يعجز اللسان عن وصف ما حدث بمصر بعد سقوط نظام حسني مبارك ، غير ترديد عبارات التحية والتقدير للشعب المصري الذي تمكن من إزاحة نظام الاستبداد الفساد ، نظام اختار من أعداء الأمة أصدقاء وحلفاء ، وفي المقابل اختار من حلفاء الأمة الحقيقيين أعداء مكروهين .. سقط الدكتاتور حسني مبارك وسقطت معه " مافيا " رجال الأعمال والتي استأثرت بمقدرات الشعب المصري البطل . منذ اليوم لن نسمع عن فتنة طائفية بين المسلمين والأقباط ، لن نسمع عن فتنة معاداة السنة للشيعة ومعاداة الشيعة للسنة ، لن نسمع عن الحرب المقدسة ضد " الإرهاب " ، ولن نسمع عن حرب الجمهور المصري والجزائري حول مباراة تافهة في كرة القدم ، فقد بدا أن هذه الأنظمة الفاسدة هي التي تصنع هذه التمثيليات من أجل ثني الشعوب من المطالبة بحقها في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية . كشفت ثورة الشعب المصري ، وقبلها ثورة الشعب التونسي ، أن هذه الأمة أشرف من أن تحكمها العصابات ، أشرف من أن يحكمها من لا عهد له ولا ذمة .. هل تستطيع بعد الآن أحزاب المخابرات أن تقول إنها الوحيدة التي تستطيع اكتساح مجالس البرلمانات المزورة ؟ هل يستطيع الإعلام القرو – وسطي للحكام الفاسدين أن يتحدث عن التجربة الديمقراطية الفريدة لأي من أنظمتهم الشمولية ؟ . ثورة الشعب المصري لن تكون الأخيرة بالطبع ، كل الحكام الفاسدين لن يناموا بعد اليوم نوما هنيئا ، ليس لأنهم يفكرون في معاناة شعوبهم ، إنما لخوفهم من الطوفان الشعبي الذي سيزحف نحو قصورهم إن آجلا أم عاجلا ، فالشعوب بدأت تعرف طريقها للحرية والعيش الكريم دون خوف أو وجل من صنم بشري ، وقادة الجيوش ووزراء الداخلية بدءوا يدركون أن أي طلقة رصاص ضد شعوبهم قد تحولهم إلى مدانين بتهم جنائية . مباشرة بعد الإعلان عن خبر سقوط نظام الدكتاتور حسني مبارك ، طوقت قوات الأمن الجزائرية مظاهرة لجموع المحتفلين بانتصار ثورة الشعب المصري ، كما فعلت نظيرتها اليمنية والبحرينية ، مما يعني أن هذه الشعوب لن ترحم منذ اليوم تكميم أفواهها ، لن ترحم كل من يحاول العبث بمصالحها إرضاء للدول الاستعمارية مقابل بقاء الدكتاتور على سدة الحكم ، شرعية الحكم ابتداء من ثورة 25 يناير شرعية شعوب ، ولن ترضى عن الحاكم العادل المستمد سلطاته من الجماهير بديلا . تاريخ جديد بدأ يتشكل انطلاقا من ميدان التحرير ، بموجبه لن يستطيع أي حاكم مستبد وعائلته أن يضحكوا على الشعوب ، لن يستطيع أي ضابط صغير أن يعذب الأحرار في أقبية ومعتقلات الدكتاتورية ، فأي تجاوز منه قد يؤدي إلى سقوط الساحر الذي علمه السحر .. عصر كامب ديفيد بدأ ينتهي بعد إعلان أول رئيس مصري منتخب عن طريق صناديق الاقتراع ، وحينها لن تصدر قرارات القمة العربية من واشنطن وتل أبيب ، بل ستكون انعكاسا للإرادة الحقيقية للأمة ، ومن ثمة انطلاق حقيقية لنهضة عربية – إسلامية أكثر قوة وأكثر توهجا .. مبروك لشعبنا المصري البطل . [email protected]