"سفر بعيد" هو عنوان المعرض التشكيلي للفنانة الروسية جانا ياكوفليفا، الذي افتتح مساء أمس الجمعة بباب الرواح، بتنظيم من المركز الثقافي الروسي، وبمساهمة وزارة الثقافة .ويتألف المعرض، من عدد كبير من اللوحات التي يجمع بينها موضوع السفر وتفرق بينها مراحل الإنجاز، كما تتميز معظم لوحاته ببرودة الألوان التي تزاوج بين الأخضر والأحمر والرمادي والبني والأزرق، وهي ألوان باردة تكاد برودتها تحجب أحيانا موضوع الرسم. كما يتميز موضوع اللوحات بالحضور الكبير للنساء والجسور، فالنساء حاضرات في مختلف أوضاع الحياة، وبجميع الأشكال، فهن أحيانا شبه عاريات، وطورا يمارسن أمومتهن وبين الفينة والأحرى يتقنعن بنزع عيونهن. كما طغت الجسور على معظم اللوحات، وهي تحيل -ربما في لاوعي الفنانة- على مد الجسور بين مختلف الثقافات والشعوب، وهو ما ينسجم تماما مع تيمة السفر التي يتمحور حولها المعرض. إن كل لوحة، إذا تأملها المتلقي جيدا، ترشح بكثير من الدلالات، ففضلا عن اللوحات التي تحيل على الأنهار والساحات والجسور والكنائس والأشجار في مختلف مدن العالم، التي تنقلت فيها الفنانة جانا، توجد لوحات أخرى لنساء جميلات بدون ملامح، وأخرى لنساء يتعمدن إخفاء ملامحهن، وأخرى تنضح بالأمومة في ربط بين المرأة والطفل. وقالت جانا ياكوفليفا في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن سؤال حول ما يعنيه حضور الجسور في لوحاتها، إن الجسور ليست هي موضوع لوحاتها بقدر ما هو الماء، فهي تحب كثيرا الأنهار والوديان وتعشق سماع خرير المياه، لذلك كانت ترسم النهر والجسر معا. وعن سؤال حول اختيار اللون الأزرق للامومة والبني للأم، أوضحت أن هذه اللوحات قديمة جدا، وأنها كانت آنذاك تستعمل الأزرق والبني كثيرا، بعد ذلك نحت منحى آخر في الرسم واستعمال الألوان. وكتبت إيرينا برونينا في دليل المعرض أن جانا تشتغل كثيرا، ونادرا ما تكون في بيتها لأنها دائما على سفر، فهي لا تتوانى في انتهاز أية فرصة تتاح لها من أجل السفر إلى الجهات الأربع من الكرة الأرضية، وأنَّى ذهبت، فهي ترسم، وتحمل معها في كل رحلة، دفاتر سفر وانطباعات جديدة، وتحمل هذا الغنى وهذه الكنوز من أسفارها البعيدة، إلى ورشة الرسم. وفي صمت الورشة، تعطي ولادة لهذا التشكيل، محولة المسودة إلى لوحة فنية جميلة. وأضافت الناقدة الروسية، أن جانا ياكوفليفا تحب المدن وتحب الماء. كما أنها تجاهد أن لا ترى من المدن الحقيقية، سوى جوهرها الذي لا ينجلي إلا عند السَّحَر، عند طلوع أول خيوط الشمس على المدينة التي ما تزال خالية من ضجيج ساكنتها، خالصة إلى أن جانا تتعامل مع المدينة كما لو أنها طبيعة ميتة، لا مشاهد.