حين تندغم القصيدة في تجاويف الأشياء،كاشفة مناطق اللامألوف فيها والمألوف على حد سواء. حين تنبجس الرؤيا مختلجة طرية لتتناغم وتتلاقح بقارئ ما، في زمن ما. حين يرنو الشاعر إلى الشمولية ،محتفيا بأشيائه الصغيرة،محررا إياها من القيود،مرتفعا بها نحو اللاحدود. حين ينخرط الشعر بالقارئ في إشراقة راجفة،يرج استسلامََََََََََه المجاني صوب وجود منفعل،ونشوة قلقة. حين ينتصب الخفي من الأمور، والمحجوب منها في خط مواز للمعلن عنها في كثافة مبهرة . حين يحتفي الشعر بالأسرار والغامض من الأشياء،وتتنامى فيه صفة الهتك والكشف ليجلو ويستغور في بذخ مفرط. حين تستحيل الشساعة أرحب ،والقيود أكثر احتمالا. حين يقف الشعر بنداوته في مواجهة قسوة الواقع،وتناقضاته وأحيانا تفاصيله البسيطة. حين تضحي الاستبصارات حقائق مريعة،ويصبح الشعر رؤية كونية،واستثارة جماعية،يتشارك فيها القصي والدني. حين تنبثق اللحظة المضيئة ميسرة للذات انخراطها ورتابة العالم. حين ينضح التعبير بالألم والفرح الضاربين في العمق الإنساني. حين تخلق القصيدة فرح التماس بين الذبذبات الروحية لكل من المبدع والقارئ في لحظة جمالية باهرة . حين تشكل اللمعة الشعرية لحظة تنوير لحضور إنساني كثيف. حين يتجذر في العمق ما يشبه الفرح،وربما ما يشبه الحزن،تتوزع الذات تناقضات تمتلئ حد الدنس،ويهيأ لها أن خواء عميقا يتحدر في الدواخل. حين يُشرعُ للريح في الصدر باب كبير،يغمرنا ما يشبه الماء...وكما لو أنا نولد من جديد،نعلن مصالحة الأشياء ،ونبدو أكثر احتمالا للحياة. حين يتخمنا الموت نقتنص الحياة من رحم الشعر،مستغفلين حرس الدواخل،مقترفين الشعر ملاذا. حين تحيط بك كل أشكال الدنس من كل صوب..حب مصادر،وجه لا وجه له،خيانة تستفحل كالوباء،طفل يتعلم المرارة قبل أن يتعلم الكلام،أخبار عابقة بروائح الدم والنتانة،عالم مقلوب الموازين،عالم ينضح بالحزن،الشوارع الفاجرة، الأزقة النائمة،الموت المرسوم على السحنات التقابلك صباح مساء. حين تتبدى أمامك صور الجمال بهية..وليد ملاك،ابتسامات صادقة،رغبة رائعة في الحياة،آيات ربانية متوهجة،طبيعة باذخة،توهج موغل في عمق الألم البشري،أحلام عنيدة. حين تستشري في دمك مراسيم الدهشة ،يتصعد فيك ما يشبه الأقحوان،تتسفلك دارة الزمن الغجري،وتحلم بوطن الخلاص. * حين تنمو في أحشائك نطفة الدهشة دونما استئذان،تمتطيها أول السفر..باكورة الفعل الشعري،وتلبسها آخر الاحتمال وخاتمته المرجاة. * حينما تشتعل الدهشة موقدة تباشير المقال، منفلتة من أسر المقام. * حينها... تتنادى الأزمنة في الشعر. ليس للماضي وجه ،ولا للحاضر لون،ولا تقاسيم للمستقبل..تختلط الايقاعات والفضاءات والأمكنة..يطفح الشعر حرا،صافيا،ساخرا من كل التوقعات؛يرتسم أوفر لُزوجة من لحظة الخلق الأولى إلى الامتداد الهادر،غير مستقر على حال،يسيل في كل الاتجاهات في فيض غامر.