عضو الرابطة المغربية للصحافة الإلكترونية أصبحت المواقع والبوابات الإلكترونية المغربية ذات الطابع الإخباري والإعلامي في تزايد ملحوظ خلال هذه السنوات الأخيرة، حيث فاق عددها المائة. ومع هذا الانتشار الواسع الذي عرفته الصحافة الإلكترونية، خصوصا في ظل الثورة التكنولوجية والرقمية التي عرفها العالم بشكل عام والمغرب بشكل خاص، تزايدت مصداقية هذه المواقع الإخبارية الإلكترونية، فاستطاعت بذلك أن تفرض نفسها إلى جانب باقي وسائل الإعلام بصفتها وسيلة إعلام جديدة، فأصبح لهذه الوسيلة قراؤها ومتتبعوها، كما هو الحال بالنسبة إلى الصحافة المكتوبة، بل أكثر من ذلك هناك من أصبح يعتبرها منافسا قويا للصحافة الورقية، في حين حدد آخرون سنة 2020 كآخر أجل ستختفي خلاله الصحافة الورقية بشكل نهائي... اكتساح الصحافة الإلكترونية للمشهد الإعلامي المغربي وتزايد ثقة القراء بها وبقوة تأثيرها... كل هذه العوامل ساهمت في الاعتراف بهذه الوسيلة الإعلامية الجديدة من طرف الفاعلين والخبراء في مجال الصحافة والإعلام، كما ساهمت هذه العوامل كذلك في استقطاب هذه الوسيلة لعدد كبير من القراء الذين أصبح معظمهم يفضل الاطلاع على آخر مجريات الأحداث والأخبار من خلال الصحف الإلكترونية عوض الصحف الورقية. أمام هذا الانتشار الواسع لهذه الوسيلة الإعلامية الجديدة، أصبح من الضروري تأسيس منظمة تشرف على تأطير وتنظيم هذه المهنة الجديدة، وهو الشيء الذي تحقق يوم 03 ماي 2009، حيث شهد هذا اليوم تأسيس الرابطة المغربية للصحافة الإلكترونية، وهي عبارة عن مركز يتوفر على أجهزة مختلفة، مركز جاء للدفاع عن حقوق الصحفيين الإلكترونيين والمساهمة في تقديم قانون تنظيمي وترسيخ أخلاقيات المهنة وتنظيم دورات تكوينية للصحفيين المشتغلين في هذا المجال... لكن للأسف الشديد، معظم هذه الأهداف التي وضعتها الرابطة ضمن أولوياتها ظلت حبرا على ورق، وذلك لأن الأخيرة لا تتوفر على عصا سحرية لكي تنجح في تحقيق كل هذه الأهداف لوحدها دون شركاء رسميين... الكل يعلم، بطبيعة الحال، أنه في المغرب توجد وزارة اسمها وزارة الاتصال، لكن لا أحد يعلم حقيقة الأدوار التي تقوم بها... في الدول العربية الشقيقة، يوجد مسؤولون بوزارة الإعلام مكلفون بالصحافة الإلكترونية، يعقدون اجتماعات مع مدراء المواقع الإخبارية الإلكترونية ويتدارسون مستقبل هذه الوسيلة الجديدة، بل هناك دول نجحت في إخراج قانون خاص بالصحافة الإلكترونية إلى حيز الوجود، وذلك وعيا منها بأهمية هذه الوسيلة وقوة تأثيرها التي يرى فيها خبراء الميدان صحافة المستقبل، ويمكن الاستشهاد هنا بالمملكة العربية السعودية التي يعقد بها وزير الثقافة والإعلام اجتماعات منتظمة مع كل الشركاء والمعنيين بالأمر. وبفضل هذه الاجتماعات، حصلت أغلب المواقع الإخبارية على رخصة العمل بشكل قانوني. وقد صرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الثقافة والإعلام السعودي السيد عبد الرحمان الهزاع، خلال اجتماع عقد السنة الماضية مع ممثلي الجرائد الإلكترونية، بأن «تنظيم الصحافة الإلكترونية لا يعني الحد من حريتها أو تقييدها، بل الهدف هو التنظيم». لكن ببلادنا المغرب، لازلنا نتساءل متى ستغير وزارة السيد خالد الناصري من تعاطيها المتشدد مع الصحفيين، فتنهج عوض ذلك أسلوب التواصل والحوار، للرفع من مستوى إعلامنا بشكل عام، والصحافة الإلكترونية بشكل خاص. ربما لا تعلم وزارة الاتصال أنه بتجاهلها للصحافة الإلكترونية يمكن أن تحدث سيناريوهات خطيرة قد تسيء إلى بلادنا، ربما لا تعلم وزارتنا أن غياب قانون ينظم هذه الوسيلة الجديدة لا يساهم سوى في تزايد الفوضى والخرق السافر لأخلاقيات مهنة الإعلام.. أتساءل هل يعلم السيد خالد الناصري أن هذه الوسيلة الجديدة أصبحت مصدرا موثوقا للصحفيين الأجانب ولكل باحث عن أخبار المغرب عبر الأنترنيت، فماذا لو كانت هذه المواقع تقدم أخبارا زائفة وتشوه صورة المغرب... أيعلم السيد الوزير أن بعض المواقع الإخبارية لا تختلف كثيرا عن المواقع الإباحية، وذلك لكون هذه الأخيرة تنشر ثقافة جنسية خاطئة وصورا مخلة بالأدب يمكن أن تفسد جيلا بكامله... أيعلم السيد الوزير أن مهنة الصحفي الإلكتروني أصبحت مهنة من لا مهنة له، يحصل مزاولوها من خلالها على أموالٍ اللهُ وحده يعلم مصدرَها، حيث أصبحنا نجد كل من هب ودب يطلق على نفسه لقب صحفي إلكتروني، فيقدم مواد فاسدة وملوثة دون رقيب ولا حسيب... أيعلم السيد الوزير الذي يتحدث باسم الديمقراطية والقانون أن مختلف المواقع الإخبارية الإلكترونية تستعمل ثقافة الاستنساخ، وهو ما يتنافى مع أخلاقيات المهنة، كما أن قانون الصحافة والنشر والقانون المتعلق بحقوق المؤلف يعاقبان كل من يسرق مقالات وكتابات أدبية وينسبها إلى نفسه أو إلى موقعه دون الإشارة إلى اسم الكاتب والمصدر... أيعلم السيد الوزير أن معظم زملائه الوزراء أسسوا مواقع إلكترونية للتواصل مع المواطنين، وذلك إيمانا منهم بأهمية هذه الوسيلة ومدى فعاليتها وقربها من جميع الفئات العمرية وجميع الشرائح الاجتماعية، في حين أن السيد الناصري بصفته الوصي الأول والأخير على هذا المجال مازال منشغلا بمراقبة الصحافة الورقية والصحفيين والمدونين... أيعلم السيد الوزير أن الصحافة الإلكترونية ستكون خلال السنوات القليلة المقبلة وسيلة الإعلام الأولى والأكثر انتشارا... أيعلم السيد الوزير أنه متأخر جدا وبالتالي سيكون علينا جميعا معايشة معاناة ومخلفات هذا التأخر مستقبلا، أو بالدارجة «بارك علينا غير التأخرات ألي عايشينها فشلا حوايج عاد نزيدو الإعلام تاهوا». حقيقة، لا يمكن نكران الأدوار الإيجابية التي أصبحت تقوم بها الصحافة الإلكترونية ببلادنا، والتي لا تزيد الإعلام المغربي إلا فخرا واعتزازا، فهي تحاول رغم الصعوبات وضعف الإمكانيات تأدية مهمتها الإخبارية والإعلامية على أحسن وجه، معتمدة بدرجة أساسية على السبق الصحفي باعتباره أهم خصوصية تتميز بها هذه الوسيلة الجديدة، ويمكن الاستشهاد هنا بخبر انهيار مسجد البرادعيين بمكناس، والذي يرجع الفضل في انتشاره إلى إحدى الجرائد الإلكترونية المحلية، لتتناوله بعد ذلك باقي المنابر الإعلامية، إضافة إلى كون الصحف الإلكترونية المغربية كانت هي أول من تداول الحملة الشرسة التي استهدفت المرأة المغربية... إذن، الرسالة واضحة والدولة المغربية بكل أجهزتها «بغات ولا كرهات راها داخلا داخلا لعالم المعرفة والإعلام، وما علينا إلا أن نكون في مستواه أوْلاَ غيفوتنا التران».