يتساءل كثير من المغاربة إن كانت مسيرة الدارالبيضاء تعبيرا صريحا وواضحا عن وطنية الأحزاب السياسية المغربية ، ومن منظوري الخاص فالحديث عن قضية الصحراء يحتاج إلى شيء من الصراحة ، لذلك فالمسيرة لا يمكن أن تكون تعبيرا عن الإخلاص والوفاء للوطن إلا إذا كانت صادرة عن إرادة قواعد الأحزاب، وكذلك إرادة والمواطنين. أما أن تكون المسيرة بأمر من وزارة الداخلية ، فلا أعتقد أن مفاهيم مثل الوطنية تصدق للحديث عن هذا التظاهرة ، إلا إذا كانت القطاعات المختلفة التي شاركت مدعوة للتعبير عن الوحدة الوطنية . وإذا كانت الأحزاب مدعوة للتعبير عن هذا الإجماع أولى بها أن تنظم المسيرة في مدينة العيون وليس في مدينة الدارالبيضاء ، حتى نعلم حجم منسوب هذه الوطنية . فعندما نسمع إدريس لشكر ، منسق المسيرة ، يتحدث بتلك اللغة ، نتأسف أن يتحول سياسيونا ومثقفونا إلى " رموت كنترول " ، وأول الخطوات التي يجب أن نقوم بها الآن هو إزاحة الانتهازيين الذين استغلوا قضايانا ، والذين أخذوا منها الكثير ، دون أن يدفعوا ثمنا في سبيلها . وأن يعاد النظر في كل اللجان والجمعيات التي تتحدث عن الصحراء ، واستغلتها للإثراء غير المشروع ، وكذلك إعادة اختبار وطنية كل العائدين ، ومع أنني متفق مع مقولة " إن الوطن غفور رحيم " ، وأنه لا بد من فتح سجل العفو والمصالحة ، فإنه ينبغي التمييز بين من يجب أن يعفى عنهم ومن لا يجب تمتيعهم بهذه الخصلة الأخلاقية . والمغرب في هذه الحالة أمام مأزق يتطلب منه التحلي بالشجاعة الكاملة في تجاوزه ، هل سيقبل المغاربة أن يتعايشوا مع من حاربهم وأسرهم وذبحهم ؟ ، وإذا كان ذلك ممكنا ، فلماذا لم يصدر أي عفو عن السلفيين الذين تراجعوا عن أفكارهم وعبروا عن وطنيتهم في كثير من النداءات ؟ وهم ما ذبحوا أحدا ولا قتلوه . وإذا كان ممكنا اختبار وطنية العائدين ، لا بد أن نساءل كل من الحضرمي و وكجمولة بنت أبي ، وعم أمينتو حيدر ، باشا الداخلية ، وأن ندعوهم أن يخرجوا في مسيرة من مدينة العيون ويرفعوا شعارات طبق الأصل للشعارات التي تم ترديدها في مسيرة الدارالبيضاء . ندرك جيدا أن المغرب يعيش مشاكل كثيرة تراكمت عليه ، وارتبط بعضها بالبعض الآخر ، وانعكست سلبا على الروح الوطنية للمغاربة ، ويحس بذلك كل أبناء الوطن ، سواء الذين ينتسبون للأحزاب ، أو الذين يعملون داخل جهاز الدولة ، فهؤلاء جميعا يلعنون الوطن في سريرتهم . المطلوب اليوم من المواطنين المغاربة هو المصالحة مع أنفسهم ووطنهم ، والمطلوب من الدولة المغربية إنهاء جميع مشاكل الداخل ، وذلك من أجل التفرغ لقضية الصحراء ، والمطلوب من الجميع دولة ومواطنين أن يراجعوا ذواتهم ، لنتمكن حكاما ومحكومين من تحقيق الوطنية الحقة . * معتقل سابق في ملف السلفية ومراسل مجلة المجتمع