لم تتميز احتفالات صحراويي جبهة البوليساريو هذه الأيام بما يسمونه ذكرى الوحدة الوطنية بشيء أكثر من تعالي صوت المطالبة القوية بالعودة إلى الحرب من أجل استرجاع الصحراء الغربية التي تتنازع عليها مع المغرب. واختار صحراويو الجبهة من أجل "قرع طبول الحرب" عددا من الفنانات اللائي أنعشن سهرات ليلية أمام مئات المقاتلين وعشرات الشباب الآخرين، وصدحن كثيرا بمطالبة المقاتلين بإنهاء حالة اللاحرب، والعودة القوية إلى حمل السلاح، وسط حالة شديدة من الحماس في صفوف المقاتلين. وتجري الاحتفالات في منطقة ميجك الواقعة في الصفوف الأمامية وعلى مقربة من القواعد العسكرية المغربية المرابطة على طول الجدار الرملي العازل بين الجزء الواقع من الصحراء الغربية تحت السيادة المغربية، وبين ما تصفها الرباط مناطق عازلة، وتعتبرها البوليساريو مناطق محررة. والجدار الأمني العازل هو عبارة عن مرتفع رملي بناه الملك المغربي الراحل الحسن الثاني على طول يناهز 2700 كلم، ومزود بكاميرات وأجهزة مراقبة. وتنتشر القواعد العسكرية المغربية على طوله لصد أي هجوم للبوليساريو التي تحظى بدعم الجزائر وتتخذ من ولاية تندوف جنوبالجزائر مقرا لها. هدوء قبل العاصفة ولئن كان المحتفلون يؤكدون أن قرار العودة إلى الحرب لم يتخذ على مستوى الهيئات القيادية في البوليساريو، فإنهم يجزمون مع ذلك أن حالة التعبئة والحشد لهذه الحرب سواء في أوساط المقاتلين أو حتى بين صفوف المدنيين تبدو غير مسبوقة، مما ينذر بأن الفترة القادمة قد تكون الأكثر خطورة وحساسية. ويقول لحريطاني لحسن المستشار الإعلامي للأمين العام لجبهة البوليساريو إن المؤتمر العام قرر أن تكون السنة الحالية سنة تعبئة وتدريب واستعداد للحرب فنيا ولوجستيا ومعنويا، مع إعطاء فرصة لمتابعة المسار التفاوضي الحالي. وعبر لحريطاني للجزيرة نت عن اعتقاده بأهمية مؤتمر الجبهة الذي سينعقد العام القادم لأنه سيتخذ القرار النهائي بهذا الخصوص، وجزم بأنه في حال فشل مساعي الأممالمتحدة لحل النزاع فإن الجبهة ستكون حينئذ مرغمة على استئناف العمل العسكري. اكتتاب وتدريب ويؤكد القائد العسكري لمنطقة ميجك حمدي الخليل اعل مياره للجزيرة نت أن قواته (على مستوى المنطقة) كثفت السنة الحالية تدريباتها واستعداداتها لتطبيق أي قرار سياسي يتخذ بشأن الحرب، مضيفا أنه تم خلال العام الجاري اكتتاب عدد كبير من الطلبة المتخرجين في صفوف مقاتلي منطقته العسكرية. وتقول تقارير صحفية إن عدد مقاتلي جبهة البوليساريو وصل قبل وقف إطلاق النار عام 1990 إلى نحو 30 ألف مقاتل، لكن نفس التقارير تؤكد أن العدد تقلص بعد انتهاء الحرب إلى نحو 10 آلاف. لكن ولد اعل مياره يرفض أي حديث عن أعداد المقاتلين، وعن نوعية الأسلحة أو الاستعدادات المتوفرة لديهم لخوض أي حرب قادمة مع المغرب الذي طور ترسانته العسكرية في الفترة الأخيرة بشكل كبير. في المقابل يقول لحريطاني لحسن استنادا إلى قادة عسكريين ميدانيين إن أعداد الجيش اليوم أكبر بكثير مما كان عليه الحال قبل وقف إطلاق النار. وجزم بأن لا وجه للمقارنة بين ما كان عليه الحال حينها، فالجيش حينها كان عبارة عن مجموعة من الثوار تتوفر على أسلحة خفيفة فقط، بينما يتوفر الجيش اليوم على مختلف أنواع الأسلحة من صواريخ ودبابات وناقلات جند، فضلا عن تدريبات عالية ومعنويات مرتفعة.