أكد العمدة الاشتراكي لمدينة ستراسبورغ السيد رولاند ريس، إن مدينتي فاس وستراسبورغ (شمال شرق فرنسا) العريقتين، اللتين تحتفلان شتاء هذه السنة بالذكرى العاشرة لشراكتهما "النموذجية"، مدعوتان إلى تعميق تعاونهما من أجل حماية تراثهما، مع مسايرة الحداثة. وقال، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة الاحتفال بستراسبورغ بالذكرى العاشرة للشراكة بين المدينتين التاريخيتين، المصنفتين تراثا عالميا من قبل منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، إن "الجهود المبذولة في هذا الإطار، يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الانشغال بحماية التراث مع الإهتمام بضرورات التغير التي يفرضها الواقع".
وتجدر الإشارة إلى أن مدينة ستراسبورغ، تحتفل، إلى غاية 31 دجنبر الجاري، بمدينة فاس، وذلك بمناسبة تخليد الذكرى العاشرة ل"الشراكة النموذجية" و"التعاون المثمر" القائم بين المدينتين.
وشدد عمدة ستراسبورغ على أنه "لا يجب معارضة التغيير، لا نريد مدنا متاحف، وإنما مدنا تتعايش مع المواطن. يجب أن تتطور مدننا على مستوى الأحداث التاريخية".
وعلى الصعيد الثقافي، ركز السيد ريس على أهمية المبادلات بين المدينتين في هذا المجال، مسجلا أن ستراسبورغ تسهر دوما على إشراك الفاعلين في الحركة الثقافية والفنية بفاس في مختلف أنشطتها ومهرجاناتها الرئيسية.
+ ستراسبورغ تتطلع إلى أن تصبح "امتدادا" لمهرجان الموسيقى الروحية بفاس +
وجدد عمدة المدينة التأكيد على إرادة مدينته تعزيز هذا التعاون الثقافي، معربا في هذا الصدد عن الأمل في أن تتمكن من الاستفادة من الإشعاع الدولي لمهرجان الموسيقى الروحية بفاس.
وقال "نأمل في أن تصبح ستراسبورغ امتدادا لهذا المهرجان، من خلال استقبال جزء من الكورال الذي يحيي حفلاته ضمن فعالياته".
وأوضح أنه تم التطرق إلى هذا الموضوع مع مسؤولين من مدينة فاس، ومن بينهم وفد قام مؤخرا بزيارة لستراسبورغ للمشاركة في الاحتفالات المخلدة للشراكة بين المدينتين.
وأشار إلى أن هذه الزيارة، شكلت مناسبة لبحث عملية تنفيذ مختلف أوجه التعاون بين المدينتين، المتضمن في اتفاقيتهما الأخيرة الموقعة في نونبر 2008.
وإلى جانب التعاون الثقافي وحماية التراث، يهم هذا التعاون على الخصوص ميادين حماية البيئة، ولاسيما في مجالات الماء والتطهير، وتعزيز خدمات المستعجلات بالمركز الاستشفائي الجامعي بفاس، خاصة عبر تكوين مهنيي الصحة.
من ناحية أخرى، أشاد السيد ريس بدينامية الجالية المغربية المقيمة بستراسبورغ، موضحا أنها تعد ثاني أكبر جالية بعد الجالية التركية (حوالي 15 ألف شخص).
وقال إن المسلمين يقيمون، بشكل عام، علاقات ممتازة مع باقي الجاليات بستراسبورغ، مبرزا "تقليد الحوار العريق جدا" بين الديانات الكبرى الأربعة بالمدينة.
وبخصوص النقاش الذي عرفته فرنسا إثر تصويت السويسريين بمنع بناء مآذن المساجد، اعتبر عمدة ستراسبورغ أنه لا يوجد داعي لحرمان أماكن العبادة الخاصة بالمسلمين من هذا الرمز الديني. وقال "من الطبيعي أن تتوفر المساجد الكبرى، خاصة ذات البعد الجهوي، على مئذنة".
+ بإمكان المسجد الكبير بستراسبورغ التوفر على مئذنة +
وحسب السيد ريس، فإن الأمر ينطبق على المسجد الكبير بستراسبورغ، الذي يوجد قيد البناء والذي تم حرمانه في إطار المشروع الأولي من مئذنته، خلال فترة ولاية العمدة اليميني السابق.
ولا يجد السيد ريس أي مانع في إعادة إدماج المئذنة في هذا المشروع، داعيا المسؤولين عن المسجد إلى إيداع رخصة جديدة للبناء في هذا الصدد لدى المصالح البلدية.
وكان مشروع بناء المسجد الكبير بستراسبورغ، الذي تمت عرقلته منذ سنوات بسبب صعوبات مالية وسياسية، قد خطا خطوة نحو الأمام في نونبر الماضي بعد وضع قبته. ومن المقرر انتهاء الأشغال به سنة 2010.
وقد أعربت الجالية الإسلامية بفرنسا، بعد إجراء الاستفتاء الذي تم بموجبه منع إقامة المآذن بسويسرا، عن "عدم تفهمها" و"استنكارها القوي" لهذا الاستفتاء، الذي فاجأت نتائجه كافة الأوروبيين المؤمنين بالسلام والعدالة.
وكان السيد ريس من بين الأوائل الذين علقوا على نتائج الاستفتاء في نونبر الماضي، حيث أكد أنه "موافق على إقامة مئذنة بالمسجد الكبير بستراسبورغ، بهدف ضمان معاينة الإسلام بالمدينة".