ماأقصر حبل الكذب خاصة في عصرنا الحالي , عصر السرعة في إنتاج الصناعة وتوزيعها وفي إنبات الفلاحة وإنتاجها ثم في صنع المعلومات وإيصالها ! ما أروع أن تكون مستوعبا لفلسفة سرعة هذا العصر وملما بميكانيزمات مسايرتها بل ومتحكما في محركاتها حتى لو لم تكن ممن أنتجوها ووضعوا معادلاتها !هو حال دول حققت الإقلاع في ظرف نصف قرن بإمكانيات محدودة لكن بإرادات حقيقية في التغيير تزاوجت فيها ثورات شعبية واعية بذاتها ولذاتها وقيادات وطنية متنورة . لكن ماأغبى ومأسخف ألا تكون واعيا بهاته الحقائق وأنت تستهلك كل إنتاجات هذا العصر الرقمي في حياتك اليومية متنقلا بين القارات قبل أن ترتد إليك أطرافك أو جالسا فوق ثقب مرحاضك المنزلي وأخبار الكون تنهال عليك بلمسة زر! هو حال أمم " تقولبات " يوم انتفضت ضد مستعمريها بالفطرة وتآمرت قياداتها بالفطنة وتسلمت سلطة السياسة واقتسم المتعاهدون سلطة الإقتصاد فيمابينهما ليبقى حال التبعية على ماهو عليه حتى إشعار آخر . ورغم ذلك فالمستعمر كالحديد فيه بأس شديد ومنافع للتاس .وحتى لانكون من نكاري الجميل يجدر بنا التذكير بمنافعه متى وجدت وهي كثيرة والحمد لله هذه الأيام . فلولا الإعلام الإسباني والفرنسي لبقينا في دار غفلون لاندري شيئا مما يجري في كواليس مسؤولينا واسرة نومهم . فالله تعالى وبركة أولياءنا الشرفاء سلط أقلام الإفرنجة على الماسكين بزمام أمورنا كريح صرصر عاتية تعري مؤخراتهم كما الدجاج كلما هموا بالكذب علينا وماأكثر أكاذيبهم وهم يعلمون . كلنا نتذكر أكاذيب أمير المؤمنين الحسن الثاني بشأن وجود السجنين الرهيبين تازمامارت وقلعة مكونة من على خريطة المغرب لكن صرخات الأحياء الموات المدفونين هناك لم تسمع إلا من أمواج إذاعة فرنسا الدولية نهاية الثمانينات . وكلنا يتذكر الحملة البلهاء ضد جيل بيرو صاحب الكتاب القنبلة " صديقنا الملك " حين أرغم "ممثلو " الأمة على بعث رسائل التنديد بأكاذيب الكاتب الفرنسي لأنه عرى بعضا من حقائق دموية نظام "قائد الأمة العظيم ". نتذكر كذلك بمرارة ماسمي بأزمة جزيرة ليلى في يونيوه 2002 لما طرد جنود إسبان جنودا مغاربة بشكل مهين من الصخرة فكان الإعلام الرسمي وجوقته المتملقة يعزفان انشودة النصر وتصرف جنودنا البواسل ( من لبسالة ) ومعهم نجاعة دبلوماسيتنا البكماء . لكن الإعلام الغربي فضح المستور وعرى كمارة الدولة المغربية التي نشطت في التمسكين والإستعطاف من أمريكا بالتدخل لوقف هذا العدوان لإنقاذ ماء الوجه بل وكشف أن لاأحد أراد إزعاج الملك في نومه في اللحظة التي سيطر فيها الإسبان على الجزيرة فبقى الجميع ينتظر إستيقاظ حامي الملة والدين من نومه العميق لينظروا ماهم فاعلون ! وها نحن نعيش حلقة أخرى من حلقات مسلسل فضائل ثقافة الشفافية الإفرنجية علينا في نفس المنطقة التي عرفت أزمة تورا أو ليلى , لافرق مادامت أرض معلقة , وفي نفس الشهر يونيو كذلك . ورغم إختلاف الأحداث وحيثياتها شكلا واختلاف التواريخ فالشخصيات الرئيسية لم تتغير ومضمون الحبكة المسرحية مازال مسترسلا بسلاسة ووقاحة قل نظيرها . فجأة وكالمعتاد حيحت وكالة لاماب و براح النظام وكذابها الأول على البوليس الإسباني واتهمته بسوء معاملتهم لمواطنين مغاربة في معبر مليلية ! كأن المعاملة المهينة تقع أول مرة . بل لم تنسى التضامن مع الأفارقة الذين تركوا لمصيرهم وسط البحر المتوسط . إوا إنسانية هذي لي هبطات على قلوب المسؤولين فجأة !! وكعادة كلاب الأحياء الذين يرددون نباح كبيرهم حتى بدون معرفة الأسباب , شنت قنوات البريهي وعين السبع ومن تبعهم بنية أو بسذاجة هجومها الدونكشوتي على البوليس الإسباني بالخصوص . وحرك الشيوخ والمقدمون قواعدهم الوفية في البداية ليلتحق الوطنيون بحسن نية بالمحتجين . وكان التأطير ذكيا هذه المرة حتى لايخرج شكل الإحتجاج عن المسار الذي خطط له ويتحول إلى حركة شعبية حقيقية قد تاتي بما لاتشتهي مصالح مهندسي المخزن المجاهد . لما بدأت نتائج الإحتجاج المفبرك تؤتي ثمارها بخنق جزء من الحركة الإقتصادية في مليلية المحتلة وبدأ التفكير في أشكال تصعيدها وتعميمها على سبتةالمحتلة كذلك , توقف كل شئ فجأة مثلما بدأ بدعوى تفاد معاناة إخواننا المغاربة في المدينةالمحتلة من قلة المواد الغذائية خاصة وشهر القس رمضان على الأبواب . ها رمضان غايخرج أو غانشوفو أش غايوقع !! وقبل خروج رمضان ليظهر الحق ويزهق الباطل كان الفرج كما العادة من صحافة الإسبان . " كل الهايلالا والغوغاء التي ابتدعها المخزن لدفع قطيع الرعاع للإحتجاج أمام معبر مليلية كذب في كذب . والجقيقة أن الملك إنزعج من حوامة عسكرية إسبانية نغصت عليه الإستمتاع بشمس سواحل الحسيمة فوق الإيلخت الملكي " !!! هكذا أسر سباطيرو رئيس الحكومة الإسبانية لصحافيي بلاده الذين رافقوه في زيارته لليابان لأن هذا الأخير يحترم مواطنيه ويعرف أنه من الواجب عليه إخبار الإسبان بدون إستثناء بكل تفاصيل مايحدث داخل كواليس الحكومة . تمنينا ان يكون الإسبان مخطئين ويخرج براح أكاذيب الحكومة المغربية خالد الناصري ويكذب ماعتقدناه ترهات الصحافة الإسبانية , لكنه ضرب الطم وبلع لسانه ومعه كل الدولة المغربية وكأن الخبر الفضيحة لاتعنيهم مما يعني أن الرواية الإسبانية صحيحة . وهنا يحق لنا أن نتساءل رغم أن لاحياة ولاكرامة لمن ننادي عن مدى وطنية أصحاب القرار السياسي داخل النظام المغربي وجديتهم في الدفاع عن سيادة المغرب المقدسة على حدوده وإلا مامعنى توظيفها بمزاجية وجعل المغاربة حطب جهنم باسمها لمجرد إزعاج شخصي ليس إلا . ثم إن الصيغة التي تحدث بها الإعلام الإسباني عن الحادثة ملغومة سياسيا وخطيرة في دلالالتها الرمزية . فالصيغة تعني أن الملك محمد السادس إنزعج كإنسان من ضجيج المروحية العسكرية التي تحوم فوق الباخرة الملكية مثلما ينزعج أي شخص من ضجيج جيرانه وفقط - وهو مايفسر لجوء المسؤولين المغاربة إلى الكذب على الجميع – وليس إنزعاج سياسي من تردد مروحية عسكرية لدولة مستعمرة (بكسر الميم ) على صخرة مغربية مستعمرة (بفتح الميم ) أمام أعين من يشكل أعلى هرم السلطة في البلاد . لقد مرر الإسبان رسالتين بليغتين من خلال الخبر الفضيحة : الرسالة الأولى تعني أن لامصداقية لدى الإعلام العمومي المغربي ولااحترام لمواطنيه بل والإستخفاف بشعورهم نحو تراب وطنهم وسيادته وأن الحصول على يقين الأخبار لايتأتى إلا بالإدمان على المصادر الغربية وتلك طريقة اخرى في تشكيل وعجن عقلية تبعية على المقاس . الرسالة الثانية أن لامشكل سياسي عند الملك المغربي فيما يخص احتلال المدينتين المحتلتين والجزر الشمالية مادام لاينزعج لحالة الإحتلال بقدر ماينزعج لضجيج محركات مروحياته كان عليها أن تنتظر مرور سويعات استجمام الملك وتعاود اشتغالها بكل طمأنينة . رغم خطورة الموقف صام النظام وأبواقه عن الكلام مسلحين بموقولة كم من الفضائح نقضيها بالسكوت عنها ودفن خدامه الرؤوس في الرمال حتى ومؤخراتهم تعريها الرياح ويعبث بها الذباب . [email protected]