أعادت مدرسة الشراطين، إحدى تحف التراث الثقافي والمعماري المغربي، فتح أبوابها مؤخرا في وجه طلاب المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بفاس، بعد انتهاء أشغال الترميم بها، والتي كلفت ميزانية بقيمة خمسة ملايين درهم. وسيقوم طلبة المدرسة، في جناح مخصص لهم، بالاطلاع على تقنيات البناء المستخدمة قديما من طرف المعلمين الحرفيين وكذا الفنون والحرف التي شكلت مفخرة المغرب العريق. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكدت نعيمة لهبيل التاجموعتي، وهي مسؤولة في "أوروميد-تراث" بالمغرب، وهو برنامج للاتحاد الأوروبي يهدف إلى إبراز التراث الثقافي في البلدان المجاورة للاتحاد الأوروبي، أن مدرسة الشراطين، التي شيدت في عهد السلطانين مولاي رشيد ومولاي إسماعيل، أضحت، بعد عملية الترميم التي شملتها مؤخرا، فضاء رفيعا للثقافة والنهوض بالتراث المعماري المغربي. وتحمل المدرسة، التي تقع في المدينة العتيقة، اسم الفضاء الذي يشغله صانعو "الشريط". وكانت هذه المدرسة، التي تعد أول إنجاز ثقافي وعلمي في عهد الدولة العلوية، في عهد سابق، مركزا لإيواء الطلبة القادمين من بلدان نائية طلبا للعلم والمعرفة. وتتميز الزخرفة الداخلية للموقع بروعة لا مثيل لها من حيث الجبص والزليج والخشب المنقوش. وتضم هذه التحفة المعمارية نوعين من النقوش المخلدة لعهد السلطانين مولاي رشيد ومولاي إسماعيل. وأوضحت التاجموعتي أن "هذا النمط من التراث الوطني يتميز ببساطته، حيث يؤكد خبراء التراث على هذا الاعتدال في الزخرفة ونمط النقش بهذه المدرسة التي تعد مختلفة عن غيرها من المدارس الأخرى، ولا سيما مدارس الدولة المرينية خلال القرن 14". كما تستضيف مدرسة الشراطين، التي أعيد فتحها في وجه الجمهور بعد ترميمها، معرضا خاصا يخصص لإبراز مكان الاستحمام العمومي (الحمام)، والتحسيس بأهمية التراث الثقافي لهذا الفضاء التاريخي. ويندرج هذا المعرض، المنظم تحت شعار "الباب الخفية .. الكنز الحي"، في إطار برنامج "أوروميد-تراث"، الذي يموله الاتحاد الأوروبي، بدعم من وكالة إنقاذ فاس العتيقة والمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية. ويروم هذا المعرض، الذي يبرز الكنوز الخفية لمدينة فاس، تكريس مكانة "الحمام" كتراث ثقافي، كما أذكى الشغف للتعرف على المآثر والمواقع التاريخية التي تشكل غنى الحاضرة الإدريسية.