خلصت دراسة قدمت اليوم الجمعة بالدار البيضاء، خلال مائدة مستديرة حول (التطبيق القضائي لمدونة الشغل ومواقف الفرقاء الاجتماعيين)، نظمتها جمعية (عدالة)، إلى أن تطبيق مدونة الشغل ما يزال يحتاج لمجهود حقيقي من أجل إصلاح بعض مقتضيات المدونة وتفعيلها، وكذا تقوية أجهزة الرقابة والتفتيش وإصلاح القضاء الاجتماعي. وأوضح السيد عبد العزيز العتيقي (محامي وأستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بفاس)، الذي أعد الدراسة بطلب من جمعية (عدالة) وشركائها، وقدم خلاصاتها بالمناسبة، أن هذا المجهود يمر عبر الحوار الاجتماعي، وخلق شروط انسجام مدونة الشغل مع خصوصيات المقاولات والقطاعات بتشجيع إبرام الاتفاقيات الجماعية وإنجاز الأنظمة الداخلية وتفعيل أجهزة المشاركة المهنية. وحسب الدراسة، التي أعدت بدعم وتمويل من الاتحاد الأوروبي ومؤسسة (فريدريك إيبرت)، فإنه بالاستناد إلى مواقف الفرقاء الاجتماعيين، تم استخلاص أن تطبيق المدونة يشكو من عوائق تتمثل في معطيات واقعية تعرقل تطبيق المدونة والراجعة إلى "سلوك المقاولات وتعاملها سلبيا مع أحكام المدونة، ولضعف جهاز تفتيش الشغل بسبب فقر وسائله المادية والبشرية والقانونية". كما تتمثل هذه العوائق، تضيف الدراسة، في معطيات قانونية ترجع إلى "عدم وضوح بعض نصوص المدونة وتضاربها وعدم انسجام بعضها مع معطيات النسيج المقاولاتي"، إضافة إلى "ضعف فعالية القضاء الاجتماعي بسبب عدم إصلاح قواعد المسطرة وعدم التوفر على قضاء متخصص وقضاة متخصصين وضعف توحيد الاجتهاد القضائي". وتطرق السيد العتيقي، في هذه الدراسة بشكل مسهب أيضا، إلى جوانب أخرى تتعلق خاصة بمجال تطبيق المدونة، وتحديد مدة عقد الشغل، وإنهاء علاقة الشغل. وأبرز السيد العتيقي أنه اعتمد في إنجاز هذه الدراسة على قرارات المجلس الأعلى المنشور منها وغير المنشور، وكذا على قرارات بعض محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية، علاوة على مواقف الفرقاء الاجتماعيين. وفي سياق متصل، أشار السيد العتيقي إلى أن إنجاز مدونة الشغل بالمغرب شكل موضوع انشغال حكومي واجتماعي منذ الاستقلال، موضحا أنه منذ سنة 1979 بادرت الحكومة إلى التفكير في إعداد مشروع للمدونة والذي لم يكن إلا تجميعا للنصوص المتفرقة لتشريع الشغل. وفي السياق ذاته، قالت السيدة جميلة السيوري نائبة رئيس جمعية (عدالة)، إن الهدف من هذا اللقاء، الذي يعقد بعد ندوة بمراكش نظمت في أكتوبر المنصرم وخصصت لتقديم مشروع هذه الدراسة، يتمثل في الوصول إلى مقاربة مشتركة بين كل الفرقاء لتقييم المدونة بكل إشكالاتها التطبيقية على مستوى العمل القضائي، مع تقديم مقترحات وحلول لتلك الإشكالات. وذكرت بأن ندوة مراكش أسفرت عنها مجموعة من التوصيات منها ضرورة إعادة النظر في العديد من مواد المدونة وفق دراسات علمية وميدانية يقوم بها ذوي الاختصاص، والتسريع بإخراج القوانين التنظيمية اللازمة لتطبيق نصوص المدونة، وخلق مرصد وطني مكون من مهنيين وأخصائيين لمراقبة ومتابعة تطبيق نصوص المدونة. وقد حضر هذه المائدة المستديرة، التي نظمت بتعاون مع الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة والجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء، ممثلو قطاعات حكومية ونقابات عمالية ومؤسسات وجمعيات ومنظمات وفاعلين اجتماعيين وحقوقيين، وممثلي أرباب العمل وقضاة ومحامين وباحثين.