي وجهها إليه مجلس التعاون الخليجي، وجاء في بيان لوزارة الخارجية المغربية أن المغرب «مستعد لإجراء مشاورات من أجل تحديد إطار تعاون أمثل مع دول مجلس التعاون الخليجي»، مضيفاً: «لكن المغرب يكرر تمسكه الطبيعي وغير المعكوس بالمثال المغاربي وبناء اتحاد المغرب العربي الذي هو خيار استراتيجي أساسي للأمة المغاربية». وكان قادة دول مجلس التعاون الخليجي قد رحبوا خلال اجتماع أمس في الرياض بانضمام الأردن والمغرب إلى مجلسهم. تطلع أردني رحب الأردن بقرار قمة مجلس التعاون الخليجي المتضمن ترحيب قادته بطلب الأردن الانضمام إلى مجلس التعاون. وذكرت الحكومة الأردنية في بيان رسمي بهذا الشأن أن قرار قادة مجلس التعاون الخليجي سيظل موضع التقدير، والذي يأتي نتيجة الجهود المكثفة التي يبذلها منذ فترة طويلة الملك عبد الله الثاني مع قادة مجلس التعاون من اجل توثيق أواصر العلاقات الوطيدة مع دول وأبناء الخليج ،وتعزيز القواسم المشتركة. وأضاف البيان أن الأردن يتطلع إلى مواصلة الحوار بين وزراء خارجية دول المجلس ووزير الخارجية الأردني ناصر جودة لاستيفاء متطلبات انضمام الأردن إلى المجلس.