بعد مضي أكتر من ثلاثة سنوات عن صدور تقرير المجلس الاستشاري لحقوق الانسان، عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب سنتي 2005 و2006 ، والدي سجل فيه المجلس، التقدم الحاصل في مجال صدور العقوبات السالبة للحرية، ما الذي سيقوله رئيسه السيد أحمد حرزني عن وضعية حرية الرأي والتعبير في تقاريره المستقبلية في ظل المحاكمات الجائرة ضد جزء كبير من الصحافة المستقلة؟ هل سيتسلح الأستاد حرزني بما يكفي من الجرأة والشجاعة للقول بأن المغرب أساء لحرية الرأي والتعبير ولالتزاماته الدولية في مجال حقوق الإنسان كما هي متعارف عليه دوليا؟ أم أنه سيسلك نفس الطريق التي واظب وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة في سلكها كلما اشتد فتيل الصراع بين الدولة والصحافة المستقلة؟ بمحاكمة الصحافة المستقلة بغرامات خيالية، و بعقوبات قاسية وسالبة للحرية، تكون حرية الرأي والتعبير في المغرب، قد أخدت أبعادا خطيرة، عمقت بشكل كبير من الفجوة القائمة بين خطاب الدولة وممارساتها على أرض الواقع. في الوقت الذي كان ينتظر فيه أن تقوم الدولة بالدفع في اتجاه وضع ضوابط، تحدد أخلاقيات المهنة ومجال ممارساتها ،بما يكفل قيام الصحافة بممارسة دورها الإعلامي داخل المجتمع بالشكل الذي تتكرس معه الحرية والديمقراطية، نجدها انحرفت عن المسار الصحيح الذي كان يفترض فيها السير فيه، في اتجاه أضر بحصيلة عشر سنوات من حكم الملك محمد السادس بكثير. عندما تصبح اليوم وزارة الداخلية، تتجاوز حدود صلاحياتها في التعاطي مع قضايا حرية الرأي والتعبير، وتصبح وزارة العدل غير قادرة على الدفع باستقلالية القضاء عن باقي السلط، والوزارة الأولى تصدر قرارات بإغلاق مقرات الأحزاب والجرائد بطرق مخالفة للقانون، فان الدولة بكل صراحة تكون قد دخلت في مرحلة ارتدادية خطيرة، تستهدف كل المكتسبات التي راكمها البلد خلال العشرية الأولى من حكم الملك محمد السادس، وهذا سيكون له حثما الأثر الأكبر في علاقة الدولة بمحيطها الداخلي والخارجي. إن الأحكام التي طالت كل من المشعل والجريدة الأولى وأخبار اليوم، والمضايقات التي تعرضت لها مجلة لوجرنال قبل أن يقرر أبو بكر الجامعي الرحيل عن الوطن، كلها مؤشرات تدل بحسب رأي المتتبعين والمراقبين لمسار الحريات العامة بالمغرب، بأن التجادبات التي كانت موجودة في أروقة الدولة، بشأن كيفية التعامل مع قضية الصحافة المستقلة، قد حسمت لمصلحة التوجه الذي كان يدافع عن ضرورة الحسم مع هذا النوع من الصحافة المزعجة، والآن تم الدخول في مرحلة تنفيذ العقوبات والأحكام. اللهم إنا لا نسألك رد القدر وإنما نسألك اللطف فيه كاتب صحفي وباحث في القانون العام