مزور يؤكد على التزام المغرب بتعزيز علاقاته الاقتصادية مع الصين في إطار المنتدى الصيني العربي    لماذا لا يغطي صندوق الضمان الاجتماعي بعض الأدوية المضادة لسرطان المعدة؟    انقطاع كهربائي غير مسبوق يضرب إسبانيا والبرتغال    إنقطاع مفاجئ للكهرباء يُغرق أوروبا في الظلام    هشام مبشور يفوز بلقب النسخة الثامنة لكأس الغولف للصحافيين الرياضيين بأكادير    انطلاق الدورة ال3 للمؤتمر الإفريقي لوكلاء اللاعبين بالعاصمة الرباط    انطلاق بطولة خالد بن حمد الثالثة للبولينج بمشاركة 104 لاعب من 13 دولة    أزيد من 403 آلاف زائر… معرض الكتاب بالرباط يختتم دورته الثلاثين بنجاح لافت    بنسعيد يمثل المغرب في الحوار الوزاري لقمة أبوظبي للثقافة وفي الاجتماع الثاني للمشاورات الإقليمية للمؤتمر العالمي للسياسات الثقافية 2025    403 ألف زاروا المعرض الدولي للكتاب بمشاركة 775 عارضا ينتمون إلى 51 بلدا    مصر تفتتح "الكان" بفوز مهم على جنوب إفريقيا    الحرب في أوكرانيا.. بوتين يعلن هدنة لمدة ثلاثة أيام    ترايل أمزميز.. العداؤون المغاربة يتألقون في النسخة السابعة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    منتجع سيدي بوزيد.. الدرك يفكك وكرا للدعارة    تكريم سعيد بودرا المدير الإقليمي السابق لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالمضيق الفنيدق    الأداء الإيجابي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    مزور يؤكد التزام المغرب بتعزيز علاقاته الاقتصادية مع الصين    العلمي: احترام الوحدة الترابية للدول يتطلب عقدا سياسيا وأخلاقيا ملزمًا    ندوة توعوية بوجدة تفتح النقاش حول التحرش الجنسي بالمدارس    حزب الاستقلال بالحسيمة يكتسح الانتخابات الجزئية بفوزه بأربعة مقاعد    منظمات حقوقية تنتقد حملة إعلامية "مسيئة" للأشخاص في وضعية إعاقة    هيئة حقوقية تدين حملات التشهير ضد ساكنة بن أحمد    انتشال جثة فتى من وادي ملوية بعد اختفائه    الأمن الوطني يوقف مروّج وشاية كاذبة حول جريمة قتل وهمية بابن أحمد    خط جوي مباشر يربط الدار البيضاء بكاتانيا الإيطالية    انطلاق جلسات استماع في محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية    الذهب يهبط وسط انحسار التوتر بين أمريكا والصين    "البيجيدي" يحسم أسماء أعضاء الأمانة العامة والمعتصم رئيسا للمجلس الوطني    أسعار النفط تستقر مع بداية الأسبوع    كيم جونغ يقر بإرسال قوات إلى روسيا    متصرفو قطاع التربية الوطنية يطالبون بتدخل عاجل من أخنوش    نزهة بدوان رئيسة لمنطقة شمال إفريقيا بالاتحاد الإفريقي للرياضة للجميع    عبد الله البقالي يترأس أشغال المجلس الاقليمي لحزب الاستقلال بالحسيمة    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    بريطانيا .. آلاف الوفيات سنويا مرتبطة بتناول الأغذية فائقة المعالجة    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    بنكيران وحزب العدالة والتنمية.. زعامة تتآكل وسط عزوف القيادات وهروب إلى المجهول    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    كيوسك الاثنين | قرار وزاري يضع حدا لتعقيدات إدارية دامت لسنوات    تيزنيت : الوقاية المدنية و الهلال الاحمر درعا السلامة و الأمان ب"سباق النصر النسوي"    رد حكيم من بوريطة.. إسكات استفزازات العالم الاخر ومسه بسيادة العراق    المرزوقي يدعو التونسيين لإسقاط نظام قيس سعيد واستعادة مسار الثورة    المشتبه به في قتل مصلّ بمسجد في جنوب فرنسا يسلم نفسه للشرطة الإيطالية    ثروة معدنية هائلة ترى النور بسيروا بورزازات: اكتشاف ضخم يعزز آفاق الاقتصاد الوطني    فريق نهضة بركان يتأهل لنهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية    شهادات تبسط مسار الناقدة رشيدة بنمسعود بين الكتابة والنضالات الحقوقية    مي حريري تطلق " لا تغلط " بالتعاون مع وتري    "جرح صعيب".. صوت عماد التطواني يلامس وجدان عشاق الطرب الشعبي    العرائش: عزفٌ جنائزي على أوتار الخراب !    التنسيقية الصحراوية للوديان الثلاث وادنون الساقية الحمراء واد الذهب للدفاع عن الارض والعرض تستنكر… ارض الصحراويين خط أحمر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    بعد ارتفاع حالات الإصابة به .. السل القادم عبر «حليب لعبار» وباقي المشتقات غير المبسترة يقلق الأطباء    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رشيد نيني كاتبا/الحلقة الثالثة : الكاتب العمومي
نشر في مرايا برس يوم 21 - 06 - 2010

الحديث عن كتابة رشيد نيني من ناحية بناء المضمون المثير للاهتمام والخالق للمتعة والناجع في الإقناع يقتضي الوقوف عنده ككاتب يخط بقلمه ما يمتع به قارئه دون أن يتعبه أو يدفعه إلى مجهود يثنيه عن القراءة ... نيني يسهل مهمة القراءة للعموم من خلال التنويع، والاستطراد والتمثيل.. تلك شروط الكاتب الذي يكتب للجمهور الواسع ,,, مما يجعل منه كاتب العموم:
"الكوك آ لان" أو فن الربط بين ما لا يرتبط:
إن سمة عمود نيني الغالبة في عموده الشهير منذ بدايته هو انتقاله بين مواضيع لا رابط بينه في استعمال لبيب لوجه بلاغي غربي ربما لا نجد له مقابلا في الثقافة العربية (أو لعلي أجهل هذا المقابل) وهو du coq à L'âne (الانتقال من الديك إلى الحمار) وهو مسلك بلاغي يعتمد فيه الكاتب الانتقال من موضوع إلى آخر لا علاقة له به منطقيا لكن رشيد ينجح في خلق العلاقة بينهما... فنجد رشيد نيني مثلا يربط بين التعليق على صفقة ومشروع دولة وبين حياة المسؤولين الخاصة وعلاقاتهم وصداقاتهم ومصاهراتهم .. يبدو رشيد نيني في ذلك ناجعا وصاحب مقاربة جديدة لشؤون المواطنين قائمة على الربط بين ما لا يرتبط عادة ... فعادة يتم تحليل المسائل العامة والأمور السياسة من خلال المواقف والأيديولوجيات بينما يذهب نيني في منهجه إلى ربط العام بالخاص في مقاربة تنير الجوانب المظلمة في القضايا ( وربما تظلم الجوانب المنيرة فيها)... في هذا الباب يبدو الكاتب رشيد خياطا بارعا ومرقعا فنانا لفتات المعلومات وشذرات الأخبار وتفاصيل الخصوصيات التي لا ينتبه إليها الناس فيجعل منها كشكولا يقدم نصا ممتعا من حي التنوع وجميلا وأصيلا من حيث بناء عالم واضح المعالم من خلال الأخبار والتفاصيل المتوارية عن الأنظار عموما ... سر إصرار الناس على القراءة هنا مكمن من مكامنه...
الاستطراد أو فن إراحة القارئ في جهد القراءة المطولة:
في نفس الباب وذات النفس يقبل رشيد على استطرادات وخروج عن الموضوع قبل العودة إليه في ما يشبه حديث المغاربة في "تقرقيب الناب"، وبالتالي تجعل قراءة عمود نيني القارئ المغربي يحس أثناء الانتهاء من العمود وكأنه تجاذب أطراف الحديث مع أناس آخرين... يكتب نيني كما يحلوا للمغاربة أن يتحدثوا من خلال خروجهم عن الموضوع وانتقالهم بعيدا عن السؤال الأساس في ما يشبه الاستمتاع بالحرية والانفلات من صرامة المنهج والالتزام بالموضوع الذي يميز الغربيين عموما... نيني يغازل في هذا فوضى العقل المغربي أو يخاطب عشق المغاربة لهامش من الفوضى...فوضى كتابة نيني انعكاس لفوضى كلام المغاربة وسلوكهم ورفضهم لمنطق القانون والمسالك القويمة.. يجد المغربي متعة في طرق الشباك ولو كلفة أكثر ويفضل ذلك على أن يدخل من الباب... لذلك يجد المغربي الكتاب التقليديين المنضبطين لوحدة الموضوع و صرامة المنهج مملين وثقيلين على القلب... مثلما يحب المغربي الخروج على القانون، والتجاوز حيث هو ممنوع، يستمتع بقلم نيني الذي يخرج عن الموضوع وعن اللياقة أحيانا...
مثال الجمهور لا قياس النخب:
في معرض تقديمه لمختلف أصناف الخطاب، يميز أرسطو بين ثلاث خطابات وثلاث آليات للإقناع معتمدة فيها... فنجده يميز بين الخطاب القضائي، وحجته القياس العقلي المنطقي المجرد.. والخطاب المشوري أو السياسي وحجته المثال والتمثيل والتصوير... والخطاب المحفلي المناسباتي وحجته المبالغة والتفخيم ... ولعل كتابة نيني تندرج ضمن الصنف الثاني من الخطاب الذي يقوم على مناقشة القضايا العامة للعموم من أجل إثبات أيها أنسب وأصلح....فبينما يتوجه الخطاب القضائي إلى النخبة من خلال البرهان المنطقي المعقول، يتوجه الخطاب الثاني إلى الجمهور وإلى العموم ويشير أرسطو أن آلية الاحتجاج أمام الجمهور تقوم على المثال والتصوير المباشر والمنظور... إذا القياس المنطقي ينطلق من القاعدة العامة لإثبات الحالة الخاصة لأن ذلك وحده بإمكانه إقناع الخاصة، فإن المثال هو جوهر إفهام وكسب رأي الجمهور... فالجمهور أو عامة الناس تكون عموما في حال إرهاق ذهني وجسدي بسبب إكراهات الحياة فينقصها الجهد لتأمل الأمور وتدبرها بالعقل، فهم يقبلون على المثال البين والفكرة الجاهزة... وهنا مثلا لا يذهب نيني لشرح آليات اشتغال النخب ومنطقها وتشابك اعتبارات المخزن والإدارات والمؤسسات... بل يذهب مباشرة للمثال الذي يبني عليه نقده للمبدأ العام ويبني عليه تصريحا أو تضمينا قاعدة عامة يقبل القارئ,,, فوفقا لهذا المنطق يأتي حضور مثال ولعلو باعتباره مثالا على أن الاشتراكيين يقولون ما لا يفعلون... فيصير مثال أولعلو كوزير مالية اشتراكي الانتماء سهر على الدفع ب"الخوصصة" في المغرب إلى أقصى مدى ومثال الأشعري وقصة اكتسابه لضيعة خيول في ناحية زرهون بعد استوزاره... للاستدلال من خلال المثال المعلوم والمشهود على فكرة صعبة الإبراز أن الاشتراكيين خانوا المهمة وتخلفوا عن موعدهم مع الشعب... وفي هذا المنحى أيضا يأتي تكرار مثال الوزير الاول عباس الفاسي وانتشار أهله وأصهاره في دواليب الدولة للدلالة على فكرة أعم وهي السياسة العنصرية الممنهجة التي يتبناها حزب الاستقلال ولإفهام الناس أن "أهل فاس" عنصريون يعتبرون المغاربة أقل منهم حقا في هذه البلاد ...
وأصل تهمة "الشعبوية" التي تلصق بالكاتب مرجعها إلى اعتماده المنهج الحجاجي المناسب للجمهور وللانتشار الواسع... ولعل الصفة اللائقة بالكاتب نيني هنا هي "الديماغوجية" بعيدا عن الاستعمال القدحي المتداول للكلمة... فالديماغوجي عند الإغريق هو من يملك فن قيادة الشعب من خلال فن مخاطبته ومغازلة وجدانه وإذكاء نار إحباطاته واستهلاك تصوراته المسبقة وأحكامه الجاهزة.. والديماغوجية موقف سياسي وخطابي يروم الهيمنة على الشعب بغية ضمان تأييده من خلال إدعاء الدفاع عن مصالحه,,,
كل بلاغة نيني الكتابية تجعل منه كاتبا ديماغوجيا بامتيازا.. لكن الديماغوجيا فن .. فن في المعنى الأصلي للكلمة أي صنعة وحرفة.. ومهما كانت نعت الديماغوجيا قدحيا من الناحية السياسية أو الأخلاقية، إلا أنها فن وبلاغة وصنعة ليست في متناول الجميع ولا يمكن لأي كان النجاح فيها.. الديماغوجيا فن صعب يحسن نيني صنعته ويملك زمام ناصيته ببراعة نادرة ...
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.