لو تنازلنا عن تكبرنا قليلا وتبادلنا الأدوار مع الأطفال لتعلمنا الكثير، لكننا للأسف متسلطين، نصر دائما على أننا الأصح، ونلزمهم بقواعدنا دائما، ولا نمل حتى نحولهم إلى نسخ غبية مليئة بالثقوب والندوب مثلنا.. عندما أراقب الأطفال وهم يلعبون، أتذكر حكاية ذلك البطل العظيم الذي احنى هامته ودخل الى مدرسة النمل، فتعلم درسا غير وجه التاريخ، وأعاده الى ساحة المعركة، حيث طبق الدرس الذي علمته اياه النملة ولم يخرج منها إلا وهو متدثرا برداء النصر. قرأنا هذه الحكاية، ولا تزال تلك الصورة التي رسمت على صفحة القراءة للقائد العظيم مرسومة في ذاكرتي، لكننا نسينا العبرة. أطفالنا يلعبون ويتعاركون أحيانا، وقد يضرب بعضهم بعضا، لكنهم عندما يدخلون بيوتهم في المساء، يغسلون أجسامهم الصغيرة من آثار معاركهم اليومية، ويأكلون ما يجدون، وقبل ذلك ينسون أنهم ضربوا أو ضربوا، ويغرق ليلهم في نوم عميق. لكننا نحن الكبار، قد نقضي يوما مليئا بالأحداث السعيدة، أو العادية على الأقل، وعندما تمر بنا مشكلة، قد لا تحتل إلا لحظات في الزمن، نصر على أن نجعلها تحتل بقية اليوم والليل أحيانا، وقد نصنع منها غبارا ساما ننفثه في وجه كل من يقابلنا، ونجعل الجميع يدفع ثمن ما حدث، قد نحتاج الى التضحية بالقسط الكبير من أعمارنا قبل أن نكتشف كم كنا مغفلين