شكل موضوع "التنمية البشرية المستدامة بين طغيان المؤشرات وحقيقة الرهانات" محور ندوة نظمها اليوم الخميس مركز الأبحاث القانونية والاقتصادية والاجتماعية بكلية الحقوق بالدار البيضاء. وأكد السيد محمد برادة رئيس المركز، في افتتاح هذا اللقاء، على أهمية موضوع التنمية البشرية، التي تعد إحدى القضايا الراهنة، التي تثير اهتمام البلدان والمنظمات الدولية. وأضاف السيد برادة أن هذا اللقاء سيتناول عددا من الإشكاليات المرتبطة بتحديد مفهوم التنمية وأشكالها ومعايير قياسها ومدى تعبير مؤشرات التنمية عن الواقع المعيشي للمجتمعات والأفراد. من جهته، أكد السيد رشيد بلمختار رئيس المرصد الوطني للتنمية البشرية، الذي قام بتنشيط هذه الندوة، أن التنمية البشرية تختلف عن النمو الاقتصادي الذي يمكن قياسه بمؤشرات تراكمية أو كمية تتعلق بالثروات الطبيعية ومعدلات استغلالها، مبرزا أن مؤشر الإنتاج الداخلي الخام لقياس النمو الاقتصادي لا يعكس كافة جوانب ومستويات التنمية. وبعد أن أشار إلى أن "مؤشر التنمية البشرية" الذي يعتمده برنامج الأممالمتحدة للتنمية يأخذ بعين الاعتبار مستويات الخدمات المقدمة للفرد والمجتمع في بعض المجالات الحيوية كالتربية والصحة، أكد السيد بلمختار أن هذا المؤشر الذي يشمل ثلاث مكونات تهم التعليم والأمل في الحياة وتوزيع الثروة لا يشمل هو أيضا كافة الأبعاد الأخرى للتنمية البشرية. وأضاف أنه لقياس مستويات التنمية البشرية ينبغي اعتبار النتائج والانعكاسات المباشرة على الأشخاص واستهلاك البيوت والاقتصاد الاجتماعي، فضلا عن مظاهرها في المجالات الصحية والتعليمية والحقوقية، مشيرا إلى أنه من أجل الوصول إلى ذلك ينبغي العمل على تحقيق أهداف الألفية. أما السيدة عالية الدالي، عن برنامج الأممالمتحدة للتنمية، فقد أكدت بهذه المناسبة أن مؤشر التنمية البشرية الذي تعتمده هذه المنظمة تم وضعه على إثر الانتقادات التي تم توجيهها للمؤشرات التي كان معمولا بها في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. وأضافت المتدخلة أن البرنامج الأممي للتنمية يصدر منذ 1990 تقريرا سنويا في جزئين يتناول أحدهما دليلا إحصائيا عن الدول، فيما يتناول الجزء الثاني من التقرير موضوعا محوريا كالهجرة (2009)، والتغيرات المناخية (2008). وأضافت أن الدليل الإحصائي للبرنامج يثير عدة إشكاليات وخاصة عند مقارنة الدول على أساس مكونات مؤشر التنمية البشرية التي تهم العمر المتوقع عند الولادة، ومستوى التعليم، ودخل الفرد، مبرزة أن هذا المؤشر لا يتحسس الديناميكيات الحاصلة في كل بلد. وأكدت السيدة الدالي أنه في الوقت الذي يعمل المغرب بجد على تحقيق أهداف الألفية والانخراط في عمليات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، تظل إشكاليات الفقر والتعليم والصحة هاجسا مطروحا بالمغرب، مبرزة أن رفع التحديات التي يواجهها المغرب يعد من مسؤولية الفرد والمجتمع. أما السيدة عائشة الشنا، رئيسة جمعية التضامن النسوي، فقد استعرضت خلال هذا اللقاء نشاطها في مجال العمل الجمعوي الذي يستهدف بصفة خاصة النساء العازبات. وأضافت أنها تعمل من خلال البرامج الاجتماعية التي تقوم بها على تمكين الأمهات العازبات من التكوين في بعض الحرف من أجل التوفر على مورد للدخل والاحتفاظ بأطفالهن. وذكرت السيدة الشنا بأن الجمعية أقامت مراكز للتكوين والإنتاج لفائدة نزيلات الجمعية، مشيرة إلى أن جائزة أوبيس التي حصلت عليها الجمعية مؤخرا بالولايات المتحدة، والتي تبلغ قيمتها مليون دولار، ستعزز من قدرة الجمعية على تنفيذ برامجها في هذا المجال. وتجدر الإشارة إلى أن هذا اللقاء الذي حضره عدد من الأساتذة الجامعيين والطلبة وممثلي بعض المقاولات تخللته مناقشة لعروض المتدخلين.