لقي البيان، الذي تلاه مساء أمس الإثنين رئيس الحكومة المصرية عصام شرف بشأن تدبير المرحلة المقبلة، رفضا شديدا من قبل القوى والأحزاب السياسية المشاركة في الاعتصام بميدان التحرير وبعدد من ميادين الجمهورية للمطالبة بتحقيق مطالب الثورة، ما دفع بالمجلس العسكري الحاكم إلى الإعلان عن تعهدات جديدة. ووصفت هذه الهيآت البيان الجديد لرئيس مجلس الوزراء بأنه لا يعبر عن طموح الثوار المعتصمين بالميدان، داعية الى تنظيم مظاهرة ضخمة اليوم الثلاثاء للتعبير عن هذا الرفض. واعتبرت أن خطاب رئيس الحكومة لم يأت بجديد يذكر خاصة في ما يتعلق بنقل الرئيس السابق من شرم الشيخ إلى القاهرة ومحاكمته بصورة علنية، كما لم يتطرق لموضوع محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية ولمسألة تسريع وتيرة محاكمة رموز النظام السابق، وهي المطالب التي نادى بها المعتصمون ولم يتم تنفيذها حتى الآن. وأبرزت أن الخطاب لا يرقى أيضا إلى مستوى توقعات المعتصمين لأن رئيس الوزراء لم يطرح إجراءات محددة، بل قدم وعودا غير قاطعة، واصفة بيان رئيس الحكومة بأنه يفتقر إلى الشرعية والعدالة ويتجاهل أهم مبادئ وأهداف الثورة، وبعيد كل البعد عن الأصول القانونية المتبعة وقواعد حقوق الانسان. وكان رئيس الحكومة المصرية قد أعلن، في بيان تلاه مساء أمس على التلفزيون المصري، أنه سيجري تعديلا وزاريا، خلال أسبوع، يحقق أهداف الثورة ويعكس الإرادة الحقيقية للشعب، وأيضا حركة نقل واسعة للمحافظين قبل نهاية الشهر الجاري، مبرزا أنه كلف وزير الداخلية بالإسراع في إعلان حركة وزارة الداخلية متضمنة استبعاد قيادات هيئة الشرطة الذين تورطوا في جرائم ضد الثوار في موعد أقصاه منتصف الشهر الحالي، مع العمل على استعادة الأمن والانضباط إلى الشارع المصري في أسرع وقت ممكن. وقد وضع هذا الموقف رئيس الحكومة في مأزق سياسي حقيقي، خاصة بعد رفع المتظاهرين شعارات تنادي برحيله، وتتهمه بعدم القدرة على تدبير الملفات الحساسة في الدولة مثل قضايا الفساد واستقلالية القضاء وتطهير وزارة الداخلية وخضوعه لتعليمات المجلس العسكري. كما أن تعيين وزيرين جديدين في التشكيلة الحكومية، هما وزير الخارجية ووزير الإعلام، زادا من حدة الانتقادات الموجهة للحكومة من مختلف المكونات السياسية بحكم كون الأول من رموز النظام السابق، وأيضا للعلاقة التي تربط الثاني بمؤسسة الجيش، زيادة على كون إعادة حقيبة الإعلام جاء بعد فترة من الإعلان عن إلغائها وهو ما اعتبره المتتبعون تخبطا وارتجالا في السياسية الحكومية. وفي محاولة لإثناء المحتجين على إنهاء الاعتصامات التي باتت تشل الحركة الاقتصادية بالبلاد، أعلن المجلس العسكري الذي يتولى تدبير شؤون البلاد من جهته أنه يتم الإعداد لوثيقة مبادىء "حكيمة" لاختيار الجمعية التأسيسية التي ستتولى إعداد دستور جديد للبلاد وإصدارها في إعلان دستوري بعد اتفاق القوى والأحزاب السياسية عليها. وشدد المجلس، في بيان اليوم الثلاثاء، على الاستمرار في سياسة الحوار مع كافة القوى والأطياف السياسية وشباب الثورة لتلبية المطالب المشروعة للشعب، مجددا التزام الجيش بخطة إدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية من خلال إجراء انتخابات مجلسي الشعب والشورى ثم إعداد دستور جديد للبلاد وانتخاب رئيس للجمهورية وتسليم الأمور للسلطة المدنية الشرعية المنتخبة من الشعب. وأبرز أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لن يتخلى عن دوره في إدارة شؤون مصر في هذه المرحلة الفارقة، وأن الجيش لن يسمح بالقفز على السلطة أو تجاوز الشرعية لأي كان، موضحا أنه سيتم اتخاذ ما يلزم من إجراءات لمجابهة التهديدات التي تحيط بالوطن وتؤثر على المواطنين والأمن القومي من أي عبث، وذلك في إطار من الشرعية الدستورية والقانونية.