ادا كان الواقع المغربي المعاصر عرف مجموعة من المتغيرات والتحولات التي يجب أن تسجل بمداد التاريخ في خانة التطور والرقي , فانه بقدر ما تقدم المجتمع في عدة ميادين بقدر ما تراجع في الكثير , فاثنا عشر قرنا لم تكن كافية من اجل أن نسجل بارتياح ما سجلته الأقوام المحاذية لنا جغرافيا من ازدهار ورقي , واثنتا عشرة قرنا لم تشفع لنا في التصنيف ضمن خانة الدول المتقدمة بل لم تعطنا ولو مراتب متقدمة في مصاف الدول السائرة في طريق النمو , فالتراجع سمة طبعة اغلب مجالاتنا , فلا رياضة نفخر بها ولا سياسة ^تحمر الوجه^ ولا صحة ولا تعليم يعول عليهما تراجع في كافة الميادين و حنين إلى الماضي ندفع به لهيب الأسعار الحارقة , أكان أمسنا أفضل من يومنا ؟ . اثنا عشر قرنا لتحيى المملكة ليس مجرد عنوان بل هو مطلب في ضل التقهقر , مطلب التغيير و التطوير , فبقدر ما تشكله الاثنا عشر قرنا من فخر وزهو واعتزاز, بقدر ما تلقي على عاتقنا مسؤوليات وترفع أمامنا تحديات عظام لعلنا نستفيد من هدا العمر المديد و نجلس ولو سنة منه لنفكر بجدية في مكمن الداء ونبحث بالمقابل عن الترياق لهدا السم القاتل الذي يسري في عروق المجتمع المغربي ويزيد بنيانه الهش هشاشة يوما بعد يوم . ادا لم تكن اثنا عشر قرنا كافية لنتأمل في واقعنا المعيشي و ننضر في المعانات التي تزداد يوما بعد يوم علنا نخرج من هدا الانحطاط الذي يتفاقم كل ساعة ودقيقة , فإلى متى نبقى قابعين عي ذيل التصنيف العلمي نتفرج على أمم كانت الأمس القريب تعد أسوء منا واضعف , ادا لم تكن اثنا عشر قرنا كافية لتستجمع طاقاتنا الموزعة في أوربا , ونلملم أدمغتنا التي تسافر كل ليوم بحتا عن ملاجئ تحتضنها ودول تقدر قيمتها , فنحاول الوقوف على أقدمنا لنركض مع الراكضين, فإننا لن نستطيع أن نقف بعد أبدا لأن البرودة قد استشرت في عظامنا . هده النظرة التي قد يراها البعض تشاؤمية لا تعدو أن تكون لسان حال أغلبية الشعب المغربي , اللسان الذي عجز عن الحديث من كثرة الإخراس و التهميش , لسان الغيورين على شرف الوطن و المتشبثين بتاريخه الذي نرجو أن يفتح كتابه لنقرأ فيه ما يحرك دواخلنا ويدفعنا لننهض بأحوالنا . فاثنا عشر قرنا من التضحية و الكد العمل , اثنا عشر قرنا باستعمارها و مرارته, و استقلالها وحلاوته, ودماء الشهداء الدين ضحوا لنحى نحن ولنباهي بهم الأمم , اثنا عشر قرنا لتحيى المملكة مثل هده الحياة ؟ هدا إجحاف في حق أولائك الأبطال.