إعتبر إسماعيل العلوي، الأمين العام السابق لحزب التقدم والاشتراكية (الائتلاف الحاكم)، أن المواطن هو الأجدر بتقديم إجابات على التقصير وسببه، ومضى قائلا "لا يمكن للإنسان أن يقول إنه قام بدوره على الوجه الأكمل، لكن يبدو لي أن الحزب، الذي كنت أقوم بتدبير شؤونه، حاول أن يقوم بواجبه بشكل تام. لم يفلح دائما، لكنه حاول أن يؤطر، ويفهم، ويتقدم ببدائل لما هو موجود. وطبعا للمواطنين أن يدلوا بدلوهم في هذا الموضوع. فلا يمكن للإنسان أن يقوم نفسه ذاتيا". وردا على سؤال حول من يشير إلى أن الأحزاب لا تقوم بدورها في ما يخص الدفاع عن القضايا الأسياسية للبلد على المستوى الخارجي، قال إسماعيل العلوي "من يقول هذا، فلينجز هذا العمل. أظن أن الأحزاب، حسب التوجه الذي اختارته كل واحدة منها لنفسها، تقوم بالدفاع عن القضايا الوطنية بكل قواها. قد تكون الإمكانات في بعض الحالات غير متوفرة، لأنه لا يكفي أن يريد الإنسان فقط الوصول إلى الهدف". وأضاف "أولا، يجب أن القيبام بتنقلات كثيرة، والإمكانات ليست دائما متوفرة، لكن أظن أن كل حزب يقوم بدوره، إذ هناك من يعمل في إطار الأممية الاشتراكية، أو الأممية الليبرالية، وكل واحد يحاول إقناع رفاقه وأصدقائه بجدوى القضايا الوطنية بالأساس، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية". من جهته، قال سعد الدين العثماني، الأمين العام السابق والرئيس الحالي للمجلس الوطني بحزب العدالة والتنمية (المعارض)، "هناك من يمكن أن يقول إن العمل الذي تقوم به الأحزاب السياسية كامل"، واوضح "في نظري هناك مستويين، الأول يتعلق بتأطير المواطنين، وهذا دستوري من مهامها. ولا شك أن هناك تقصيرا في ما يخص هذا الجانب، ولكنه قصور عام، فمثلا الإعلام مقصر في إيصال الرسالة إلى المواطنين، لهذا فإنهم بدؤوا يلجأون إلى الإعلام الخارجي". وذكر سعد الدين العثماني، في تصريح ل "إيلاف"، "الأحزاب ليست مقصرة، بل عاجزة عن تأطير المواطنين، كما أن هناك جمعيات ومؤسسات تشكو الأمر نفسه"، واسترسل قائلا "ليست الأحزاب وحدها المقصرة في هذا المجال". أما على المستوى الدبلوماسي والعلاقات الخارجية، يشرح الرئيس الحالي للمجلس الوطني للعدالة والتنمية انه "لا يمكن لأي إنسان أن يدعي أن الأحزاب قامت بكل ما يجب عليها أن تقوم به، لكن أظن أن القصور الأكبر هو في الدبلوماسية الرسمية، إذ لا يمكن توقيع مسؤولية الدبلوماسية الرسمية على جهات ليست هذه مهمتها الأساسية. صحيح أن الأحزاب يجب أن تتواصل، ولكن هذا لا يكفي". وأشار القيادي السياسي إلى أنه "ليست هناك أي دولة في العالم، تقوم أحزابها بالدبلوماسية في الخارج، باستثناء طرق محدودة جدا. فهناك جهاز دبلوماسي هو الذي يجب أن يقوم بمهامه، لكن الأحزاب السياسية مستعدة للتعاون معه. وهذا لا يعني إلقاء القصور على الأحزاب دون الدبلوماسية الرسمية". من جهته، قال عبد العزيز قراقي، أستاذ علوم سياسية في الرباط، إن "الأحزاب، بصفة عامة، خول لها المشرع القيام بعدة أدوار"، مشيرا إلى أنه "لا يمكن الحديث عنها جميعها، لكننا سنركز على مهمة أساسية تتمثل في تأطير المواطنين". وذكر عبد العزيز قراقي، في تصريح ل "إيلاف"، أن "المشكلة الأساسية للمكونات السياسية المغربية تتمثل في الافتقار إلى موارد بشرية مؤهلة محترفة تكون مرتبطة بالحزب، وفق عقود مهنية تأخذ بالاعتبار عنصر الكفاءة، أي لا تكتفي بالمناضلين الذين يفوض لهم تدبير كل شيء". وقدم الأستاذ الجامعي، في هذا الإطار، مثالا قال فيه "الأحزاب في المغرب فشلت في تدبير صحافة حزبية، دون القدرة على تقديم منتوج فعال ومتميز، إذ أن أغلبية المكونات السياسية تمنح تدبير جرائدها إلى مناضلين، وتكتفي فقط بصفة النضال". وأوضح أن "افتقار الأحزاب إلى موارد بشرية مؤهلة ومحترفة قادرة على وضع برامج تستطيع أن تقدم تصور حول نظرية للتأطير، يجعل الأحزاب السياسية اليوم في المملكة ضعيفة في مجال تأطير المواطن". أما على المستوى الخارجي، يوضح عبد العزيز قراقي، "يمكن القول إن الأحزاب السياسية التي نظن اليوم بأنها تقوم بدبلوماسية حزبية تفتقر إلى موارد مادية وبشرية، وإلى إطار قانوني يمسح لها القيام بهذه المهمة. ذلك أنه إذا استثنينا العلاقات الحزبية، التي توجد في إطار منظومة الأحزاب الاشتراكية على المستوى العالمي، أو العلاقات التي تجمع مكونات اليمين، في إطار ما يسمى بأحزاب الوسط، التي تعتبر إطارا تنتظم داخله مكونات سياسية، خاصة تلك التي لها انتماءات إما في الوسط أو اليمين، فإن الأحزاب السياسية ببلدنا لا تستطيع أن تتخذ المبادرة، ولا تستطيع أن تقوم بدبلوماسية حزبية حقيقية". وأرجع ذلك لأسباب أولها أن "هذه المكونات تعوزها الموراد المالية، وتفتقر لإطار قانوني يسمح لها بذلك، كما تفتقر إلى موارد بشرية قادرة على اتخاذ المبادرة، وعلى تقديم برامج تخدم مصالح الحزب، وتساعده على التملك والتوفر على علاقات خارجية منتظمة ومنضبطة بشكل يخدم مصلحة الحزب والبلاد، بصفة عامة". واضاف أستاذ العلوم السياسية، أن "الكثير من المواقف أظهرت، أحيانا، أن الأحزاب المغربية في العلاقات الدولية ما زالت ضعيفة، وفي حاجة إلى تقوية قدراتها". ويبقى السؤال المطروح، حسب قراقي، هو ماهو المخرج من هذه الوضعية؟ وهل يمكن تقديم تصور لحلول تساعد المكونات السياسية على الخروج من هذه المعضلة؟". واضاف "أعتقد أن هذا الأمر ممكن"، مشيرا إلى أن ذلك "يتمثل في تمكين الأحزاب من موارد مالية وبشرية مهمة، قد تضعها الدولة رهن إشارة هذه المكونات، ومساعدتها بتوفير إطار قانوني يسمح لها بالعمل على المستوى الخارجي". * موقع " إيلاف "