في إطار انفتاحه على الفنانين المغاربة، واهتمامه بالخط العربي الإسلامي، سيقدم المركز الروسي للعلوم والثقافة بالرباطالذي استأنف أنشطته في السنوات الأخيرة بعد توقف اضطراري، معرضا فنيا مشتركا، ما بين فاتح أكتوبر المقبل والتاسع منه، بفضاء العرض للمركز، يجمع أعمال الخطاط الروسي فلاديمير بوبوف، بالخطاطين المغربيين حسن ميكري، ومحمد قرماد، الذين سبق أن عرضوا بشكل انفرادي في السنة الماضية بالمركز الثقافي الروسي، ورأى هذا الأخير في مسألة جمعهم في معرض مشترك، أمرا مهما، لاختلاف أسلوب كل منهم، وغنى أعمالهم، التي تعيد الاعتبار للخط العربي، وتمنحه متنفسا جديدا في اللوحة. وفي تصريح ل"المغربية" ذكر عبد اللطيف منشد، الملحق الإعلامي بالمركز الثقافي الروسي، أن الخطاط الروسي فلاديمير بوبوف سبق أن قدم مجموعة من أعماله بالمركز وبمدينة فاس في إطار تظاهرة الأيام الثقافية الروسية بالمغرب في بحر السنة الجارية، وأنه "انطلاقا من اهتمامه بالخط العربي وتفاعله مع مجموعة من الأعمال المغربية، قررنا تنظيم معرض مشترك، على الأقل للفنانين الذين سبق لنا وتعاملنا معهم، فجاء هذا المعرض، الذي يضم بعض اللوحات لكل فنان، والذي سيبرمج في إطار معارض أخرى بتركيا والأردن أولا، ومن المتوقع أن يجوب مجموعة من البلدان العربية الإسلامية". وأضاف منشد أن انفتاح المركز الثقافي الروسي على الفنانين المغاربة والروس، جاء بعد التحول الذي شهدته روسيا، ورصد ميزانية مهمة للمركز الثقافي الروسي بالمغرب، الذي دشن السنة الماضية بمناسبة الذكرى الأربعين لتأسيسه، قاعة كبيرة للعرض مجهزة بأحسن التقنيات الحديثة. وأشار إلى أن سنة 2011 محجوزة بالكامل، وهو ما يدل على أن هناك إقبالا كبيرا على الفن التشكيلي وجميع أنواع التعبيرات فيه، خاصة الخط العربي الإسلامي، المتميز بالغنى والتنوع، والذي تهتم به، أيضا، منظمة اليونسكو. من جهته، ذكر الفنان حسن ميكري أنه سيقدم في هذا المعرض مجموعة من أعماله الجديدة، التي يواصل فيها اشتغاله على الخط الفارسي، وعلى القرآن الكريم، الذي يرى فيه قدرة خارقة على الإبداع والخلق، فهو يتعامل مع الآية، كما قال، ويخلق منها صورا مشهودة، تمكن المطلع عليها من الإحالة مباشرة على تلك الآية. وقال إنه سيقدم في هذا المعرض، أيضا، أكبر لوحة قرآنية في العالم، أنجزها منذ سنوات، وهي لوحة تتآلف فيها الحروف بشكل تلقائي لتقدم صورة متكاملة لمعنى الآية موضوع اللوحة، الشيء الذي يجعل المتأمل للوحات الفنان يقف على حقيقة واضحة هي أن الآيات القرآنية فيها سر ولها أبعادها الأخرى، فإلى جانب البعد الديني والعلمي والاجتماعي هناك البعد الفني، الذي نكتشفه من خلال الرسومات، التي يجسدها حسن ميكري، والتي تعبر في ظاهرها عن مضامين الآية موضوع اللوحة. وأضاف ميكري أن الخطاط الروسي فلاديمير بوبوف، هو الذي اختار عشرة من أعماله ومن أعمال الخطاط محمد قرماد، ليقدمها في معرض جماعي، ستقدم في مختلف بلدان العالم الإسلامي عبر معرض متجول. وأشار إلى أن المعرض سيضم أعمالا جديدة له يشتغل فيها على تقنيات مختلفة وهي النحت على الخشب، وتوظيف السلك والعظم والزخرفة العربية في لوحاته، التي لا يحيد فيها عن الحرف الفارسي، أو الفن الأيقوني الفارسي، الذي اكتشفه منذ خمسين سنة، واتخذ منه مجالا لاشتغاله وإبداعه، لأنه لا يجد أي تجاوب بينه وبين الخط العربي القديم الكلاسيكي، الذي يبدع فيه نظراء له من مثل محمد قرماد. وأوضح حسن ميكري أنه لا يوظف أي آلة في اشتغاله على اللوحة، ويحاول إعطاء الحرف قوته، لدرجة جعلت العديدين يعتبرونه يرسم بالحرف، ويقدمه في كل بهائه، دون رتوش ولا تصنع. وأسر ميكري ل "المغربية" أنه سيقدم في فصل الربيع مفاجأة للجمهور المتتبع لمساره الفني، لأنه سيعرض مجموعة من الأعمال الجديدة، التي يشتغل فيها على تقنيات متميزة، تمكن من إنجازها بفضل داعم رفض الكشف عنه. كان أول ظهور لحسن ميكري، الذي يزاوج بين الموسيقى والرسم، في معرض جماعي سنة 1969 بقاعة با حنيني بوزارة الثقافة، إذ أطلق عليه ساعتها اسم كاندينسكي العالم العربي حسب النقاد المغاربة والأجانب، وبعده بسنوات بمعرض فردي برواق "لوملنوار" بالرباط سنة 1996، ثم بعد ذلك بمهرجان ثقافات العالم بفرنسا، ومعارض أخرى كان آخرها معرض بالمركز الثقافي الروسي. وللإشارة فقد مكنه اشتغاله على الخط الفارسي، الذي كان محظورا إلى وقت بعيد، بتتويجه بالميدالية الذهبية من أكاديمية العلوم والفنون بباريس سنة 2007.