المقال منشور بالتعاون مع مشروع منبر الحرية : www.minbaralhurriyya.org http://www.minbaralhurriyya.org/ يمثل محاولات وصول حركات الإسلام السياسي في العالم العربي الوصول إلي السلطة عاملا مركزيا من عوامل تحريك عدم الاستقرار الهيكلي –والياته- بحكم وضعه الجيوبوليتيكي, فضلا عن وزنه الاقتصادي كمستودع للطاقة بالنسبة للعالم فضلا عن وزنه السياسي, علاوة على أنه يمثل تحديا سياسيا كبيرا للنظم العربية . سواء في المشرق أو المغرب وهذه الحركات الأخيرة المغاربية تؤثر نسبيا على التفاعلات السياسية في المشرق العربي , نظرا للارتباطات الإيديولوجية والسياسية , والتنظيمية لها مع حركة الإخوان المسلمين في مصر, والسودان, وبعض الجماعات الأخرى بالإضافة إلى وجود علاقات مع نظام الأصولية الشيعية الحاكمة في إيران, وتحكمها في حزب الله اللبناني الذي يتبع لها عقديا وايدولوجيا وسياسيا ويتبنى بالكامل أجندتها. فضلا عن التغلغل الإيراني في العراق , وما الأزمة السياسية التي حدثت بين الجزائر وبين الصفوة السياسية الحاكمة في إيران بعيد منع جبهة الإنقاذ من تولي الحكم في الجزائر, وما قطع العلاقات بين المغرب وإيران مؤخرا نظرا للأنشطة الشيعية الدينية في المغرب الا دليلا على ذلك. وكان نجاح حركة حماس وقبلها جبهة الإنقاذ وإلى حد ما حزب الله اللبناني وحركة الإخوان المسلمين في مصر في الحصول على مقاعد نيابية عبر صناديق الاقتراح, تمثل حالات وصول الأصولية الإسلامية السنية إلى مفاصل الحكم عبر الآليات الديمقراطية –باستثناء حالة الجبهة القومية الإسلامية في السودان, التي تحالفت مع انقلاب عسكري, مما يعدها الأصوليون تجارب مرجعية يتم استلهماها في المنطقة كلها , سواء في إدارة العملية السياسية مع الدولة أو في آليات إدارة العمليات الانتخابية. وقد يكون لازما عرض التباين بين نموذجين من تلك الحركات : إذا نظرنا إلى نماذج الإسلام السياسي الطرفي وهو النمط الذي برز منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي في السودان وتونس والجزائر, وهو نمط انتشر انطلاقا من مرجعية تاريخية تتمثل في حركة الإخوان المسلمين في المركز (مصر ), وتميزت العلاقة بين إسلام المركز والأطراف , بالضمور الفكري وتآكلها الذاتي على مستوى بنية الأفكار السياسية , والإجتماعية في المركز, و ما بدا من حيوية وتمدد في الأطراف, ففي حين أن الكوادر القيادية في المركز تتسم بالشيخوخة – العمرية والسياسية –اتسمت عناصر في القيادة في الأطراف, بالتكوين الثقافي المتميز في مستوياته العليا, وبالتفاعل الخصب بين الجماعات والقيادات السياسية في الأطراف , ونقل الخبرات التنظيمية , وصياغة الخطاب السياسي الإسلامي الجديد. مع ملاحظة طبيعة التكوين العلمي والثقافي لهذا النمط من القيادات ( عباس مدني الذي كان يرأس جبهة الإنقاذ الجزائرية ثقافته ثلاثية المكونات انجلوفونوفرانكوفونوعربية، ودكتوراه في التربية من انجلترا). و(حسن الترابي الذي قاد انقلاب الإنقاذ في السودان، دكتوراه في القانون الدستوري حول الظروف الاستثنائية في النظامين الفرنسي والإنجليزي , ومعرفة بالشريعة الإسلامية على مستوى رفيع). وتميز الإسلام الطرفي في إنتاجه الأيديولوجي بخطاب مختلف وحديث ,ونظام لغوي يختلف عن خطاب ولغة المركز التقليدية , التي تجاوزها خطاب الإسلام السياسي الراديكالي (الجهاد مثلا-)وكلاهما يستخدم المناورة من خلال بروز اتجاه يرى إمكانية تحقيق الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية –وفق مفاهيمهم-عبر صناديق الاقتراع , وبين اتجاهات ترفض الآلية الانتخابية لبناء الدولة الإسلامية , تحت شعار "إلى الدولة الإسلامية فورا", و" الدولة الإسلامية فريضة ولا تحتاج إلى صندوق اقتراع". .وانطلاقا من الإطار الجيوبولتيكي والإيديولوجي الذي تتحرك فيه حركات الإسلام السياسي الأصولي, سواء في المركز أو الأطراف يمكن رصد حركتهم السياسية في سبيل الوصول إلي السلطة على النحو التالي: (1) استفادة من بيئة نمو الغضب الاجتماعي والسياسي في المدن, والتي تتمثل مكوناتها في البطالة –الشباب- وأزمة الإسكان . (2) محاولة الاستفادة من فجوة المصداقية السياسية التي تكرست من خلال عجز تلك النظم وأجهزتها, ومن ثم محاولة تجنيد هؤلاء الشباب وإعدادهم ايدولوجيا وتعبئتهم سياسيا ضد نظم الحكم في الجامعات والأحياء ومحاولة الانتشار داخل النظام الإقليمي . (3) استغلال وتوظيف الخطاب الديني الذي تسانده الدولة عبر وسائل الإعلام , والتعليم في البناء عليه , وتطويعه نحو خطاب تلك الحركات انطلاقا من أن سيادة وشيوع البيئة والرموز والأسانيد الدينية للخطاب الحديث يؤدي إلى إضعافه وقوة الخطاب الديني . (4) استغلال المساجد في التعبئة , والتنشئة الدينية العقدية, وتجنيد الكوادر. والاهتمام بوجود كادر قيادي وسيط قادر على ملء الفراغ القيادي في حالة اعتقال القيادات العليا. مع محاولة الاستحواذ على النقابات المهنية عبر استغلال الحشد والتنظيم مع تقاعس الآخرين أو عدم حماستهم للإدلاء بأصواتهم . (5) محاولة إعداد قائمة الأعمال السياسية لتلك الحركات بمهارة ودقة , ومحاولة فرضها على الدولة والحكم , والقوى السياسية الأخرى , لتكون تلك الحركات هي المبادرة بالقائمة والفعل المواكب لها , وتكون القوى الأخرى , وعلى رأسها الحكم بمثابة رد فعل لمبادراتها وسلوكها السياسي , وهو الأمر الذي يؤدي إلى إرباك الخصوم السياسيين , وعدم قدرتهم على بلورة رؤية سياسية مخططة قادرة على المبادرة . وتلك الحركات تثير إشكالية حيث أضحت المسألة الديمقراطية, وحقوق الإنسان أبرز بنود المطالبات المتعددة بالتغيير في عالمنا الذي يموج بالدعوات المختلفة للتعدديات مع ملاحظة أن الضغوط القادمة من النظام الدولي , وما دونه إلى قاعدته , تخفي وراءها مصالح متعارضة , ومتشابكة , وتجد دعاوى التعددية أيا كانت مصادرها مقاومات في البنيات الداخلية , هنا التناقض الإشكالي بين التوق العارم في الحركة الاجتماعية , والسياسية للديمقراطية والتعددية كأسلوب حياة , واليات العمل المؤسسي واليومي , وبين طبيعة التكوين الفكري والخبراتي للفاعلين سياسيا , إذ أن هؤلاء يرفعون شعارات , وخطابات التعددية , والليبرالية , والاحتكام إلي صناديق الاقتراع, وفي ذات الوقت يقفون ضد هذه القيمة الأساسية إذا ما أدت نتائج الاقتراع إلى ظهور الخصم السياسي- الثقافي ظافرا. وفي ذات المستوى فإن بعض القوى اختارت الوصول إلى السلطة السياسية عبر آليات التعددية والاقتراع , وذلك لتنفيذ مشروع سياسي يناهض جذريا المشروع الليبرالي التعددي في قيمه, والياته ,.