أقبع في هذه القرية وحدي بالقرب مني مقبرة للأموات . أسكن في منزل وظيفي أصغر من قفز فيه بيت وتواليت . أطبخ أكلي أمام سريري . وهذا ليس مهما , فأنا أقول حمدا لله لأن لي عملا وغيري يأكلون نصيبهم من الزرواطة في إضراباتهم طلبا للعمل . المشكلة أنه إن نفذ مني شيء فعلي أن أنتظر أسبوعا كاملا حتى أجده , فالسكان الأغنياء لا يرحمون المدرسين , أما الفقراء فلا يملكون هم لأنفسهم شيئا . وإن أردت الذهاب للسوف فتلك قصة أخرى . مشاكل النقل التي لا تنتهي حتى أصبحت تجري مني مجرى الدم . ورغم ذلك كله نقول لا بأس فنحن نقوم بمهمة سامية من أجل أبناء شعبنا . ما يحز في نفسي هو لامبالاة المسؤولين وأفكارهم الغريبة الغير معقولة . بدءا من المدير الذي لا ينتظر مني عملا أكثر مما ينتنظر مني أن أقدم له طعاما شهيا عندما يزورني أحيانا . أما الويل الأكبر هو عندما يزورني مع المفتش الذي لا يقنع بأقل من دجاجتين لغداءه وحده مع الفاكهة , وإلا فإنه سيكتب أشياء ضدي في تقريره . المديرون والمفتشون عموما لا يبحثون إلا عن بطونهم والتملقات , بعضهم لا يستحيي من مغازلة ومعاكسة المعلمات أمام أعيننا ... النائب الإقليمي والوزير وأمثالهم جالسون في مكاتبهم الفخمة بمكيفات هوائية , يطالعون تقارير مغلوطة , وعندما يخرجون يذهبون إلى اجتماعات ومحاضرات وندوات مفبركة لا علاقة لها بالواقع . ثم يتساءلون لماذا نحتل الرتب الأخيرة في التعليم , فلا أحد يقوم بواجبه . المفتش لا ياتي إلا مرة في السنة أو مرتين عند المعلم . والنائب الإقليمي مهتم بالصفقات المالية العمومية وبترقيته . والوزير يهمه فقط تقارير جيدة من الأقاليم ولو مزورة حتى يبقى وزيرا ... وهكذا . إنني أرفع كلامي عبر مرايا بريس الذي أتمنى أن ينشر تظلمي إلى كل المسؤولين من مدير مدرستي إلى الملك , لعل الضرر يرفع عن هذا القطاع , ولعل الكل يعرف ماذا يحدث في وزارة التربية والتكوين حقا. والسلام .