عندما كان الاتحادالسوفييتي في عز ايامه ويحسب له الحساب وعندما كان عمره ربع قرن سئل احد الروائيين السوفياتالمشهورين وأظنهايليا اهرنبورغ ماذا فعل الاتحاد السوفياتي حتى الآن يريد من سأله أن يصل الى خلاصة ما تم انجازه في ذلك الوقت فأجابه الرجلإجابةواضحة مهبرة ولها ما بعدها قال له مستيقنا مزهوا لقد أنجزنا جيلااو ربينا جيلا علىالأصح من ا لقراء ... نعم وهي حقيقة لقد كانالاتحاد السوفياتي في ذلك الوقت اكبر دولة في نشر الكتب وطباعتها وجعلها في متناول البسطاء من الناسومن غير البسطاء . وترجمتها المختلفة عن جميع اللغات والى جميع اللغات طبعا سعيا لدعاية شيوعية ماتت فيما بعد ولكن ما يهمنا ليس هذا بقدر ما يهمنا الظاهرة في حد ذاتها. لا تنس فرنسا عندما نتحدث عن فرنسا فليعذرنا آباءنا وإخواننا من الذين اكتووا بنار استعمارها وما قدروا ان ينسوها الى اليومنحن نتحدث في امر آخرفي شان ثقافي حتى نستفيد منها وهذا ليس عيبا ولو لم تكن قوية علمياوعسكريا ما استطاعت ان تحتلنا وتعيث في بلادنا فسادا. تعتبر فرنسا من الدول الكبرى التي تنتشر فيها دور النشر انتشارا كبيرا لا يحيطه عد ولا حساب وما حدث ذلك إلا للإقبال الكبير لمختلف الطبقات على القراءة بشغف ونهم كبيرين لقد شاهدنا ذلك بام اعيننا وعايشناه لما كنا في باريس دعك من اجواء الحرية المنتشرة فيها والمذاهب الأدبية واتجاهات الفنومدارس الفلسفة وتياراتها كانت كلها تنبع من العاصمة باريسثم نتقل بعد ذلكالى الدول الأخرى او دول العالم المستهلكة.و في هذه الأجواء المفعمة بالحرية نشاأكبار المفكرين والمثقفين والفلاسفة ولعلنا نتذكر مقولة ديغول الشهيرة لما قاد جان بول سارتر مظاهرات المثقفين الفرنسين إبان الثورة الجزائرية ضد الاستعمار طالب السياسيون من دعاة الاستعمار وغلاة المستعمرين واليمينيين المتطرفينوبقاء فرنسا في الجزائرالرئيس ديغول باعتقال سارترفقال لهم قولته المشهورة " وهل أعتقل فرنسا كلها "أي نعم يعتبرون المثقف الحر امة باسرها بينما نعتبر نحن المثقف لا شيءفضلاعن ان يزن الأمة كلهالاننا لا نزال كنتيجةللتخلف الذي تسلط علينا منذ زمان نبقي على العداء التاريخي بين السيف والقلم... وعليه نتساءل لماذا ما زلنا نصادر الكتاب والكاتب ولماذا نحاصر الحرف ونزدري القراءة. ونزهد فيها.. انظروا الى المعارض التي تشهدها الدول العربية وتقام فيهاسوف تصابون بالدهش من الممارسات البوليسية والجمركية المصادرة والمحاربةللفكر والثقافةوالعلمو تطال الكثير من العناوين والله كنا في وقت ما لما نسافر ونأتي بالكتب والمجلات معنا نضطر في كثير من الأحيان الى تقطيع وشطب الصفحات التي فيها انتقاد للنظام او السلطة او فيها بعض التهجم او النقد أو التقويم. وكنت مرة في جولة الى تركيا ولم يكن الانترنتوقتها منتشراكما هو منتشر اليوم فسالني احد الجمركيين وهو من قدماء المجاهدين في مطاربوضياف بقسنطينة ونحن نحترم جهاده ولكنه من اجهل خلق الله محدود الثقافة يمارس خيانة الأمانة وياخد الرشوة من جماعة الشنطة.. ما هذا الذي معك فقلت له هذه بعض المقالات القديمة تتناول الشيخ الفضيل الورتلاني فأنا احملها معي كارشيف لانني اود ان اكتب عنه شياء جديدة وانا في استانبولوأنشرهاهنااك فاقام علي الدنيا ولم يقعدهاوأخدني الى غرفة التفتيش وكأنه قبض على جاسوس كبير لولا ان تدخل احد ابناء عمومتيزيتوني بوفولة وكنا في سفرة واحدة وهو يشتغل محامي فجاءنا المفتش ذو الشاربين الكبيرين وكا مثقفا متفهما وقال لي دعك من هذا الجاهلفخلوا سبيلي وسافرت بسلامكا ن ذلك في سة 1995 . نخلص الى المفيد لا مستقبل لنا إلا بالقراءة الحرةو المجتمع الذي تنعدم فيه القراءة والقراءة الحرة المستمرة الدائمة لا مستقبل له ولا غد مشرق له ومن ثم علينا ان نربي جيلا من القراء نفتخر به أمام الناس لا ان نربي جيلا منالبزانسة والسفاسطية والمتلاعبين بالثقافة والمثقف وكل ذلك من أجل أن يكون لنا مستقبل وذكر عند العالمين من الناس...