شكل اللقاء الثاني حول المرأة القاضية الذي نظمته أمس الجمعة الودادية الحسنية للقضاة بمكناس ،محطة لاستعراض ما حققته المرأة المغربية في سلك القضاء ،ودورها في تقوية المؤسسة القضائية باستقلالية تامة إلى جانب زميلها في المهنة. وأكد وزير العدل السيد محمد الطيب الناصري ،في افتتاح هذا اللقاء حضور المرأة المغربية في سلك القضاء منذ عقود طويلة، حيث رسمت فيه نهجا قويما يبعث عن الاعتزاز، مشددا على حرص جلالة الملك في إطار تكريمه المتواصل للمرأة على تكريس أهمية حضورها في الجسم القضائي . واعتبر السيد الناصري أنه لا يمكن تحقيق أي تنمية قوية ومستدامة دون إدماج وتمكين المرأة من الحضور الفعال في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، مشيرا إلى أن دور المرأة القاضية في الميدان القضائي لا يتحدد بالحساب العددي بقدر ما يتحدد بدورها في جوانبه المعنوية ورمزيته القوية كفاعلة وصاحبة قرار. وقد أبرزت المداخلات التي ساهمت بها قاضيات من مختلف محاكم المملكة، أن ولوج أول امرأة إلى سلك القضاء منذ 1961 في شخص الأستاذة أمينة عبد الرزاق شكل محطة هامة في تاريخ القضاء المغربي ، معتبرة أن التجربة أبانت عن مدى حكمة وصوابية هذا القرار من خلال ما برهنت عنه القاضية من نجاعة وفعالية ونزاهة وموضوعية في تصريف القضايا المزمنة والشائكة كما وكيفا. وحسب الأستاذة بهيجة رشاد ،رئيسة غرفة بالمجلس الأعلى ، فإن مسيرة المرأة القاضية عرفت بعض الاحتشام في قبولها حيث بقيت بين سياسة الرفض أو القبول على مضض ، ولم تعرف المدة الفاصلة بين 1961 و1971 ولوج عدد كبير من القاضيات سلك القضاء ، بل إن من التحقن به لم يتعد عددهن عشر قاضيات . وأشارت إلى أن الفترة الموالية كانت بمثابة انطلاقة لمسيرة مستمرة وفعالة أضحت فيها تجربة المرأة المغربية رائدة في مجال القضاء بالنسبة للدول العربية وحتى بعض الدول الأوروبية ، إلى أن بلغ عدد القاضيات حاليا 644 قاضية ، أي ما يمثل نسبة 20 في المائة من مجموع القضاة البالغ عددهم 3237 قاضيا و21ر31 في المائة من مجموع قضاة المحاكم التجارية و46ر26 في المائة من القضاة المستشارين بالمجلس الأعلى. ولاحظت أن القاضيات الأوائل بذلن جهدا أكبر لإثبات كفاءتهن واستحقاقهن لنيل شرف القضاء واستطعن الارتقاء في أسلاكه لغاية الدرجة الاستثنائية ، وشرع في تكليفهن بمناصب المسؤولية على غرار زملائهن الرجال ابتداء من 1998 . ومن جانبه اعتبر الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى ،الأستاذ مصطفى مداح ، ، أن المغرب يحق له أن يعتز باختياره انخراط المرأة في سلك القضاء ،حيث أبانت عن مدى فعاليتها على مختلف المستويات ، مؤكدا أن منزلة المرأة القاضية كبرت وعلى شأنها بعد الخطاب الملكي السامي لعيد العرش ل2009 الذي دعا فيه جلالة الملك إلى أن تتبوأ مكانتها بأعلى مؤسسة دستورية تعنى بالشأن القضائي وألا يظل دورها مختزلا في إصدار أحكام تحسم في المنازعات ، بل أن تصبح عنصرا فاعلا في رسم إستراتيجية قضائية تروم مواكبة الإصلاحات التي يشهدها المغرب في مختلف المجالات. أما رئيس الودادية الحسينة للقضاة، الأستاذ مصطفى فارس ، فقد أكد أن تكريم المرأة القاضية وإعلاء شأنها ضرورة ملحة وعنوان بارزا على طموحاتها المشروعة . وقد تقاطعت مداخلات المشاركين في هذا اللقاء الذي نظم تحت شعار " المرأة المغربية كفاعل أساسي في التنمية" ،عبر محاور "القضاء والاستثمار" ،و "مدونة الأسرة والاستقرار الاجتماعي" ،و "المرأة المحافظة على القيم الاجتماعية" ،و"دور المرأة القاضية في الإصلاح القضائي" ،و"المرأة والسلم الاجتماعي" ، و"المرأة والتنمية"، في الإمكانيات المتاحة أمام المرأة القاضية لتكريس الاستقرار الاجتماعي والمحافظة على القيم الاجتماعية وإسهامها في إصلاح القضاء المنشود. كما شكل اللقاء فرصة لتقييم التقدم الذي أحرزته المرأة القاضية إلى جانب زميلها الرجل وظروف العمل ، وأيضا لإلقاء الضوء على مسيرة نصف قرن من مسارها المهني . وتميزت أشغال هذا اللقاء بتكريم أربع قاضيات أحلن على التقاعد بعد رحلة طويلة من العطاء والتفاني في العمل تدرجن خلالها عبر العديد من المناصب ويتعلق الأمر بالأستاذات، أمينة بن شقرون ،وخديجة الشريف الكتاني ،وفوزية هروس ، وفطومة المصباحي. كما شهد اللقاء الذي حضره بالخصوص والي جهة مكناس تافيلالت عامل مكناس السيد محمد فوزي ، والرئيس الأول لمحكمة الاستئناف والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمكناس ، وعدد من القضاة من مختلف مناطق المغرب، التوقيع على خمس اتفاقيات تهم الأعمال الاجتماعية للقضاة من أجل الاستفادة من بعض الخدمات.