اختتمت أمس الخميس بكلية الشريعة التابعة لجامعة القرويين بأكادير أشعال ندوة علمية تكريما ل "عالم الصحراء محمد يحيى الولاتي " وذلك بمناسبة مرور مائة سنة على وفاته ( 1843-1912 ) . وقد أسهمت هذه الندوة العلمية في استجلاء معالم ومقومات التواصل العلمي والثقافي بين ربوع الصحراء المغربية وسوس العالمة وبقية أقاليم المملكة حيث شكلت مناسبة لنخبة من العلماء والأساتذة الباحثين المتخصصين للتعريف بالشخصية العلمية للشيخ العلامة الولاتي وتجديد النقاش في كثير من القضايا العلمية ولفكرية والنوازل الفقهية التي كانت محطة اهتمام الولاتي ومحور اشتغاله. وأجمعت تدخلات المشاركين في هذه الندوة العلمية ،التي نظمت على مدى يومين الى أن العلامة الشيخ محمد يحيى الولاتي كان أداة للالتحام الوطني وعالما مشاركا محدثا فقيها أصوليا وأديبا وشاعرا حيث قدم صورة ناصعة للتلاحم الوثيق الذي كان حاصلا قبل حقبة زمنية ليست بالبعيدة بين جنوب المغرب وشماله. وأشاروا في هذا السياق الى أن العلامة الولاتي كشف عن أهمية التواصل الفاعل الذي أحدثه بين واحات الصحراء مرورا بسوس موضحين أن هذا العالم الجليل أمضى حياته كلها في العلم و في التدريس والتأليف في مختلف الفنون نظما ونثرا فانتشرت به علوم جمة وتخرج على يده علماء فطاحل. وتوزعت أعمال هذه الندوة العلمية، التي عرفت مشاركة مكثفة لأعضاء المجلس الأكاديمي للرابطة المحمدية للعلماء خصوصا أعضاء الاقاليم الجنوبية للمملكة ، حول مواضيع همت " حياة العلامة محمد يحيى الولاتي وروافد تكوينه العلمي" و "التعريف بآثاره العلمية " و" رحلته الحجازية ومكانتها العلمية والتاريخية" و" جهوده الاصلاحية " و"تراث العلامة الولاتي بين الكليات والجزئيات ". ويأتي انعقاد هذه الندوة العلمية ،المنظمة من طرف ماستر المذهب المالكي بكلية الشريعة بأكادير بتعاون مع مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط بتنسيق مع مختبر علوم الاجتهاد بكلية الآداب والعلوم الانسانية التابعة لجامعة ابن زهر ،للتعريف بالتراث الولاتي ومكانته في تاريخ الفقه المالكي وأصوله بالغرب الاسلامي إحياء للصلات العلمية والثقافية التي تربط المغرب بالمراكز العلمية في موريتانيا مرورا بسوس و الصحراء و امتدادا في الآفاق المغاربية والمتوسطية والمشرقية. يشار الى أن الشيخ العلامة محمد يحيى الولاتي الذي ،خلف وراءه تراثا ضخما في مختلف المعارف الإسلامية يناهز مائة مؤلف ما بين مطبوع ومخطوط حيث بدأ التأليف منذ السابعة عشرة من عمره ، يمثل نموذجا حيا للتكامل المعرفي بين العلوم الإسلامية حيث نشأ في أسرة علمية ، وتعد حياته مثالا صادقا على وفاء العالم برسالته في محيطه وواقعه الاجتماعي تدريسا وإرشادا وإفتاء و إصلاحا بين الناس وكذا في القضاء بينهم في الحقوق و النصح لولاة الأمور ،والإنكار على أهل البدع وعدم موالاة أعداء الملة. وقد صنف العلامة الولاتي في التفسير وعلوم القرآن و الحديث فقها واصطلاحا واختصارا وفي الفقه المالكي وأصوله واصطلاحاته و قواعده .كما خلف جملة وافرة من الأجوبة حول مسائل متجددة في العقيدة و التصوف فضلا عن فتوى ونوازل متنوعة في الزكاة والأحباس و المعاملات والأوراق البنكية والجنايات والأعراف .