هل حقاً أن أمتنا وهي أمة اقرأ لا تقرأ ؟ وهل صحيح أن هذا الجيل ومن سبقه ومن سيأتي بعده قد راح يهتم بالانترنت والفضائيات على حساب القراءة، أم أن للمسألة أبعاداً أخرى ، ومنافذ مختلفة .. لعله كل ذلك، أو يزيد عليه، بل لعله الواقع المعاشي للناس الذين راحوا ينهمكون في البحث عن لقمة العيش وتأمينها لأطفالهم، قبل البحث عن كتاب للثقافة والقراءة .. وفي الواقع فإن أمتنا العربية قد أضحت من أقل الشعوب في العالم مطالعة وقراءة ومتابعة ثقافية، وهو حال تؤكده الأرقام، وتشهد به الإحصاءات وتؤشر عليه المقارنات، بين أعداد الكتب المطبوعة والصادرة في الوطن العربي، وتلك التي تطبع في أوروبا أو أمريكا، وهي قضية تحتاج منا نحن الذين نتعاطى بالكلمة، والفكر، وما يرافقهما، فليس معقولاً أن تشدنا الفضائيات بعيداً عن الكتاب، وليس مقبولاً أن نكتفي بتلقينا الثقافي عبرها وما يجاورها، لأن للكتاب طقسه، وللكتاب مكانته، وهو خير جليس كما قال العرب، وإذا كنا نلتقي بشبابنا وشاباتنا، فيقولون لنا أن الأجيال السابقة لنا كانت تمنح الكتاب اهتماماً أكثر، ونحن الآن لا نقرأ لضيق الوقت، بل نتابع المسلسلات لأنها أسهل بالتلقي، فنحن نشاهدها بينما نضطجع على الأريكة، وبلا جهد أو تفكير وحرق للحريرات .. وهناك من يقول إن سقف الحريات في وطننا العربي هو السبب، وفي أحسن الأحوال هناك من يكتفي بقراءة الصحف والمجلات، وهي الأخرى قد تراجع بيعها مع وجود الصحف الالكترونية وتصفح ( النت) الذي بات تقنية العصر، بل مرضها في بعض الأحيان، إن لم نعرف كيف نستخدمه ونتعامل معه .. وهنا يجدر بنا القول لجيلنا الصاعد أن لا يكتفي بقراءة المقررات الجامعية، بل عليه الالتفات إلى الكتب التي يراها ضرورية لاستكمال ثقافته المعرفية فلا وجود لعقل متفتح وعصري بعيداً عن الثقافة وامتلاك المعرفة، ولا يمكن إلا أن تعود أمة اقرأ كي تقرأ فهل نجد رجع صدى لكلمتنا هذه يا ترى ؟!.