أبجديات التِّيه... "لعيونٍ ذكّرتْني بغاربِ الأيامْ"... نسجتُ عنواناً لجميلِ الأحلامِ وتأبّطتُ حزني والأسى وبدأتُ رحلةَ التّيه في عالمٍ أثخنني بالجراح واستكثر عليَّ أن أكون شاعِرَا... سرتُ متعثرا في ظلمة السراديب، فعسكرتْ في دواخلي مخاوفُ الأزمنة وعشَّشت على جدران روحي غربانٌ بوجوه الخطايا.. كتمتُ عن الكون أسرار عزلتي وانقطاعي وبُحتُ لدمعْ الشمعة بتفاصيل نكبتي والحيرة.. أعلنت حرب الصمت ضد نقيق التافهين وشرعتُ في تعلُّم أولى حِكَم الوجودْ.. كان الدّهر يمّاً والأفكارُ مركبا للإبحار نحو جزيرة الكمالْ.. وهذا الليلْ، عشقُ العظماء والحيارى، كان منقذي من جنون البشر في الأضواءْ.. أفرد أوراقي وأؤطِّر وحدتي برباعيِّ البؤسِ والألمْ/، التفاهةِ والندمْ، لأرسمَها لوحةً بلا أصباغْ، تجسد تيهَ الإنسانِ وعبثيةَ الوجود.. فيا أيها الليلُ الساكنُ فينا أَضئْ شعابَ الأفئدة واسدُل ستائرَك على شوارعِ مدينةٍ لا يروقُني عرْيُها النهاريُّ فأسرقُ، تحت جُنْحك، لحظاتٍ أهيم فيها على وجهي، باحثاً عن معنى بديلٍ للحياةْ!.. وتستقبلُني عيناكِ، تطوقانني، تأسرانني، تقودان خطواتي فوق الحشائش الخضراءِ النديّة، وتحلِّقان بي فوق الأشجار السامقة الصَّموتة.. تسيران بي فوق أسوار المدينة العتيقة.. ثم ترتفعان بي نحو نجوم السماء المتلألئة في أطراف الكون المترامية، حيث تشيِّدان لي عشّاً للحُبٍّ، دافئا.. ووكراً للحلم، وردياً.. ووطناً للأمل، سرابياً... وتتوحّد ذرّاتُ الكيان المتشظّي بصمت الكون الناعس، وتؤلِّف نواميسُ الطبيعة السرمدية سمفونيةَ عشقٍ أبديّ.. فيا أيها الليلُ الطويلُ لا تَنْجَلِ!.. فِداكَ نهارتي والعمرُ.. واتركْ أسير يرنو ويشكو الكأسَ تجريحَ المُقَلِ... لكنَّ الصبحَ لاح في الأفْق "نذيرُه"، وعند مدخل المدينة، بدا شبحُ إنسانٍ مهزومْ... [email protected]