ان تصير المرأة طرفا مساهما وفعليا في تسير الشأن العام ومحورا أساسيا في العملية التدبيرية وقائدا لها في مجتمع مازال قسم عظيم منه ينظر إليها نظرة دونية وازدراء ولذة وتشكيك من منطلقات عدة وبتبريرات متعددة ان تصبح المرأة من مهندسي مستقبل جماعة أو مدينة أو جهة أو قطاع أو إقليم , ان تكون المرأة كائنا 'فاعلا 'متبوعا مقررا في مصير رقعة جغرافية تنتمي إليها ,ان تنتقل المرأة من وضع دنيء سلبي هامشي مقتصر على وظائف البيت والمزرعة في جزء كبير منها , ان تقفز من وضع الصورة النمطية التي ظلت لصيقة بكيانها الى وضع اعتباري يحررها من رواسب الماضي وبراثين التخلف ويدفع بها دفعا الى زعزعة الإيمان بالوظائف والأدوار والمهام التي يرسمها لها البعض كل عمل او مبادرة تنحو في اتجاه تحقيق ما سبق لا يمكن ان توصف إلا بالفعل المحمود والرائع والنبيل والثوري الى حد ما أيضا في مجتمع لازالت تعاني فيه ما لايطاق من البيت حتى المعمل, في مجتمع يعاني من ارث سلبي ثقيل يتطلب الخلاص منه وتطهير الذوات من عوالقه عملا عظيما ومجهودا كبيرا , ان عملا في هذا الاتجاه لن يكون مثمر النتائج على المرأة فقط بل على المجتمع برمته باعتبار المستهدف منه يشكل نقطة ارتكاز مهمة في أوساطه ,أن نبادر الى أنصافها من خلال المبادرة والتمكين والحماية هو إعلان عن التكفير على ماض ظالم مسيء لها كانسان أولا وقبل كل شيء ,هو رد لاعتبار مفقود منذ عهود وجبر لضرر إضافي ألحق بها على مر عصور ومازال يكرر وبتعنت أحيانا من قبل الرجل , ان نولي المرأة اهتماما وعناية ينبغي ان يكون بدافع تسديد دين ظل معلقا ومازال من طرف مجتمع أخد منها ولازال يأخذ كل شيء دون ان يبادل ذلك العطاء الوافر باي شيء . اذا كان المحرك الأساس نحو الاهتمام بالمرأة والرقي بها الى المكانة اللائقة بها ونقتصر في مقالا هذا على تمكينها من حق المشاركة في التسيير والتدبير المحلي للجماعات كما صرح به هو إحقاق حق واعتراف بخطأ موجه لذاتها كمواطن وتدرج في اتجاه تمكينها من باقي حقوقها المبتورة حتى الان والذي سيكفل لها بذلك الحق الكامل في المواطنة الى جانب شقيقها اي اذا كان المحرك في الإقدام على هذه الأفعال هو مسألة مبدأ وقناعة توصلنا إليها ورسخت في عقولنا ونحن نضع أقدامنا على عتبة القرن الواحد والعشرين اذا كانت هذه هي الخلفية في القفز بتمثيلية المرأة الى مستوى 12 في المئة من مجموع المنتخبين فان ذلك لا يمكن الا ان يدفع المرء ليقف وقفة إجلال للمبادرة والمبادر في تحقيق ذلك وتسجيل نقطة حسنة حتى ولو كان المبادر يضع نفسه في الصف المعادي الا ان الأمر اذا ما نحن امعن النظر فيه جيدا يبدو غير ذلك ,ونحن على بعد سنة من تمكين المرأة من كوطا في الانتخابات الجماعية –وفق أسباب ودواعي معلنة- بعدما تم الاتفاق بين الأطراف المساهمة في العملية الانتخابية بالمغرب على الفكرة وحجمها وبمبادرة من الصانع الأول للقرارات –المخزن- فكان ذلك ميزة طبعت انتخابات يونيو 2009 وحولت أنظار العالم نحو بلادنا ونحن نقدم على فتح عظيم وتحولنا بفضل ذلك من مجتمع تحكمه مجالس ذكورية محضة الى مجتمع ذو مجالس ذكورية تتخللها رتوشات نسائية وهو ما اعتبر انجازا نوعيا الا اننا وبعد مرور عمر مهم من هذه التجربة يحق لنا التساؤل حول أدوارها –المرأة- داخل هذه الأجهزة المنتخبة ونسبة مشاركتها في صناعة القرار المحلي كلبنة أولى من لبنات صناعة القرار الوطني من منطلق ان التمكين والإشراك لا ينتهي ولا يتعلق بالتواجد فقط ضمن طواقم المجالس بل يتوقف على المهام والمسؤوليات الموكولة اليها وحجمها ونوعيتها –رئيسية او ثانوية- وما مدى الثقة التي وضعت فيها بمحاذاة الرجل باعتبارهما يحملان صفة واحدة هي مستشار وممثل مجتمع داخل القبب الجماعية قروية كانت او بلدية وبهذا النبش والوقوف الجيد والدقيق ستكتمل الصورة لدى القارئ من اجل التحقق من جدية الدوافع المعلنة للاختيار وحقيقتها والوجه الاخر الخفي للاختيار لكن قبلا لنقف على بعض النقط الأساسية حول هذا الاختيار /الانجاز وهذه المبادرة المتمثلة في تمكين المرأة من المشاركة جنب الى جنب مع الرجل في دواليب التسيير المحلي وتحويل العمل الجماعي من عمل ذكوري الى عمل مشترك بين ذوات مختلفة من واقع الاحتكار الى الانفتاح والتعدد والدمقرطة : *اولا : هل كانت التنظيمات السياسية –الأحزاب – مبدئية في إشراك النساء في هذه العملية وإعطائهم التزكية بأريحية وسعة صدر وطيب خاطر ونضج سياسي وصلت إليه ام هو قبول عن مضض ؟ *ثانيا : هل دخول المخزن باعتباره أس العملية السياسية بالمغرب في هذا الاختيار هو تعبير عن الوصول الى درجة من الوعي بأهمية المرأة في الحياة العامة وإنصاف لها كذات مواطنة في طريق تمتيعها بحقوقها عموما والسياسية على وجه أخص ام الغاية تحقيق مأرب أخرى من قبيل البحث عن تسجيل نقطة حسنة في عيون الاخر من منظمات وحكومات خارج الحدود خصوصا اذا ما علمنا المرض المزمن للماسكين بزمام الأمور بعقدة الظهور وداء الواجهة من جهة و استخدام هذا الامر كسيناريو جديد للرفع من نسب المشاركة في التصويت والإقبال على عملية أصبحت تشهد عزوفا في السنون الأخيرة . *ثالثا : هل كل النساء المبادرات لدخول في هذه العملية والالتحاق بركب المنتخبين وممثلي الشعب بالمجالس المحلية كن من منطلق اقتناع ونضج وباستقلال تام عن الذكور وبدون موافقة وضوء اخضر منهم –الولاية في الانتخابات- ام كن مدفوعات وبالتالي هن كراكيز انتخابية لخدمة مأرب ذكورية وأدوات مسخرة لمصالحهم وهن يحق طرح تحقيق المبادرة في عمقها والتي تغي تحرر نون النسوة واستقلالها . فالإجابة عن هذه الأسئلة ومثيلاتها هو من سيبين لنا مدى جدية هذا الاختيار ودوافعه الحقيقية لا المعلنة والغوص في تفاصيلها وتفكيك المعطيات وقراءتها بفكر يقظ وسبر لتمفصلات العملية برمتها واذا مانحن أحجمنا عن المسألة وغضضنا الطرف عن هكذا اسئلة حول الذات المعنية وقدراتها ونوعيتها واستعدادها و مؤهلاتها والعقلية الذكورية السياسية البيروقراطية للأحزاب ودرجة اقتناعها بالفكرة ودواعي الطرف المبادر الحقيقية وغيرها من الأفكار التي يرى فيها البعض تشكيكا وتسفيها في نبل الفكرة وعبقريتها واعتبرنا ان المحرك او الدافع الأساس هو نضج سياسي ومجتمعي وصحوة ضمير المغاربة تجاه نصف المجتمع وتحول في عقليات رواد هذا المجتمع والمتحكمين في سيرورته فان أسئلة المابعد الاستحقاقات المطبوعة بكوطا نسوية اعتبرت تمييزا ايجابيا في افق المساواة على الاقل في الحق في الترشح وتسيير الأجهزة المنتخبة كمدخل في اتجاه المراكمة لتحقيق المزيد من المكتسبات وتوسيع هامش التحرر والاختيار لذا تاء التأنيث المغربية سيظل يزاحم المتتبعين لهذا الاختيار ومن هذه الأسئلة الشائكة والتي من شأنها ان تعري جزء من حقيقة المبادرة هي أي دور لها بعدما تجاوزت عقبة الوصول الى الكراسي وأصبحت في موقع مقاليد التسيير ؟ واي وظائف أسندت لها في هذه المؤسسات ؟ ولماذا انتهى بها المسار فقط بالمجالس الجماعية المحلية دون ان تفرض مكانتها بالمجالس الإقليمية والجهوية بنفس حجم تواجدها بالمجالس المحلية ؟ و اي المواقع أعطيت لها في قاطرة التسيير ؟ وهنا سنعود من خلال هذه الأسئلة وغيرها الى سؤال القناعة لدى المبادرين في تمكينها من هذا الحق ومستوى ممارسته ؟ يبدو على الاقل في أحد الجوانب من العملية ان تمكين المرأة من كوطا في هذا الاستحقاق لتعبيد الطريق لها لمابعد لم يكن سوى عملا فلكلوريا دعائيا كما ان الوصول الى صالونات التسيير لا يعني بالضرورة التمكن من آلياته وخباياه ومواقعه –الا من قبل قليلات محسوبات على رؤوس الأصابع – وان نصيبهن من التداول في الشأن الجماعي يبقى ضئيلا كما يتبين ان الغاية لا تعدو ان تكون تأثيث للمجالس الذكورية الخشنة بنون نسوة لطيفة . الى غيرها من الملاحظات التي تنبأ بان شعار تمكين المرأة من ذلك الحق فارغ من الجدية المطلوبة على الرغم مما تمثله النساء من مجموع الساكنة عموما والفئة الناخبة على وجه الخصوص ووزنها في صناديق الاقتراع وهو أمر ينضاف الى العلل التي يعانيها المشهد السياسي المغربي برمته .