تنطلق غدا الثلاثاء بالقصر الجمهوري في بعبدا (شمال شرق بيروت) الجولة الثالثة من جلسات الحوار الوطني بين الزعماء اللبنانيين في ظل استمرار تباين الآراء بين أطراف هذا الحوار إزاء الموضوع الأساس للحوار وهو الاستراتيجية الدفاعية. وتأتي هذه الجولة التي يرعاها الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان بعد جولتين سابقتين عقت الأولى بين مارس ويونيه 2006 وتوقفت بسبب العدوان الإسرائيلي على لبنان صيف تلك السنة والثانية عقب اتفاق الدوحة الذي أنهى أسوأ أزمة سياسية عرفها لبنان منذ الحرب الأهلية والتي تم خلالها عقد سبع جلسات ،كانت آخرها قبيل الانتخابات النيابية التي جرت في يونيه من السنة الماضية. ورغم اتفاق الزعماء اللبنانيين من الأغلبية والمعارضة على أهمية انتظام جلسات الحوار لما لذلك من انعكاسات إيجابية على الوضع الداخلي واستتباب الأمن والاستقرار إلا أن نظرتهم لمضمون الجلسات تبقى رغم ذلك متباينة وهو ما يعكس عمق الخلافات التي ما زالت قائمة ويعاني منها الجسم السياسي اللبناني الذي ما زال يتعافى من الهزات العنيفة التي ضربته في الفترة الماضية. ففي الوقت الذي يطالب فيه أقطاب قوى(14مارس-الأغلبية) بمناقشة سلاح المقاومة في إطار الاستراتيجية لجعل الدولة المسؤولة أولا على السلاح وبالتالي على قرار السلم والحرب ترى الأطراف الأخرى في قوى(8 مارس-المعارضة) بقيادة (حزب الله) أن سلاح المقاومة غير مطروح للنقاش وأنه مخصص للدفاع عن لبنان ضد التهديدات الاسرائيلية المتكررة وأن هذا السلاح باق ما بقيت تلك التهديدات وحتى يتم تحرير كل التراب اللبناني (الغجر ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا). وقبيل استئناف جلسات الحوار التي سيشارك فيها هاته المرة 19 زعيما سياسيا عوض 14 كما كان حال الجولتين السابقتين برزت تباينات أخرى منها مطالبة أطراف في الاغلبية بمشاركة الجامعة العربية في جلسات الحوار باعتبار الجامعة هي التي رعت المصالحة وإتفاق الدوحة (20 ماي2008) فيما ترفض أطراف في المعارضة هذا التوجه وتقول بضرورة التحاور بين اللبنانيين وحل المشاكل داخليا بعيدا عن أي تأثيرات. وعن أهمية هذه الجولة من جلسات الحوار قال رئيس الهيئة التنفيذية ل(القوات اللبنانية) سمير جعجع، أحد أقطاب الأغلبية إن الجولة الأولى من الحوار توصلت الى قرارات وحلت الكثير من الأمور مما كان مطروحاً عليها من مواضيع كالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان والسلاح الفلسطيني خارج المخيمات والعلاقات مع سورية وان الجولة الثانية كانت بعد اتفاق الدوحة، معربا عن اعتقاده بأن مجرد انعقاد طاولة الحوار يظل "علامة ايجابية ولو بالحد الأدنى". وعما ستطرحه (القوات اللبنانية) وفريق (14مارس) على الطاولة في ظل تأكيد (حزب الله) أن سلاحه ليس موضوع الحوار قال بأن لا (القوات اللبنانية) ولا (حزب الله) سيطرحان ما يريدان، فلطاولة الحوار هويتها وتعريفها من اللحظة الأولى، وهذه الجولة هي الثالثة ولا تبدأ من الصفر" وما سنبدأ به (غداً) هو إكمالا لما بدأناه منذ 2 مارس 2006، ولا خلاف على هذه النقطة". واستطرد أن (سلاح حزب الله) صار تحت اسم الإستراتيجية الدفاعية وأنه ينظر إلى كل ذلك انطلاقا من " أن منطق الدولة ومنطق الثورة لا يلتقيان، ولذا فإن البند الوحيد المتبقي هو سلاح حزب الله ولو أنه يطرح الآن من زاوية الاستراتيجية الدفاعية". وفي مقابل ذلك أوضح أحد وزيري (حزب الله) في الحكومة محمد فنيش (وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية) أن هذه المرحلة هي فضاء وفاق وشراكة يجب العمل فيها معاً بروحية الوفاق للوصول إلى حلول تأتي معبرة عن إرادة وطنية جامعة. وشدد على أن الموضوع المطروح على طاولة الحوار هو مسألة الإستراتيجية الدفاعية، وان هناك فارقاً بين ان" نتحدث عن استراتيجية دفاعية لمعرفة كيف نستفيد من الإمكانات (سلاح المقاومة) التي أثبتت التجربة أنها قادرة على أن تحمي الوطن وتحرر الأرض وتصد العدوان، وما يريد البعض ايحاءه ان المشكلة في سلاح المقاومة، وأننا نذهب الى طاولة الحوار لنعرف متى ننزع هذا السلاح، وهذا الأمر ليس مطروحاً وليس موضوع طاولة الحوار". إلى ذلك قالت مصادر صحفية بأن جلسة الغد ستكون بروتوكولية عامة وسيفتتحها الرئيس سليمان بكلمة ترحيبية ويشرح ظروف دعوته للحوار، ويؤكد على أهمية جلسات الحوار ودورها على المستوى الوطني وما تم تحقيقه في هذا الإطار. وقالت المصادر إن الرئيس سليمان سيؤكد على أن البند الوحيد المطروح هو (الاستراتيجية الدفاعية) وأن من يرغب في إضافة أي بند آخر يمكنه اقتراح ذلك غير أنه سيرفض إضافة أي بند، ما لم يتم توافق جميع المشاركين فيه. وفي السياق ذاته كتبت صحيفة (السفير) المقربة من المعارضة اليوم الاثنين أن طاولة الحوار ستنعقد غدا وسط اجتهادات متناقضة بين أعضائها، في مقاربة الشكل والمضمون، إذ واصلت قوى الأغلبية وفي طليعتها (تيار المستقبل) (برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري) المطالبة بإشراك الجامعة العربية في الحوار، الأمر الذي يلقى رفضاً من المعارضة وعدم حماسة من رئيس الجمهورية نفسه.