(في الذكرى الثالثة لرحيل "إدريس بنزكري" مهندس هيأة الإنصاف والمصالحة ورئيسها) رحل إدريس .. قبل الأوان.. رحل قبل أن ينبت ما زرع.. قبل أن يسقط الجدار.. قبل أن تنضج الثمار.. قبل أن يأتي موسم الحصاد. رحل إدريس.. قبل الأوان.. وغصة الماضي في القلب.. تفوح عشقا وسلاما للوطن.. رغم كيد الكائدين.. وتسلطالأقوياء الحاقدين. كبرياء شامخ.. لا يعبه بقسوة الزمان.. ولا بقصاص الجلادين.. ولا بقدر الموت البطيء.. الزاحف في صمت رهيب. في صمت تحدى السقم.. من اجل الحقيقة.. من أجل الإنصاف.. من أجل المصالحة.. من أجل إرساء حب الوطن. أنت استثنائي.. بل .. أنت فوق العادة.. شامخ كقمم الجبال.. لا يعرف الاستسلام.. إسراره فوق وصف الكلام. يطارده شبح الموت.. والحقيقةاختياره.. وحب الوطن نبضه.. لم يذق للراحة طعما.. ولا عرف إليه الملل سبيلا.. هاجس الحق .. في الأعماق يسكنه.. لم ينل منه العذاب.. لم ينل منه السقم.. شعاره التحدي المستجاب. وطني غيور.. في زمنالرذيلة.. بهتت فيه القيم.. وسقط فيه شرف الهمم.. لم ينل منه التهديد والوعيد. صادق.. في زمن تحول فيه الصدق.. إلى إثم وعار.. إلى جريمة لا تغتفر.. إلى كابوس لا يقهر. عرفناه بمواقف ثابتة.. في مسيرة الإنصاف والمصالحة. قاد سفينتها إلى بر الأمان.. بعزم وإيمان.. بحب لا يعرف الخذلان. ثابت كالطود الشامخ.. كالجبل الأشم.. لا تداهمه الخطوب.. ولا تؤثر فيه رياح الباطل.. صامد كصخر جلمود نازل. قبل الرحيل .. خُطَّ إدريس فَجْرا جميلا.. أشعل شمعة وقنديلا.. لينير طريق الحرية.. ليعيد مجد الإنسان. من أجل ميلاد فجر جديد.. من أجل تجاوز الخوف والتهديد.. من أجل تحقيق غد سعيد.. قاد " بنزكري " قافلة التجديد.. بإيمان وعزيمة من حديد. فراقك حضور.. في القلوب.. في الذاكرة.. موتك حياة.. تسري في دم جيل الغد.. المتعطش للحرية والشهامة. موتك أضاء الرحيل.. ليس الموت فناء.. بل هو بقاء.. ينبض بالحياة والصفاء.. في ذاكرة الأمهات والآباء.. في خلد الأطفال والأبناء.. بالروح.. بالدم نبقى أوفياء.. للإنصاف أشداء.. للمصالحة أتقياء.. للحق نصدح بالحجة والدليل. لقد استحقته الموت.. بجدارة واستحقاق.. لأنه أعطى للحياة كل شيء. ولم يأخذ منها أي شيء.. أخذت منه كل شيء.. ولد فقيرا ومات فقيرا.. عاش مناضلا وقورا.. ومات بطلا صبورا.. فطوبا لروحهالشماء.. فليهنأ بربه بعز اللقاء. _________________