تخصص منظمة الصحة العالمية اليوم العالمي للصحة لهذه السنة ، الذي يحتفل به في 7 أبريل الجاري ، للتحدي الذي يطرحه التوسع العمراني على الصحة العمومية خلال الثلاثين سنة المقبلة. وأفادت المنظمة الأممية ، بهذه المناسبة ، أن النصيب الأكبر من النمو الديموغرافي خلال الثلاثين سنة المقبلة سيتركز بالمناطق الحضرية. وحذرت المنظمة من أن التوسع العمراني يرتبط بعدد من المشاكل الصحية المتعلقة بالمياه والبيئة والعنف والصدمات النفسية، والأمراض غير المعدية وعواملها الخطرة ، مثل التدخين والتغذية غير الصحية والكسل وتناول الكحول، بالإضافة إلى المخاطر المرتبطة بتفشي الأمراض. وأوضحت منظمة الصحة العالمية أن التوسع العمراني يمثل مشكلة من عدة نواحي ، وأكدت أن السكان الفقراء الذين يعيشون في المدن هم الأكثر تضررا من مجموعة واسعة من الأمراض والمشاكل الصحية الأخرى، ويتعرضون لخطر عنف متزايد وأمراض مزمنة، وبعض الأمراض المعدية مثل السل وداء السيدا. كما أوضحت، في السياق نفسه ، أن العوامل الرئيسية أو المحددات الاجتماعية للصحة بالوسط الحضري لا ترجع لقطاع الصحة، ولكن ترتبط بمعطيات أخرى مثل البنيات التحتية والولوج إلى الخدمات الصحية والاجتماعية، والحكامة المحلية وتوزيع الدخل وفرص التكوين. ومع ذلك، أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن الحلول موجودة لمواجهة الأسباب الكامنة وراء المشاكل الصحية بالوسط الحضري ، واعتبرت في هذا الصدد، أن التهيئة الحضرية يمكن أن تعزز السلوك الصحي السليم والآمن، بفضل استثمارات في مجالات النقل وإنشاء مناطق مخصصة لممارسة الرياضة وتقنين التبغ وسلامة المنتجات الغذائية من الناحية الصحية . وأضافت المنظمة أن تحسين ظروف المعيشة بالمدن فيما يتعلق بالسكنى والمياه والتطهير يمكن أن يساهم كذلك بشكل كبير في التخفيف من المخاطر على الصحة، داعية إلى إنشاء مدن لا تقصي أحدا ومفتوحة في وجه الأشخاص من جميع الأعمار. ولاحظت أن هذه التدابير لا تتطلب بالضرورة تمويلا إضافيا، بل الإرادة في إعادة توجيه الموارد باتجاه التدخلات ذات الأولوية من أجل تحقيق نجاعة أفضل. وبمناسبة هذا اليوم العالمي، الذي يخلد ذكرى تأسيس منظمة الصحة العالمية، أطلقت المنظمة حملة تحسيسية تتعلق بالتهديدات التي يشكلها العيش بالمدينة على الصحة. وفي إطار هذه الحملة التي تنظم تحت شعار "1000 مدينة-1000 حياة"، تم تنظيم تظاهرات لدعم الصحة في جميع أنحاء العالم خلال الأسبوع الممتد من 7 إلى 11 أبريل الجاري ويتعلق الأمر بفتح الفضاءات العمومية في وجه الصحة , عبر تنظيم أنشطة بالمتنزهات والاجتماعات البلدية وحملات التنظيف أو من خلال إغلاق الأزقة أمام حركة السيارات . وأعلنت منظمة الصحة العالمية, في هذا الصدد, أن أزيد من 600 مدينة في جميع أنحاء العالم قد انخرطت بالفعل في هذه العملية التحسيسية. وهكذا, فإن جميع المدن, بغض النظر عن حجمها , وكل سلطة محلية , مدعوة للمشاركة في الحملة, كما أن المسؤولين في كل دولة مدعوون للمشاركة في الاحتفال بهذا اليوم من خلال تنظيم أنشطة وتشجيع المشاركة فيها . كما يمكن للأفراد أن يشاركوا في الفعاليات التي تنظمها المدن. كما دعت منظمة الصحة العالمية المدن إلى فتح بعض أزقتها أمام الأشخاص وإغلاقها في وجه السيارات من أجل منح المواطنين فضاء عموميا جديدا لممارسة الرياضة أو التنزه مع الأسرة , ولقاء الأصدقاء والجيران , وإجراء كشف صحي, وتذوق مأكولات محلية صحية أو زيارة مناطق الجذب المحلية. واقترحت المنظمة أيضا مبادرات أخرى, على شكل تظاهرات أو أنشطة سياسية لدعم حملة اليوم العالمي للصحة. ويتعلق الأمر بإعلان قوانين جديدة تتعلق بمحاربة التدخين , وبسلامة المواد الغذائية وتدبير النفايات, أو تنظيم تظاهرات منتظمة دون سيارات في يوم معين من كل أسبوع خلال فصل الصيف. وأوضحت المنظمة, التي تتوقع مساهمة الأفراد باعتبارهم محركي التغيير بالوسط الحضري, أن الموضوع الثاني يروم, من جهته, جمع ألف قصة لأشخاص يدافعون عن الصحة بالوسط الحضري وكان لهم تأثير كبير على الصحة في مدنهم. وأطلقت منظمة الصحة العالمية, من جهة أخرى, موقعا على شبكة الأنترنيت (1000 سيتيز. هو. إنت) لدعوة المنظمات والأفراد إلى التعريف بمبادراتهم الرامية إلى تحسين الصحة في بيئتهم عبر أشرطة الفيديو.