دعا عدد من النواب، اليوم الإثنين، إلى تفعيل قانون منع الترحال، باعتباره ظاهرة غير مقبولة تسيئ إلى العمل السياسي وتمس بمصداقيته. وشدد هؤلاء خلال اجتماع لجنة الداخلية واللامركزية والبنيات الأساسية بمجلس النواب خصص لمواصلة مناقشة مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، أن الترحال السياسي لا يزعزع ثقة المواطن في العمل الحزبي فحسب، وإنما يؤدي إلى نفور شريحة واسعة من المواطنين من الممارسة السياسية برمتها. وتنص المادة 20 المتضمنة في مشروع القانون المعروض على مجلس النواب، على أنه "لايمكن لعضو في أحد مجلسي البرلمان أو في مجالس الجماعات الترابية أو في الغرف المهنية التخلي عن الانتماء للحزب السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، تحت طائلة تجريده من عضويته في المجالس أو الغرف المذكورة". وأجمع هؤلاء النواب، أغلبية ومعارضة، أنه لا يحق لمنتخب اختاره المواطن أن يغير انتماءه السياسي خلال الولاية التشريعية على اعتبار أن انتدابه باسم حزب معين تم بناء على تعاقد سياسي يقوم على أساس توجهات وبرنامج محددة، مضيفين أن الولاية التشريعية الحالية عانت بشكل كبير من هذه الظاهرة التي أساءت للبرلمان المغربي وخلقت نوعا من العبث والفساد السياسي. وأضافوا أن هذه المادة تعتبر تنزيلا لمقتضيات الدستور الجديد الذي يمنع الترحال السياسي، كما أنها تستمد أهميتها انطلاقا من كون المملكة مقبلة على استحقاقات انتخابية هامة ومفصلية بالنسبة لمستقبل البلاد، واعتبارا للجهود المبذولة من أجل تخليق المشهد السياسي. بالمقابل، اعتبر بعض النواب أن منع الترحال لا ينبغي، بأي حال من الأحوال، أن يحد من حرية المنتخب في العمل حسب قناعاته التي يجدها في حزب معين، مؤكدين على ضرورة أن يضمن القانون المؤطر للأحزاب للمنخرط الانتماء والعمل داخل الأحزاب السياسية في إطار من الحرية والديموقراطية، عوض التضييق عليه. وحذروا في هذا السياق من مغبة أن تتعارض هذه المادة مع سابقتها (المادة 19) التي تكفل "الانخراط بكل حرية في أي حزب سياسي مؤسس بصفة قانونية"، مشددين في هذا الخصوص، على ضرورة أن تعمل القوانين التنظيمية على تحديد وضبط مقتضيات هذه المادة ولاسيما في ما يتعلق بالاقالة والاستقالة والطرد من التنظيمات الحزبية. وخلصوا إلى أنه ينبغي إعادة صياغة هذه المادة أخذا بعين الاعتبار ملاحظات النواب وذلك حتى لا تكون عاملا منفرا من الانخراط في الأحزاب وفي العمل السياسي، وأيضا بالنظر إلى الأهمية البالغة التي يكتسيها هذا التشريع لتنظيم الممارسة التشريعية مستقبلا. من جهة أخرى، أبرز النواب أنه من الجيد أن يتوقف هذا القانون بتفصيل عند تنظيم الأحزاب السياسية وطرق تسييرها وأجهزتها، موضحين أن تحديد نسب تمثيلية النساء والشباب داخل أجهزة الأحزاب ومراقبة ماليتها، ومعايير الترشيح وكيفيات الانضمام إلى اتحادات الأحزاب والانسحاب منها كلها عوامل مهمة ستسهم في تخليق الحياة السياسية والرقى بها إلى مستوى التطورات التي تعرفها البلاد. من جانبه، أبرز كاتب الدولة لدى وزير الداخلية السيد سعد حصار أهمية هذا المشروع الذي يروم تمكين الأحزاب من الاضطلاع بدورها الحقيقي في بناء الديموقراطية، مؤكدا على أهمية ملاحظات النواب وعلى استعداد الحكومة أخذها بعين الاعتبار لدى تقديمها لها في شكل تعديلات.