قرأت قبل أيام على صفحات إحدى الجرائد الالكترونية أن السلطات المركزية بالمغرب وجهت مذكرة إلى السلطات الإقليمية والمحلية قصد القيام بإحصاء للمجازين المعطلين المتواجدين بنفوذها وأشارت الجريدة إلى أن الخبر ورد على صفحات إحدى المنابر الإعلامية المكتوبة مؤخرا وحسب ذات المصدر فإن الأمر الذي أثار كثيرا من الإستفهامات في أوساط المعنيين به لم تصدر عن وزارة التشغيل أية إشارة حوله مكتفية –الجريدة- بالإشارة إلى أن أحد الأطر المعطلة المرابطة بشوارع العاصمة منذ سنوات صرح بأن الإحصاء يأتي في سياق حديث أوساط وزارية وشخصيات وازنة عن توظيفات استثنائية وغير مسبوقة ويضيف المقال إلى أن المذكرة المرفوعة تتضمن أيضا الأمر بإحصاء المختلين عقليا المتواجدين بنفس النفوذ الترابي . ما أن انتهيت من قراءة هذا المقال المقتضب حتى تناسلت حولي مجموعة من الأسئلة الحارقة التي جعلت من المقال منبع أسئلة بدل مصدر أخبار كما يريد له صاحبه الأمر بطبيعة الحال لا يتعلق بأسئلة من قبيل كيف سيتم توظيف المجازين والمناطق المستفيدة من بركة المخزن هاته وحظوظي ضمن هذه الحظوة الميمونة من حكومتنا السخية وفي أي قطاع سأكون وغيره من الأسئلة التي يمكن ان يطرحها المهمومين بالبطالة وعطشى المناصب والوظائف والمدمنين على مواقع الوظيفة وصفحات المباريات بل جرني التساؤل المر الى قبلة أخرى بدءا بالجهة المسؤولة عن الاحصاء بالمغرب عموما وإحصاء المعطلين على وجه الخصوص هل هي وزارة الداخلية ام وزارة التشغيل ام مندوبية الاحصاء التخطيط وأكيد اذا عرفنا الجهة المخول اليها هذا الاحصاء فإننا حتما سنعرف الى حد ما الاهداف منه والغايات وأسباب النزول ,فوزارة التشغيل في المغرب حسب علمنا هي في ذمة الله منذ زمان ليس بالقصير ولا اعتقد ان هناك مبرر في وجودها وكل باحث في رئاستها" مسخوط الوالدين " لا محالة وهو امر يسري على عدد من الوزارات ووزارة الداخلية هي بمنأى عن هذا الاحصاء فهي تعرف المعطلين واحدا واحدا فمن لم تمضي على جسده بطابعها اثناء قمع الاحتجاجات تسند مهمة تتبع سكناته وحركاته للمقدمين والشيوخ والقواد ... والمندوبية السامية للتخطيط هي مؤسسة زايدة ناقصة وسامية عن هذه الملفات التافهة وهي جهة إذا حضرت تستشار وإذا غابت لا تنتظر وهي مندوبية والمندوب في الشرع معروف هي جهة لا تطفو على السطح الا حين" تتكالب" على المغرب هيئات دولية بتقارير تعري واقعه وتبين الدركة التي يتواجد بها من سلم الدركات في العالم من اجل الزفير والنفير بل تجاوزت الامر مؤخرا بتقديم دروس ومحاضرات لهذه الهيئات عن كيفية اعداد هذه التقارير حتى تكون في المستوى المطلوب لا علينا فالحكومة متضامنة ولي جا يجاوب ولي كاين يقضي ولا غرابة مادام المغرب مقتضي بالمثل القائل لي كاين يقضي ويعدي فلا تستغرب اذا وجدت مهندسا في القناطر وزيرا للثقافة وتقنيا في الطيران وزيرا في الفلاحة ومتخصصا في الفيزياء وزيرا للرياضة وضابطا للأمن وزيرا في الاعلام ومتخصصا في الإعلاميات كاتبا في الحالة المدنية ودكتورا في المحاسبة شاوش في البلدية ..... وغيره من العجائب عند العاقلين فالمسؤلية فرض كفاية , لكن ما اثار استغرابي كثيرا هو حول العلاقة السببية الدافعة لجمع إحصاء المجازين بإحصاء المختلين عقليا في مذكرة واحدة قلت ربما لقلة الورق لدى الوزارة ولضعف ميزانية ام الوزارات وربما الحكامة الرشيدة لوزير جديد لم اقتنع بهذه الاجابات التي حاولت ان أنهي بها وطئة السؤال على صدري معتبرا أن أي حركة تقدم عليها ام الوزارات لا تكن اعتباطية فالكل مدروس حسب ما يقولون حتى وان أخفقت في عدد من المناسبات حاولت ان أقدم إجابات أخرى لعلها تشفي غليل البحث في الجامع بين الاثنين وان كان في الوهلة الأولى يبدو أشبه بالجامع بين السماء والأرض فالفرصة سانحة لإتهام الدولة بالإساءة لنخبة معروف عنه نباهتها وسوية عقلها ودفعها للاعتذار عن خطيئتها والتعويض وجبر الضرر وبعد بحث مضني وتحقيق في الامر كانت الأمور على غير ما أردت وهكذا وجدت : -أن قسما وفيرا من معطلي هذا البلد يجمعهم وجه شبه مع المجانين والمختلين عقليا فهم يؤمنون إيمانا أعمى موروث عن أسرهم ان الشهادة والكفاءة توصل صاحبها الى منصب او وظيفة اوتوماتيكيا وهو امر لا نجد له أثر في الواقع فالشهادة والكفاءة لا يضمنان لصاحبهما ما يريد فهما في حاجة الى من يعضضهما من مال وولاء وقرابة وغيرها من الطرق الملتوية وقد لا تحتاج لهذه الشهادة او الكفاءة لتحقيق ذلك مكتفيا بالامور الثانية فهل في المغرب معطل ينتمي الى فئة راقية ؟ كل المعطلين من فئات مسحوقة ولا تستغرب اذ ا وجدت شخصا يقل مستواه عن الباكلوريا في منصب مهم وقريب من صناعة القرار او في ديوان وزير ومن هنا يبدو ان المعطلين الذين يجعلون الشهادة مفتاح العمل لوحدها ووسيلة كافية للتسلق الاجتماعي والمختلين عقليا متشابهان حد التماهي فكلاهما يؤمنان بأمور يعتبرونها حقائق هي في واقع الامر أوهام وهلوسة وكوابيس . -أن فئة عريضة من أفراد المجتمع ومن جملتهم عدد من العاطلين لا يتوانون في نعت عدد من المعطلين الذين يدافعون عن حقهم في الشغل وإصرارهم على انتزاع ذلك بالإقدام على أشكال وتعابير ولسنوات عدة من اجل إحقاق حقوقهم لا يتوانون في نعتهم بالحمقى والمختلين عقليا ويقدمون على سلوك غير سوي مرددين القول :"هادوك راه حمقين لي مازلوا كايطالبو الدولة توظفهم شحال قد الدولة تشغل " ونفس الامر يصدر عن اولئك الذين يعطون وعودا في السر والعلن للمعطلين من برلمانيين ومسؤلين قائلين :" هذاك حمق يسحاب ليه شهادة بغات توكلو الخبز فابور مشا ذاك الزمان دابا ما كاين غير دهن سير يسير " . -أن عدد من المعطلين المكتوين بنار البطالة لا يعتبرون لذلك يمكن وصفهم بالحمقى والمجانين من منطلق أن العبرة ضالة العاقل فتجدهم يتعاطون المرة تلو الاخرى مع شعارات الدولة وأكاذيبها وبنوع من الثقة الزائدة رغم ان التجربة والاحداث أتبتت زيفها فما ان يعلن عن استحقاق انتخابي حتى تجد عدد منهم وراء سماسرة ومسترزقين بهمومهم وأحيان للأسف لا يصلون الى مستواهم المعرفي والأكاديمي ومع ذلك يثقون بهم ويدعمون حملاتهم وما ان تعلن الدولة عن كذبة من أكاذيبها حتى يشرع الكثيرون منهم في صناعة مستقبله بأوهام ما أنزل بها من سلطان فمن مجلس الشباب والمستقبل الى فضيحة النجاة الى مقاولتي الى المخطط الاستعجالي الذي دفع بعدد من المعطلين الحمقى الى الاعلان عن نهاية مأساة البطالة وشرعوا في العودة الى دروس البدايات ومنهم من يصبك بالضجر وداء المعدة وهو يتحدث بثقة زائدة عن إجابته الصحيحة في المباريات وسهولة الامتحانات مستبقا النتائج المعلنة سلفا بالتنظير لمستقبله الزاهر ناسيا او متناسيا ان التاريخ أتبت الفشل وعرى عن عورات كل المبادرات وزيفها وان الضحك على المواطن وربح الوقت والمال لدى المسؤلين هو الأمل والمقصد وما سواه هراء في هراء فلو كان الجد في كل ما يقدم ما كان عباس الفاسي هو الوزير الاول . تلك قرائن تتبت ان تهمة الجنون ثابتة والمعطل مدان وراثة وقولا وفعلا حاولت ان ابحث عن قرائن تبعد التهمة وتوقع المخزن فكانت كلها ضعيفة تمتمت يمينا ويسارا بعد ان ايقنت علم اليقين وقلت لا بأس فالمعطل مجنون والجمع جائز بين الاثنين وأضفت ضمدا جرحي بالقول المجنون فاقد كل شيء إلا عقله والحكمة تأخذ من أفواه المجانين وما ان لملمت أوراقي وجمعت الملف وأعلنت رفع الجلسة حتى وقفت بجانبي امرأة فبادرتني بالقول يابني اتصل بي ابني وقال لي اسألي فلان او فلان عن سر ما يجري في الدولة عن المعطلين قلت لها وأنا مثقل بالأحزان وغير قادر على مزيد من الكلام هات لي رقم هاتفه لأحكي له ما كان .