أقرت الحكومة الفرنسية الأربعاء 19-5-2010 مشروع قانون يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، رغم تحفظات قانونيين وممثلي مسلمي فرنسا على هذا النص الذي سيعكف البرلمان على درسه في يوليوز. وأعلن الرئيس نيكولا ساركوزي خلال الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء لبحث هذا المشروع انه "في هذه القضية تسلك الحكومة، وهي مدركة تمام الإدراك، طريقا صارما لكنه عادلا". وأضاف "نحن امة عريقة مجتمعة حول فكرة معينة عن كرامة الإنسان ولا سيما كرامة المرأة وحول نظرة معينة بشأن الحياة المشتركة. إن النقاب الذي يخفي تماما الوجه يطال تلك القيم التي نعتبرها أساسية وجوهرية في ميثاق الجمهورية ". وينص مشروع القانون على انه " لا يحق لأحد في الأماكن العامة أن يرتدي لباسا يهدف إلى إخفاء الوجه " وأن من يخالف ذلك يعرض نفسه لغرامة قدرها 150 يورو و/ أو فترة تدريب على المواطنة لتذكيره بقيم الجمهورية . ولم تأخذ الحكومة برأي مجلس الدولة ، وهو أعلى هيئة قضائية إدارية في البلاد والذي نصح بان يقتصر هذا الحظر في بعض المرافق العامة (إدارات ووسائل نقل، الخ) واعتبر أن حظر النقاب في الشارع "يفتقر إلى أساس قانوني لا يرقى إلى الشك ". واعتبر نيكولا ساركوزي أن " الكرامة لا تفرق.. وأن المواطنة يجب أن تمارس بوجه ظاهر وبالتالي فإنه لا مفر من حظر النقاب بالنهاية في الأماكن العامة بأسره ا". وسيكون من الصعب التوصل إلى إجماع على هذا المشروع في البرلمان لأن قسما كبيرا من المعارضة اليسارية يعتبر المشروع غير قابل للتنفيذ ويدعو إلى احترام رأي مجلس الدولة. كذلك أعرب ممثلو مسلمي فرنسا عن معارضتهم لهذه الممارسة التي تنفرد بها " أقلية قليلة جدا " وكذلك قانون حظرها الذي اعتبروه " مثيرا للعداوة ". ولا يتجاوز عدد النساء اللواتي يحملن النقاب أو البرقع ألفين في فرنسا (بحسب السلطات) من أصل خمسة إلى ستة ملايين مسلم. وبذلك ستكون فرنسا ثاني بلد أوروبي بعد بلجيكا يحظر فيه النقاب في الفضاء العام. وتقول جماعات مدافعة عن حقوق المرأة ووزراء من حكومة يمين الوسط، إن هناك نساء يجبرن على ارتداء النقاب ويعزلن عن المجتمع. ويقتبس الوزراء عن رجال دين مسلمين القول بأن النقاب ليس فريضة دينية، ويشيرون إلى أنه ليس شائعاً في الدول التي جاءت منها الغالبية العظمى للمسلمين في فرنسا. ويبدي إمام مسجد باريس شكوكه بشأن ضرورة فرض حظر مثل هذا. إذ يقول دليل بوبكر " أعتقد أنه موضوع صعب من البداية ولا يوجد مبرر كبير يجبرهم على فرض قيود أو هذا النوع من الحظر. هذا النوع من الحظر مهدد بشدة بأن يواجه طعناً". والطعن مؤكد تقريباً وربما يأتي من المجلس الدستوري في فرنسا، وهو أعلى هيئة قضائية في فرنسا، ويجب أن يوقع على جميع القوانين التي يصدرها البرلمان. وذكرت وسائل إعلام فرنسية أن المجلس حذر الحكومة من أنه قد يقضي بعدم دستورية فرض حظر شامل على ارتداء النقاب في جميع الأماكن العامة. كذلك فإن الشرطة لا تؤيد على ما يبدو مشروع القانون المقترح. وقال دنيس جاكوب رئيس تحالف اتحاد الشرطة " بالنسبة لمهمة الشرطة أعتقد بصراحة تامة أن لدينا تكليفات أخرى أهم من ملاحقة المنقبات وأرجو المعذرة في أن أقول هذا بتعليقات سلبية ". وسيستغرق إقرار مشروع القانون أشهراً في البرلمان، ومن المستحيل معرفة مدى تخفيف بعض بنوده قبل إقراره كتشريع. علماً أنه سيترتب عليه تغريم من ترتدي النقاب لغرامة 700 يورو، وربما السجن في حال تكرار المخالفة.