لقد إنتقل العالم اليوم نحو أفاق جديدة , حيث التكنولوجيا الرقمية بدأت تكسر كل الجدران . بدأت تكسر التصورات التقليدية للمكان والزمان والسياسة وكل شيء . ليس من الضروري في هذا الزمن أن تتحمل تعب السفر كي تزور بلدانا كثيرة وتفتح أبواب علاقات إنسانية جديدة , بل يكفي لذلك أن تجلس في غرفة دافئة في البيت ممددا على سرير أمام شاشة جهاز إلكتروني . لم يعد من الضروري أن تشتري جرائد كي تعرف الأخبار أو تزور المكتبات , بل يكفي أن تضغط على بضعة أزرار حتى تأتي إليك كل أخبار العالم وكل المجلدات والكتب في كل المجالات . الأمر يتعدى ذلك بكثير جدا جدا . ليس من الضروري أن تملك مقرا وتجري وراء تراخيص إدارية من أجل التعبير عن الأراء في إطار أحزاب سياسية , ليس من الضروري الدخول في الحلقات المفرغة للأنظمة القمعية . إن بعض المواقع الإلكترونية اليوم لها من التأثير المجتمعي والسياسي أكثر مما لأحزاب وجمعيات مدنية كثيرة . لقد أفقد الإنترنيت السلطات الديكتاتورية كثيرا من أسلحتها . فلا يمكن للدولة مثلا , أن تحاكم مجموعة من الأشخاص الذين يجلس كل واحد في منزله بتهمة التجمع الغير مرخص له , أو أن تفرض على المواقع الإفتراضية قيودا وتمارس عليهم قمعها ما داموا كلهم أو غالبهم هم أشخاص إفتراضيون في مساحة إفتراضية . إن أصنام السلطات القمعية للدولة تهاوت تماما أمام سلطة الإنترنيت. هنا سنتحدث عن موقع البالتولك وحضور المغاربة فيه , وإن كان الإنترنيت لا يزال حديثا دخوله إلى المغرب ولا زال يوسع جسده , إلا أنه بدأ يكتسح مساحات شاسعة بسرعة فائقة . حيث مثلا فاقت غرف المغاربة أكثر منثمانين غرفة على البالتولك بينما لم تتعدى غرف الجزائريين 3 غرف . بل فرنسا وصلت أحيانا فقط لما يقارب ثلاثين غرفة بين جنباته . على هذا المنبر يمكن أن تعرف التفكير الجمعي المغربي والشعور الحقيقي لهم بدون خطوط حمراء , حيث تبرز فيه كل شرائح المجتمع وطبيعة وعيها . على هذا المنبر تتلون غرف المغاربة بمرجعيات مختلفة , تتعدد التوجهات والأهداف بعيدا عن البروتوكول أو الخوف من مواجهة ردود فعل المجتمع . إنه يمكن إعتبار كل غرفة حزبا سياسيا أو تجمعا له قواسم مشتركة كمكونات ونسيج المجتمع المدني تماما . ثمة غرف إسلامية مثلا تدافع عن الدين الإسلامي بنظر مؤسسيها سواء ضد الشيعيين أو المسيحيين أو اللادينيين . ثمة غرف معارضة للنظام المغربي جملة وتفصيلا وتعبر عن أرائها بكل حرية تاركة معطف الخوف جانبا , ثمة غرف أخرى تأسست فقط للدفاع عن خطوط المخزن أو فقط ضده , بل ثمة حضور للمخزن في البالتولك أيضا... هنالك غرف للمثليين الجنسيين للدفاع عن أفكارهم في مجتمع إسلامي لا يمكنهم البوح بتصوراتهم فيه علانية , ثمة متنصرين أو فئات تجتمع هناك وتلتقي دفاعا عن نظر ما . للغرف توجهاتها , وكل غرفة على حدة يصبغها توجه معين , قد يكون أحيانا فقط عبثيا أو لا أخلاقيا أو للمزاح ... إن لكل الغرف أو غالبيتها أشخاص , بعضهم أصبح مشهورا أكثر من نار على علم وأصبح له معجبون ومتتبعون , من هؤلاء الأسماء أيضا من أصبح يعتبر ظاهرة لوحده . بل من الأشخاص من قد يكون له تأثير أكثر من بعض الجرائد المطبوعة و الكتب المنشورة . لكنه أحيانا تذهب طاقات تلك الأسماء أدراج الرياح لأنه حتى ولو بلغوا مكانة عالية في النقد والتحليل فإن كلامهم ونقاشاتهم يستمر ككلام المقاهي والحانات . كلاما لا يتعدى الكلام إلى الفعل , ربما سيتظور الأمر لاحقا , من يدري ؟ عادة فإن وقت البالتولك وغرفه تكون حركية أكثر في المساء والليل حيث يجتمع هنالك كل المغاربة من كل أنحاء العالم , طبعا , أكثرهم يستعمل أسماء مستعارة حتى لا تطاله وطأة النظام , رغم أن البعض يفضل استعمال الأسماء الحقيقية بل الصور الشخصية أيضا . الغرف الملونة هي مدفوعة الأجر حتى يتمكن المغاربة في المغرب من فتحها والولوج إليها . صباغة الإسم الشخصي أو إسم الغرفة يتطلب مبالغ تختلف من حالة إلى أخرى ومن لون لآخر . ليس طبعا كل غرف البالتولك ذات قيمة نظرية ومعرفية , لكن بعضها يمكن إعتباره حركة سياسية قائمة الذات . Maroc Sou9 Lkalb Avec Bogos Wa 500 user تعتبر غرفة سوق الكلب من أشهر غرف المغاربة , حيث يصل عدد زوارها إلىخمس مئة زائر , من مؤسسيها شخص إسمه الإفتراضي بوكوس , يقدم نفسه بملك البالتولك , يمتلك قدرة في الحكي العفوي والسرد , يمكن إعتبارها موهبة خطيرة . ورغم أنه يتحدث عن تجاربه الشخصية لساعات طويلة دون توقف وعن ذكرياته فإنه بالإمكان اعتباره أيضا أكثر حجاجا وبلاغة من رؤساء أحزاب سياسية كثيرة . بوكوس أو ملك البالتولك يعيش في اليابان كما يقول . لكن هذه الغرفة وإن كانت شعبوية مليئة بالشتائم والكلام النابي فإن عدد زوارها يبين قربها لعقلية المجتمع المغربي , وتمثيلها لطبيعة شريحة مغربية عريضة . ويمكن التدليل على ذلك بالفيديوهات التي أنتجت عن شخصية بوكوس الأكثر حضورا في غرفة سوق الكلب . وكما هو الحال بين الجمعيات والأحزاب في المغرب فإن الصراع بين غرف البالتولك فيما بينها قائم على أشده . حيث يصل مثلا الصراع بين شخصية بوكوس وشخصية الهاندسوم التي تعتبر من الأكثر حضورا في غرفة طلع دافع على راسك . بل نشير هنا للانشقاقات التي تطال الغرف كانشقاقات الأحزاب . Maroc usa canada europe and the world liberty تعتبرالغرفة فضاءا للتعبير عن الأفكار بكل حرية , ولكل الإتجاهات حضور بها . مسيروها علمانيون أغلبهم , يعترف بعضهم بالإلحاد , وما يعرف عنها هو إدارتها للنقاشات البناءة وعدم إقصاء الرأي الآخر . للقضية الصحراوية وشؤون الوطن مكان في حواراتها أيضا . من بين المواضيع التي طرحت للنقاش مؤخرا: العلمانية أم الشريعة - قضية أمينتو حيدر - الأمهات العازبات - النظام المغربي - الصحافة المستقلة . ALIslam Yatamajjad Fel Maghrib الإسلام يتمجد في المغرب من الغرف الأكثر زيارة أيضا . هم موجودون للدفاع عن العقيدة ولمواجهة الحملات التنصيرية من جهة والملحدين أو اللادينيين من جهة أخرى . إنها طريقة جديدة للترويج للإسلام والدعوة بطريقة حديثة وللرد عن المعارضين للإسلاميين . لكن ما يؤخد عليها أنها صوت واحد فقط . أي أنهم لا يسمحون للمسيحيين أو أتباع العقائد الأخرى من الحديث في الغرفة , إذ بمباشرة ظهور أحد تلك الأصوات إلا ويتم منعه من الدخول إلى الغرفة بطريقة أوتوماتيكية . وبالتالي يكونون كمن يرد على نفسه . Royaume Du Maroc contre l algerie Ultra Nationaliste Sahara Marocain Sawt A7rar ثمة غرف لمن يدعون الوطنية أي أنهم ملكيون أكثر من الملك وهم يمكن إعتبارهم من المحافظين المغاربة , نقاشاتهم تتوجه في غالبها ضد الجزائريين أو النظام الجزائري , بل كل نقاشاتهم تكون عادة حول قضية مغربية الصحراء ودور الجزائر الخطير في افتعال المشكلة ... من هذه الغرف السالفة الذكر هنالك ماروك ضد ألجيري , وغرفة إيلترا ناسيونالست .من أشهر الأسماء المدافعة عن قضية الوحدة الترابية هناك كابيتان و شوبينيط حيث دخلا مؤخرا في مناظرة مع البوليزاريو التي متلهاالمسمىالرغيوةو حضرها أزيد من مئتي شخص. Maroc Cafe Dar Badi3a تعتبر غرفة كافي دار بديعة من الغرف الدائمة حضور الزوار . هذه الغرفة مشهورة بالفري فون حيث يستعملون السكايب لمكالمة الناس هاتفيا . يطلبون الأرقام بشكل عشوائي أو يطلبونه من الزوار ويبدؤون بممارسة الشتائم والتهكم والإحراج أمام مستمعي الغرفة .غرفة كافي دار بديعة لا تخلو من صراعها مع الآخرين أيضا , فهي تشن حربا هوجاء ضد شخصية الهاندسوم ويتهمونه بالإنحلال الأخلاقي وبترويجه للدعارة . Maroc tla3 dafa3e 3ala rasak mazyaane maroc من الغرف الشعبية , ثمة غرفة طلع دافع على راسك التي يديرها الهاندسوم والتي يروج فيها كل أنواع الكلام الذي يعتبره المجتمع فاحشا . هي معروفة بصراعها الدائم مع غرف أخرى . إن شعبية الغرفة مؤشر صريح على تفكير متتبعيها وعلى قسم معين من فئات المغاربة المتنوعة . Dr Professor BOSTON55 على البالتولك هنالك حضور لغرفة مغربية معجبة ببوسطن , وبالمناسبة فبوسطن كان أستاذا في المغرب وهو دائم الحديث في كل المواضيع السياسية والإقتصادية والإجتماعية وغيرها , وهو مزاجي يتكلم لوحده في غرفته ولا يسمح للآخرين بالتعبير, بل يقاطعهم دائما . هو شخص في الخمسينات من عمره . المؤسف أن مثل كل تلك الأفكار والتصورات يروج فيها كل أنواع الكلام الذي يعتبره المجتمع فاحشا . ربما يحتاج الموضوع إلى نضج وسيرورة أكثر . للمثليين المغاربة حضور في غرف البالتولك حيث يدافعون عن شرعية وجودهم وعن حقوقهم بدون خطوط حمراء أو خوف من المجتمع وقوانين الدولة ... خلاصة على البالتولك يمكنك ان تفهم كيف يفكر المغاربة بصراحة دون أقنعة . فأنت تسمع كل الأراء المتعددة في الغرف المتعددة في مجالات متعددة . المواقف الواضحة من مواضيع حساسة يدور النقاش حولها في المغرب , حول الملكية وإمارة المؤمنين والدين الإسلامي وحرية التعبير وحقوق الإنسان وغيرها ...إنها تفتح أفقا جديدا لتصور نضالي وفكري مختلف تماما عن الفعل الحزبي التقليدي . لا يعني هذا أن ثمة فائدة من الغرف غالبها , بل إن بعضها فقط , ما ربما يمكن إعتباره مدرسة تقدم المعرفة في الوقت الذي تقدم فيه الرأي الآخر . وهذا طبيعي جدا , فمستعملو النت ليسوا بالضرورة من الأنتلجانسيا أو ممن يهتمون بالفكر والسياسة والمجتمع , ولكل زائر إفتراضي تطلعاته وما يبحث عنه . فغرف كثيرة متخصصة فقط في النكت والضحك الشعبي , حيث تلعب دور المقهى تماما . إنها فعلا غرف كثيرة وأنت تختار رفاقك الإفتراضيين في أي بيت تريد الذهاب وما الذي يبحث عنه كل واحد منا . ورغم ما يؤاخذ عنها , لكنها فعلا تشكل شوكة في حلق النظام لأن بعضها يساهم بشكل فعلي في تغيير الأراء وفي التعبير بكل حرية . وهي غرف لا يمكن إيقافها إلا بحجبها وهو ما يؤثر سلبا على صورة المغرب الحر في الخارج , لذلك فالسلطات تتفادى ذلك بقدر المستطاع . كما أنها تبقى غرف تمنح الفرصة لكل فئات المجتمع من التعبير بكل حرية ونشر ثقافة الإختلاف . مراسل مرايا بريس في البالتولك