قتل 25 شخصا وأصيب ستة آخرون بجروح خطيرة ، عندما فتحت قوات الأمن التونسية ، النار على متظاهرين في وسط مدينة تالا ، القريبة من القصرين وسط غرب تونس ، التي تشهد حركة احتجاج لا سابق لها ضد البطالة ، في حين أعلنت وزارة الداخلية التونسية أن شخصين قتلا وأصيب عدد آخر ، بينهم ثلاثة رجال شرطة حالتهم خطيرة . وقال النقابي بلقاسم صيحي ، إن القتلى سقطوا عندما فتحت قوات الأمن النار على متظاهرين في وسط تالا ، موضحا ، أن مروان جمني (20 عاما) وأحمد بو العبي (30 عاما) ومحمد عمري (17 عاما) ونوري بو العبي (30 عاما) قتلوا وجرح عدة أشخاص آخرين ، وأكد شخصان آخران في تالا ، طلبا عدم كشف هويتيهما ، هذه الحصيلة . وقالت المصادر نفسها إن بين الجرحى ستة مصابين بجروح خطيرة نقلوا إلى مستشفى في القصرين ، كبرى مدن المنطقة التي شهدت صدامات عنيفة أيضا ليل السبت الأحد ، فيما أكد شاهد عيان ، طالبا عدم كشف هويته ، إن طفلا في الثانية عشرة من عمره قتل برصاصة في الرأس في مدينة النور . ولم تؤكد السلطات أو تنفي حدوث المواجهات أو حصيلة الضحايا ، وإذا تأكدت هذه الأرقام ، سترتفع حصيلة القتلى منذ اندلاع المواجهات منذ أن قام محمد البوعزيزي (26 عاما) بإحراق نفسه في 17 دجنبر في سيدي بوزيد (265 كلم جنوبتونس) احتجاجا على مصادرة عربته لبيع الخضار ، إلى 25 قتيلا . وقد تحول البوعزيزي إلى رمز لحركة احتجاجية على الأوضاع الاجتماعية السيئة والبطالة وخصوصا بين خريجي الجامعات الشباب . وفي العاصمة أعلن الأمين العام المساعد ل "الاتحاد العام التونسي للشغل" عبيد البريقي دعمه المطالب "المشروعة" للمحتجين ، وذلك أمام مئات الأشخاص يحيط بهم مئات من رجال الأمن باللباس المدني ووحدات " مكافحة الشغب " . وقال البريقي " إننا ندعم مطالب سكان سيدي بوزيد والمناطق الداخلية " ، مؤكدا أنه " لا يمكن للاتحاد العام التونسي للشغل إلا أن يكون مع هذه الحركة ووراء المحتجين والذين يطلبون وظائف " . وأضاف وسط تصفيق الحاضرين " ليس طبيعيا إدانة هذه الحركة وليس طبيعيا الرد عليها بالرصاص " ، داعيا إلى " الحوار مع الشبان " ، فيما التزم الحاضرون دقيقة صمت "على أرواح شهداء " حركة الاحتجاج الاجتماعية بعدما عزف النشيد الوطني وأناشيد بثتها مكبرات الصوت . وفي بيان من عشر نقاط تبنى " الاتحاد العام التونسي للشغل " رسميا المطالب الاجتماعية وطالب بإصلاحات و" ترقية الديمقراطية وتعزيز الحريات " ، كما دعا إلى تحديد " جوانب سوء الإدارة " و" الممارسات التي تنتهك بشكل فاضح قيم العدالة والحرية والمساواة " . من جهة أخرى ، قال القيادي النقابي صادق محمودي إن منطقة تالا كانت مسرحا لمواجهات عنيفة أقدم خلالها المتظاهرون الجمعة على نهب سلع وإضرام النار في مصرف ومبان رسمية ، مضيفا إن الجيش انتشر أول من أمس ، للمرة الأولى منذ بدء الاضطرابات واتخذ مواقع له حول المباني الرسمية . وتحدث شهود عيان عن محاولات انتحار جديدة السبت قام بها ثلاثة أشخاص في القصرينوسيدي بوزيد . وقال أحد هؤلاء الشهود إن منصف عبدلي (52 عاما) وهو أب لأربعة أطفال ، أضرم النار في نفسه بالقرب من أحد الأسواق في وسط سيدي بو زيد . وفي القصرين ، حاول الشاب حلمي خضراوي العاطل عن العمل الانتحار بسكب البنزين على نفسه وإضرامه النار ، حسبما أعلن أحد سكان المدينة . ومن ناحيتها ، ذكرت صحيفة "الصباح" أن رجلا في الخامسة والثلاثين من العمر حاول الانتحار بعد مظاهرة في قصرين . ونشرت تصريحا لمفتي الجمهورية التونسية أكد فيه أن الانتحار خطيئة ويحرمه الإسلام . ومن جهة أخرى ، قضى طالب ثانوي كان أضرم النار بنفسه في الخامس من يناير في أريانة بالقرب من تونس العاصمة ، متأثرا بحروق كان أصيب بها وقد دفن أول من أمس ، حسبما أعلن الشاهد منصف ، مؤكدا أنه شارك في الجنازة في مقبرة سيدي عامور . وحسب رفاقه ، فإن القتيل أيوب حمدي (19 عاما) اتهم بالتحريض على الفوضى في الثانوية وكان مهددا بالطرد بسبب نقطه السيئة ، فيما نفت السلطات أن يكون الحادث مرتبطا بالتحرك الاجتماعي . من جهتها أعلنت وزارة الداخلية أن الشرطة ، فتحت النار بعد تحذيرات لمتظاهرين بعد أن هاجمت مجموعات محطة للوقود وفرعا محليا لإدارة التجهيز ومركزا للشرطة بالزجاجات الحارقة . وأضافت في بيان ، أن " الشرطة استعملت السلاح للدفاع الشرعي عن النفس وقد أسفر ذلك عن مقتل اثنين من المهاجمين وإصابة ثمانية منهم بجروح متفاوتة كما أدى ذلك إلى إصابة عديد الأعوان (قوات الأمن) بحروق وجروح من بينهم ثلاثة في حالة خطيرة . وقال شهود إن الاشتباكات التي وقعت الليلة قبل الماضية ، كانت عنيفة بعد أن احرق متظاهرون مقر إدارة التجهيز الحكومية وأن الشرطة استعملت خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع قبل أن تفتح النار بعد ذلك على المحتجين . من جهة أخرى ، أعلنت هيئة أرباب العمل التونسية ، عن حملة لتوظيف خريجي الجامعات ، بينما تحدثت الحكومة عن إجراءات لمصلحة عدد من المناطق بينها سيدي بوزيد التي كانت نقطة انطلاق حركة الاحتجاج على البطالة منذ 19 دجنبر الماضي . وقال هادي الجيلاني رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والحرف إن " هذه الحملة تهدف إلى توظيف خمسين ألفا من خريجي الجامعات في الأسابيع الأربعة أو الثمانية المقبلة " . ودعا الشركات إلى " القيام فورا " بهذه التوظيفات الإضافية وإعطاء " الأولوية للعاطلين عن العمل منذ فترة طويلة وأبناء العائلات المحتاجة " . من جهة أخرى وفي وثيقة تحمل عنوان " إجراءات ملموسة " ، أكدت الحكومة أن منطقة سيدي بوزيد حصلت على استثمارات بقيمة 2350 مليار دينار (الدينار يساوي 0.6 يورو) منذ 1987 . وفي سياق متصل عددت الحكومة مشاريع أطلقت في سيدي بوزيد في بداية حركة الاحتجاج من بينها مجمع صناعي وتقني وتعزيز شبكة الطرق والاتصالات وإطلاق صندوق مشترك برأسمال تنموي بقيمة خمسة ملايين دينار وبرنامج تأهيل لخريجي الدراسات العليا . وأكدت أنها ستقيم " مشاريع تنموية متكاملة " في ثلاث مناطق شهدت اضطرابات بقيمة 15 مليون دينار ، ثلاثون منها للمهن الصغيرة و55 للحرف و122 لقطاع الزراعة . من جانبه ، قال سمير العبيدي وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة التونسية إن الحكومة فهمت جيدا الرسالة وستتخذ إجراءات تصحيحية في أول رد فعل بعد الإعلان عن مقتل 14 شخصا آخرين أمس الأحد في اشتباكات بمدن تونسية . وقال العبيدي في مقابلة مع قناة الجزيرة القطرية " سنستخلص العبرة من أجل تصحيح ما يمكن تصحيحه " وأضاف " المستقبل سيكون فيه تعديلات وتصحيحات .. الرسالة وصلت وسنصحح ما يمكن تصحيحه " . ويقول متابعون إن هذه الاشتباكات التي تشهدها تونس لم يسبق لها مثيل خلال العقدين الأخيرين على الأقل . والاحتجاجات والمظاهرات أمر نادر الحدوث في تونس التي يحكمها الرئيس زين العابدين بن علي منذ 23 عاما. وقال سمير العبيدي تعليقا على دخول قوات من الجيش لمدن تونسية تشهد احتجاجات " الجيش لن يعتدي على أحد.. الجيش هناك لحماية المباني الحكومية التي تفتخر بها تونس " .