علاقة "دانون"، بالقانون: لا يستعجلن القارئ ولا يجهدن فكره في استكناه العلاقة في عنوان المقال بين القانون، و"دانون". فإن المطالع لبعض الجرائد الوطنية اليومية والمجلات الدورية تكفيه معطياتها ليعلم أن ورم الجشع المخزني سياسياً واقتصادياً في العهد الجديد قد انتفخ سرطانياً أضعافاً مضاعفة، وبشكل فجائي لم يحقق له القفز إلى المراتب الأولى لأغنياء العالم فقط، بل حافظ له على هذه المرتبة المتقدمة دولياً ذاتها حتى في خضم الأزمة الاقتصادية العالمية وأوجها. فنحن إذن في صميم صناعة سياسية واقتصادية واحدة، وتأميم مزدوج مطرد، وتسخير معمَّم، وتصحير مصمَّم، وابتلاع تمساحي بالجملة لا تعبير أدق ولا أجمع ولا أوجز ولا أبين ولا أوصف له من قولة اللسان المغربي العامي: «صْرْطَانْ، بْلاَ مْضْغَانْ». وليس «صْرْطَانْ» آخرِ طلعة إعلامية للناطق الرسمي باسم الحكومة الاثنين 05 يوليوز 2010 أولَ «صْرْطَات» عشرية العهد الجديد، فقد بات التأويل القانوني، وجدولةُ الخارجين على القانون، وتوزيعُ صكوك الخسران القانونية، ابتكاراً واحتكاراً مخزنياً عمت به البلوى على الملفق عليهم من الصحفيين والحقوقيين والسياسيين والإسلاميين في مغرب المفهوم الجديد للسلطة، وطقساً برتوكولياً واجباً ومعروف الإخراج والمآل جرت به العادة بين يدي كل ملهاة أو مأساة مخزنية جديدة وإثْرَها. فبعد أسبوع بالتمام من مناورات فاس الليلية الناجحة في إثبات استمرار جاهزية جهاز "زوار الفجر" وفاعليته المباغتة والسريعة والكاسحة وتفوقه الكبير على المغاربة أفراداً ومؤسسات، والتي أجرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية متجردة عن الزي الرسمي، ومنخلعة عن التعريف الاسمي، ومتحررة من الضوابط القانونية الروتينية، ودائسة الآداب والأخلاق الإسلامية واللاتينية، خرج المترجم المخزني اللَّسِن خالد الناصري يمارس طقس تزويرالوقائع الحية للحدث، والتي تتبع تفاصيلها الرأي الوطني والدولي في إبانها بفضل التغطية الذكية المتواصلة وشبه المباشرة من قبل جماعة العدل والإحسان. حيثيات، تفضح النيات: وقد كان من الممكن أن يؤتي بوتوكول الإفك هذا أكله لو تمت مزاولته قبل خمس حيثيات نشرتها وسائل الإعلام: 1- قبل ذيوع خبر فشل الاختراق الاستخباراتي المخزني لجماعة العدل والإحسان وافتضاحه في الإعلام الوطني عموماً، والدولي خصوصاً، والمحطات الفضائية بشكل أخص. 2- قبل مطالبة الجهات الحقوقية ذات الصيت الداخلي والخارجي وعلى رأسها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وزيري الداخلية والعدل والمدير العام للأمن الوطني ب«حمل المصالح المعنية على فتح بحث بشأن الظروف والملابسات التي صاحبت عملية الاختطاف هذه، والمتمثلة في ما ذكره البيان [بيان الناطق الرسمي لجماعة العدل والإحسان الذي يصف طريقة اقتحام الأجهزة الأمنية لبيوت المختطفين السبعة] من ممارسات مدانة بحكم ما ينص عليه القانون، وما تضمنه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان من حقوق وحريات، مع ترتيب الإجراءات القانونية اللازمة في الموضوع»، وب«العمل على وقف كل التجاوزات التي تمارس في إخلال واضح بالمشروعية القانونية، والكشف عن مصير المختطفين السبعة المذكورين، مع موافاة الجمعية بنتائج البحث والتحقيق». 3- قبل صدور تحليلات صحفية عن ذووي المصداقية المبدئية النضالية من أمثال محمد حافظ الذي وصف في العدد 112 من أخبار اليوم أسلوب "توقيف" أعضاء الجماعة السبعة من طرف الأجهزة الأمنية والمخابراتية، والذي لم يخرج في مجمله عن المعتاد المخزني البوليسي، من «ترَصُّد المعتقلين وضبط تحركاتهم، مباغتتهم في أماكن وجودهم، اختيار أوقات مبكرة حيث الناس نيام، اقتحام المنازل بأعداد كبيرة من عناصر الأمن بالزي المدني، شل حركة جميع الموجودين بالمنزل، الشروع في التفتيش "العام والشامل" للمسكن، ومصادرة محتوياته، من كتب ومطبوعات ووثائق وحواسيب وأقراص مدمجة وهواتف...، دون أن يعرف إن كانت تعود إلى الأشخاص المستهدفين أم إلى غيرهم من أفراد الأسرة، تعمد إبراز مظاهر القوة والترهيب والتخويف، عبر إشهار المسدسات، واستعمال العنف المادي واللفظي...». فهلا تفضل محتكر التمييز بين مستحقي الغفران ومستوجبي الخسران من الناحية القانونية التي فر بابنه المتلبس من تبعاتها، بشرح علاقة هذا الأسلوب بالقانون و«بتطبيق القانون والحفاظ عليه لا أقل ولا أكثر» بتعبيره هو في تصريحه الأخير؟! ونحن هنا نستعيد بعضَ ملاحظات محمد حافظ ، لندرك أن «الرواية "الرسمية" المروية من وكالة المغرب العربي للأنباء، توحي بأننا أمام قضية لا تحتمل أية خلفية سياسية؛ مواطن مغربي يتعرض لاعتداء، يتقدم إلى السلطات المعنية بشكاية حول ما تعرض له، متهماً أشخاصاً بعينهم. النيابة العامة تأمر بفتح تحقيق في موضوع الشكاية. الجهة المختصة بالبحث (الشرطة القضائية) تباشر عملها تنفيذاً لأوامر النيابة العامة... قد تكون هذه الرواية، كما تقدمها "لاماب"، وكما سيقدمها بعد ذلك مسؤولون حكوميون، ، صحيحة. [لاحظ صواب تحليل الرجل، فمستخلص ابنه ليلاً من يد القانون بمحاذاة البرلمان استند إلى رواية الوكالة الرسمية نفسها في إطار ما سميناه بممارسة طقس برتكولي مخزني معروف]. لكن ما جرى بمنازل "الموقوفين" في ذلك الصباح الباكر من يوم الاثنين المذكور يقدم ما يكفي من المبررات للتشكيك في هذه الرواية. إن الكيفية التي جرى بها اعتقال قياديي العدل والإحسان بفاس لا تستبعد أن للقضية خلفية سياسية. وإلا لماذا لم يتم سلك الطرق العادية التي تباشر في مثل قضايا الاعتداء التي يتعرض إليها المواطنون بشكل يومي في مختلف مناطق المملكة ومدنها؟! ألم يكن كافياً توجيه استدعاء بالحضور العاجل إلى المتهمين في الشكاية؟! وإذا امتنعوا عن الحضور، يمكن آنذاك اللجوء إلى توقيفهم ب"القوة"، وليس بالعنف، والاستماع إليهم من طرف الشرطة القضائية بفاس، ووضعهم رهن الحراسة النظرية إن اقتضى الحال ذلك، وتقديمهم إلى النيابة العامة بعد استكمال البحث معهم، وإحالتهم على المحكمة، وفي حالة اعتقال إذا اقتضى الحال مرة أخرى ذلك... لا أظن [الكلام لمحد حافظ] أنه، لو اعتمدت المسطرة، كما ينص عليها القانون، ستكون الوكالة الرسمية للأنباء مضطرة إلى إصدار "توضيح" بعد ذيوع الخبر. وإلا لماذا لا تبث، في كل وقت وحين، قصاصات عن كل الشكايات التي تباشرها الشرطة القضائية في ربوع المملكة»؟ ثم تطرق محمد حافظ إلى الكيفية التي تم اقتحام شقة الصحافي علي عمار، وإلى «ذهول الجميع للكيفية التي تعاملت بها الأجهزة الأمنية مع صحافيين، سواء في مقرات عملهم أو في مساكنهم أو في الشارع العام... وهو ما يجعلنا أمام "ممارسة منهجية"، تعتمدها الأجهزة الأمنية في قضايا محددة ومع أشخاص معنيين. ولذلك، لم يعد مقبولا السكوت عن هذه الانتهاكات التي يتعرض لها القانون من قبل أجهزة أمنية. فليس الخطر في أن ينتهك الأفراد القانون، وإنما الخطر الخطير هو أن يتم هذا الانتهاك الفظيع للقانون وللمساطر من قبل الأجهزة الأمنية، وعن سابق إصرار وترصد. وفي الواقع، يبدو أنه ما زال هناك إصرار على توظيف القضاء واستعماله في قضايا الصراع السياسي وتصفية الحسابات». 4- قبل مطالبة سبعين (70) منظمة حقوقية بوقف الملاحقة القضائية للصحفيين المغاربة، ورفضها المحاكمات الأخيرة ذات الدوافع السياسية التي يتعرض لها الصحفيين المغاربة نتيجة كتاباتهم الناقدة، والتعبير عن شعورها «بالقلق إزاء استهداف الصحفيين المستقلين من قبل السلطات»، واعتقادها بأن «توجيه اتهامات جنائية» إلى الصحافيين «له دوافع سياسية ناجمة عن كتاباتهم ومواقفهم المدافعة والداعمة لحرية الصحافة»، وإشارتها إلى «أن هناك واقعة مقلقة تبرز وحشية الشرطة» في قضية صحفي «بات عرضة للتحرش من قبل السلطات منذ أن نشر كتابه الذي ينتقد فيه الملك محمد السادس "سوء الفهم الكبير" الصادر في إبريل 2009»، وذكرت اقتحام «رجال الأمن في 4 يونيو منزل» صحفية في أعقاب شكوى، «وفتش الضباط المنزل دون إذن» صاحبته «حسبما يقضي القانون»، وتعرضت هي وصحافي ثان «إلى الاستجواب المهين حول حياتهما الشخصية وعن كتاباتهما، ثم اعتقلتهما السلطات بعد ذلك لمدة اثنتي عشرة ساعة، ثم أعيد اعتقال» الصحافي «في 7 يونيو واحتجز لمدة أربع و عشرين ساعة وهو يواجه الآن تهمة من التهم المشددة بالسرقة ومن المقرر محاكمته في 29 يونيو2010» ، وطالبت بمعاملة الصحفيين معاملة عادلة في ظل القانون وفقاً لالتزامات المغرب الدولية بصفتها دولة موقعة على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحرية التعبير، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بالإضافة إلى أحكام المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. 5- قبل مطالبة منظمة العفو الدّولية يوم الثلاثاء 29 يونيو 2010 الحكومة المغربية بالتوقف عن التحرّش بالصحفيين المنتقدين لتوجّهاتها والكف عن مضايقة المنتقدين منهم لسلطات المملكة خارج حدود ما يُعبّر عنه ب "الخطوط الحمراء"، مفيدة أن التحرشات المرصودة والفترات الحبسية التي يواجهها عدد من الصحفيين المغاربة لا يمكن أن تقف وراءها إلاّ دوافع سياسية. وعرضت منظمة العفو الدّولية بالسرد ضمن بيانها للرأي العام للقضايا المفتوحة أمام المحاكم للعديد من الصحفيين، زيادة على خضوع أحد الصحفيين لتعنيف نفسي وبدني على يد شرطة الرباط خلال وقفة احتجاج سلمية كان بصدد تغطية أحداثها. كما انتقدت منظمة العفو الدولية الحملة التي تطال الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من قبل عدد من الأسماء الحكومية، وفي طليعتها الوزير الأوّل عبّاس الفاسي، المُلتجئة إلى عدد من المنابر الإعلامية لعرض تصريحات متّهمة للجمعية الحقوقية المذكورة بمُساندة جبهة البوليساريو. إذ ردّت المنظمة الدولية هذا التحرّك إلى مواقف الجمعية في الدفاع عن حقوق الإنسان ورفع مطالب بتحقيق العلمانية بالمغرب. فلو لم تكتنف هذه الملابسات الخمسُ ذريعةَ التكييف القانوني في تصريح الناطق باسم الحكومة لتهوين شناعة مداهمات فاس الليلية واختطافاتها، لخف نسبياً وقعُ البهتان، ونفعت مراهنة المخزن على النسيان، وانطلت الحيلة بنسبة أدعى إلى الأمان، من تهمة نية الاستئصال وخطة الدوس على حقوق الإنسان. ولكنها حيثيات خمسٌ يا سيادة الوزير، وكل واحدة منها مغنية في الباب، وكافية بمفردها لفضح كل أفاك كذاب. ولكن لا داعي للاحتجاج على تهافت تخريجتك القانونية الثعلبية الوديعة بتلك الحيثيات مجتمعة أو متفرقة، فإنه لو انفردت من دونها كلِّها حيثيةٌ يتيمة هي شططك في استعمال السلطة، وتهديدك باستعمال النفوذ، من أجل تخليص ابنك المتلبس بالجنحة في الشارع العام والمواطنون يصيحون مشتاطين غيظاً وغضباً، لكانت أوفى بالغرض، وأدل على أصل المرض، وأفضح لزعمك في تصريحك باستواء جميع المواطنين أمام القانون!!! فَلَوْ كَانَ سَهْماً وَاحِداً لاتَّقَيْتَهُ وَلَكِنَّهُ سَهْمٌ وَثَانٍ وَثَالِثٌ فهل كتابنا الصحفيون، ومناضلونا الحقوقيون، يا سيادة الوزير، هم أيضاً ينتمون إلى هيئات «ليس لها كيان قانوني»؟ أم أن هؤلاء جميعهم حصلت منهم «أحداث منافية صراحة للقانون» لذلك فإن «الواجب يفرض على السلطات العمومية أن تتحمل مسؤوليتها في إرجاع الأمور إلى نصابها»؟ أم أن جمعيات حقوق الإنسان الوطنية والمنظمات الحقوقية الدولية ما هي إلا هيئات تشجع الخروج على القانون وتساند الخارجين عليه؟ طعن في مواطنة الدولة: وإذا كان الصحفي، والحقوقي، والمدون، والدكتور الأستاذ الجامعي، والدكتور الصيدلاني، والأستاذ المكون بالمعهد الصحي، وأستاذ اللغة العربية، وأستاذ التربية الإسلامية، والموظف بوزارة التجهيز، والموظف بالجماعة المحلية، والعامل بشركة اتصالات... إذا كان المغاربة من جنس هؤلاء كلهم خارجين عن القانون، فمن هو المغربي الذي يستحق في نظر خالد الناصري ومخزنه صفة المواطن المنضبط للقانون؟ أليس تصريح الوزير تشكيكاً مباشراً في مواطنة مواطني الدولة، وطعناً خطيراً في مواطنة الدولة ذاتها من حيث ضلوع أجهزتها التعليمية والتربوية والإعلامية والاجتماعية والدينية والسياسية في صناعة جيش من الخارجين عن القانون؟ وكيف تكون الحكومة هي وحدها الملتزمة «باحترام القانون والالتزام به»؟ ومتى كان «الحكم بين الجميع هو الضوابط القانونية» في بلاد المخزن؟ هل تم ذلك عند زعم المخابرات المتكرر تفكيك الخلايا اليقظة والنائمة في الأحياء الشعبية بالكيفية التي وصفها محمد حافظ؟ أم عند محاكمات ما يسمى بالسلفية الجهادية، والتي أقرت أعلى سلطة في البلاد بحصول تجاوزات في أطوارها؟ أم عند تغريم صحيفة أبي بكر الجامعي بالشكل المتغول الذي اضطره إلى الإعلان عن إفلاس شركته ومغادرة وطنه مكرهاً بسبب حرص مخزنه على "تطبيق القانون"؟ أم عند تلفيق التهم بالمكشوف للمعتقلين الستة والصحفيين المستقلين؟ أم عند تهديدك للشرطي المسكين ب"التصرف" إن لم يفك قيد ابنك المتورط قبالة البرلمان؟ أم عند تسلق الجدران واقتحام بيوت المختطفين السبعة من سطوحها فجراً وبدون ترخيص مسبق «وسط كلام نابٍ وفاحش لا يصدر إلا من لسان بذيء»، و«التهديد بأداة حادة والتلويح بها في وجهي، وهو ما خلف تأثيرا على نفسية الطفلتين» اللتين تبلغان من العمر 16 و12 سنة، بتوصيف شاهدة عيان، السيدة هند زروق، زوجة الأستاذ عبد الله بلة المختطف؟ حلول واتحاد: وهل يبيح القانون لأي شخص مهما علا شأنه أن يصدر أحكاماً هي من اختصاص القضاء وحده؟ ما هذا القانون الذي يجمع في ذات شخص واحد السلطات الثلاث؟ من أين لخادل الناصري، ابن عربي مخزننا، هذا الحلولُ والاتحاد الذي يَصهر القاضيَ والمشرعَ والمنفذ في عقله ولسانه؟ ولكن، من أي واد تنادي وزيراً تركل تصريحاته القضاء الذي قضى مجلسه الأعلى وعشرات محاكمه في طول البلاد وعرضها بقانونية جماعة العدل والإحسان وقانونية أنشطتها الداخلية؟ أم أن هذا القضاء في نظر وزير المخزن المغرم بإخراج طبعة منقحة ومزيدة لتجربة سنوات الرصاص هو أيضاً «هيئة ليس لها كيان قانوني»، وحصلت منه أحكام «منافية صراحة للقانون» لذلك فإن «الواجب يفرض» على مخزن الوزير أن يتحمل مسؤوليته في إرجاعه إلى نصابه؟ أم إن صاحبنا قد جرب عملياً، وشارع البرلمان والمارون به واليوتوب شهود، جدوى مصل الحلول والاتحاد ونجاعته في إرباك القانون وزجره وتعطيله وشله، فصعب عليه الفطام وتعذر عليه الفصام حين أدلى بتصريحاته؟ حي لا يموت: وها نحن قد حصلنا في نهاية التحليل بين فكي "أونا"، بين كماشتي احتكار المخزن للقانون، قياساً منه على احتكار "دانون"، إنتاجاً وتسعيراً وتوزيعاً وريعاً. كلاهما في نهاية التحليل سواء، منطلقاً ومنطقاً وأسلوباً ووظيفة وثمرة. هو تدبير سلعي من نمط واحد لا فرق. أليس «المخزن الاقتصادي هو الوجه الخفي للمخزن السياسي»؟ فيا من استخفتكم "الإشارات القوية"، وخدعكم تماوُتُ المخزن حتى أغراكم بإعلان موته، إن «المخزن حي لا يموت، هو كالهواء والماء، لا لون له ولا طعم، ولا يمكن الإمساك به. غير أن نتائجه المادية على أرض الواقع تبقى ملموسة. إنه المخزن الضارب بجذوره في عمق الماضي المغربي والمتحكم في مساره التاريخي. فخلف الشعارات الصاخبة، وخلف كل مظاهر العصرنة التي يعيشها المغرب والمغاربة في الوقت الراهن، يبقى الثابت المتأصل الذي يحكم ويتحكم في كل ما نعيشه هو المخزن».