دعا المشاركون في الندوة الدولية الخامسة حول المالية العمومية بالمغرب وفرنسا، اليوم السبت بالرباط إلى العمل على تحقيق انسجام أفضل ما بين مالية الجماعات الترابية ومالية الدولة من أجل تحقيق تنمية شمولية ومتوازنة. وأكد المشاركون في مائدة مستديرة حول موضوع "انسجام الميزانية" ترأسها السيد شكيب بنموسى رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي على الدور الكبير للجهة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمملكة. في هذا السياق، أوضح السيد عمر عزيمان رئيس اللجنة الاستشارية للجهوية أن التقرير الذي أعدته اللجنة شدد على ضرورة تمكين الجهة من المؤهلات الضرورية لبناء "شخصيتها وإثبات مواهبها وتحرير طاقاتها"، معتبرا أن الجهوية تعد بمثابة رافعة حقيقية للتنمية السوسيو-اقتصادية قادرة على التصدي لمظاهر التنمية غير المتكافئة والتفاوتات الجهوية. ودعا السيد عزيمان بهذا الخصوص إلى تعزيز العلاقات ما بين مختلف الجماعات الترابية مع الحفاظ على استقلالية وخصوصية كل واحدة منها. وقال في هذا الصدد " عملنا خلال إعدادنا لهذا التقرير مع مجموعة من الشركاء المغاربة والأجانب خاصة البنك العالمي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية و مجلس أوروبا من أجل استلهام تجاربهم ، كما قمنا بالموازاة ذلك بدراسة نقدية و لتجربتنا الخاصة في مجال اللامركزية واللاتمركز. من جانبه، أبرز السيد نور الدين بنسودة الخازن العام للمملكة دينامية الإصلاحات التي انخرطت فيها المملكة في السنوات الأخيرة من قبيل الدستور الجديد والجهوية المتقدمة والإصلاح الجاري حول القانون التنظيمي للمالية الذي يهدف إلى تقييم المالية العمومية بمنطق قانوني بحت يستند على احترام موافقة البرلمان على الميزانية بمنطق تدبيري يرتكز في المقام الأول على السياسات العمومية. واعتبر السيد بنسودة أن هذه الإصلاحات المهيكلة تشكل أساس انسجام ميزانية الدولة. وأضاف أن انسجام مالية الدولة الترابية يطرح على الأقل ثلاث قضايا أساسية تكمن أولاها في كيفية توزيع الاختصاصات بين الدولة والجماعات الترابية ، وثانيها في سبل توفير الموارد المالية الضرورية للجماعات المحلية دون المساس باستقلاليتها المالية، فيما تكمن الثالثة في كيفية إرساء نظام ضريبي محلي مع السهر على ضمان مستوى مقبول من الضغط الضريبي على المستوى الوطني . وأشار إلى أن الانسجام المالي والمحاسباتي وتلاؤم القرارات المالية بين مالية الدولة والمالية المحلية رهين بتكريس ذلك في القانون التنظيمي للمالية . من جانبها أوضحت السيدة ماري بيير كورديي ،المستشارة بمجلس الحسابات الفرنسي وعضو مجلس المعايير المحاسباتية الدولية للقطاع العمومي ،في عرض قدمته خلال الندوة معايير المجلس التي تنص على تدابير متعلقة بالمحاسبة والتقييم والمعلومات التي يجب تقديمها للعمليات والأحداث في حالات المالية ذات الاستعمال العام ،مبرزة أنها تمثل آلية تضمن فعالية المحاسبة العمومية . ودعت السيدة كورديي ،التي أبدت إعجابها بالتعديلات المسجلة على مستوى الميزانية والمالية الجارية بالمملكة ،المغرب الى الالتحاق بمجلس الحسابات الفرنسي ومجلس المعايير المحاسباتية الدولية للقطاع العمومي،الذي يشكل بنظرها ،فضاء لتبادل الممارسات والخبرات الفردية . ومن جانبه سجل السيد محمد العلوي العبدلاوي مدير الصندوق الوطني للتقاعد،إشكالية تمويل التقاعد بالوظيفة العمومية بالمغرب ،مبرزا أن أي تأخير في اتخاذ القرار يكون "مكلفا". وسجل بهذا الصدد،أن الرهان الكبير بالنسبة للسلطات العمومية هو التوفيق بين الطابع الاستعجالي للاصلاح وضرورة الوصول إلى التوافق . واقترح في هذا الصدد تدابير تروم التغلب على إشكالية صناديق الاقتراع ولاسيما إشكالية توسيع الوعاء الخاص باحتساب المعاش والرفع التدريجي لسن التقاعد بمعدل ستة أشهر سنويا الى غاية 65 سنة والرفع من معدل الاشتراك الى 26 في المائة (حاليا 20في المائة)بمعدل 2 في المائة خلال السنوات الثلاث القادمة . يذكر أن الندوة الدولية حول المالية العمومية بالمغرب وفرنسا،التي نظمت هذه السنة تحت شعار "تماسك الماليات العمومية "،والتي استغرقت يومين ،ضمت نخبة من المسؤولين والخبراء المغاربة والفرنسيين الذين ناقشوا من خلال موائد مستديرة نظمت بالمناسبة، حول "عولمة اتخاذ القرار المالي " و"تماسك الميزانية " و"ادماج المحاسبات العمومية " . وينظم هذا اللقاء من قبل وزارة الاقتصاد والمالية بشراكة مع جمعية المؤسسة الدولية للمالية العمومية والمجموعة الأوروبية للبحوث في مجال المالية العمومية.