رغم تأكيد مجلس الدولة الفرنسي افتقار مشروعها إلى سند قانوني قوي واحتمال الطعن به أمام المجلس الدستوري ، تبنت الحكومة الفرنسية رسميا اليوم الأربعاء الموافق 19 مايو / أيار مشروع قانون يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة لتصبح فرنسا ثاني بلد أوروبي بعد بلجيكا يتم حظر النقاب فيها . وينص مشروع القانون على أنه لا يحق لأحد في الأماكن العامة أن يرتدي لباسا يهدف إلى إخفاء الوجه وأن من يخالف ذلك يعرض نفسه لغرامة قدرها 150 يورو وفترة تدريب على المواطنية لتذكيره بقيم الجمهورية. وقررت الحكومة الفرنسية بعد اجتماع لها في قصر الرئاسة "الإليزيه" تقديم مشروع للبرلمان من سبع نقاط يستأصل النقاب والبرقع كليا في الأماكن العامة دون تفريق بين المرافق الحكومية وإلإدارات أو الشارع. وفي ضوء الصيغة السابقة ، فإن الحكومة لم تأخذ في مشروع القرار برأي مجلس الدولة وهو أعلى هيئة قضائية إدارية في البلاد والذي نصح بأن يقتصر هذا الحظر في بعض المرافق العامة (إدارات ووسائل نقل ، الخ) واعتبر أن حظر النقاب في الشارع يفتقر إلى أساس قانوني لا يرقى إلى الشك. وتعتزم الحكومة تقديم مشروع القانون إلى البرلمان لمناقشته في تموز/يوليو المقبل ومن ثم إقراره في أيلول/سبتمبر. ولدى بدء تطبيق مشروع القانون في ربيع العام المقبل ، ستجبر من تضبط متلبسة بلبس النقاب أو البرقع على نزعه ودفع غرامة من 150 يورو كما يتعرض للسجن كل من يجبر إمرأة على ارتداء النقاب أو البرقع ودفع غرامة تبلغ 15 ألف يورو. وأعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء لبحث مشروع القرار أنه في هذه القضية تسلك الحكومة طريقا صارما لكنه عادلا ، وأضاف " نحن أمة عريقة مجتمعة حول فكرة معينة عن كرامة الإنسان ولا سيما كرامة المرأة وحول نظرة معينة بشأن الحياة المشتركة ، إن النقاب الذي يخفي تماما الوجه يطال تلك القيم التي نعتبرها أساسية وجوهرية في ميثاق الجمهورية". واعتبر ساركوزي أن الكرامة لا تفرق وأن المواطنية يجب أن تمارس بوجه ظاهر وبالتالي فإنه لا مفر من حظر النقاب بالنهاية في الأماكن العامة بأسرها. وكان ساركوزي طلب من البرلمان في إبريل / نيسان الماضي مناقشة موضوع حظر النقاب والبرقع ، واصفا تلك الأغطية التي تحجب الوجه بأنها "قمع للمرأة" وليست مقبولة في فرنسا. وأيد أغلب نواب البرلمان الفرنسي في 11 مايو / أيار خطط الحكومة بشأن صياغة مشروع قانون يحظر ارتداء النقاب داخل الأراضي الفرنسية ويعتبره مخالفا لقيم الجمهورية . وصادق البرلمان الفرنسي على إدانة "ارتداء البرقع والنقاب الإسلاميين"، زاعما أنهما يشكلان إساءة لقيم الأمة الفرنسية واحترامها ولمبدأ المساواة. وقد تم التصديق على القرار غير الملزم بالإجماع على الرغم من خروج 30 عضوا من الحزب الشيوعي احتجاجا على الإدانة . وجاءت التطورات السابقة بعد حوالي 10 شهور من الجدل الواسع حول الموضوع ما بين حرية المعتقد الديني من جهة وعلمانية المجتمع والدولة الفرنسية من جهة أخرى وحول وضعية وموقف المسلمين في هذا البلد الأوروبي من جهة ثالثة . ويرى معارضو حظر ارتداء النقاب والبرقع أن من شأن قرار كهذا تهميش وإقصاء الأقلية المسلمة الكبيرة في فرنسا. وقال مجلس الدولة الفرنسي في مارس/ آذار الماضي إن قانونا كهذا يعد انتهاكا للدستور الفرنسي وكذلك للمعاهدة الأوروبية لحماية حقوق الإنسان رغم أن القوانين التي تمنع ارتداء الأغطية التي تحجب الوجه يمكن تبريرها من وجهة نظر أمنية ولأغراض مكافحة الفساد والتزوير. يذكر أن فرنسا تعتبر من أكثر الدول الأوروبية التي يقطنها المسلمون حيث يبلغ تعداد المسلمين فيها ما بين 5 و6 ملايين شخص وتؤكد وزارة الداخلية الفرنسية أن نحو 1900 امرأة مسلمة فقط يرتدين النقاب أو البرقع .