لم تثبط نتائج التصويت ب`"نعم" التي تم الاعلان عنها مساء أول الجمعة، مغاربة فرنسا من مواصلة التوافد، يومي السبت والأحد، على ال 149 مكتبا للاقتراع التي فتحت بفرنسا من أجل الاستفتاء على الدستور الجديد بالمغرب، كتعبير على حرصهم على عدم التخلف عن موعدهم مع التاريخ. ففي باريس وبونتواز وفيلمومبل وأورلي، وكما هو الحال في معظم مكاتب التصويت المفتوحة في القنصليات وغيرها من الأماكن في فرنسا، فقد توافد العديد من المغاربة نهاية الأسبوع من أجل أداء واجب المواطنة، خاصة أولئك الذين لم تسعفهم ظروف العمل لفعل ذلك الجمعة. وخلافا لليوم الأول من التصويت، حيث لوحظت ذروة التدفق في الصباح مع تشكل صفوف الناخبين أمام بعض مراكز الاقتراع في الساعة السابعة صباحا، بسبب ظروف العمل، فإن ناخبين آخرين توافدوا خلال نهاية الأسبوع بسكينة متحررين من إكراهات العمل . وفي هذا الصدد، عبرت عائشة، التي تعمل بأحد الفنادق، عن قلقها، فهي تعمل في نهاية الأسبوع، وتتساءل عما إذا هناك وقت لأداء "واجب المواطنة" قبل الذهاب إلى العمل. غير أن هذا الأمر لم يشكل لها أية مشكلة، إخوانها المغاربة ممن سبقوها إلى مكاتب الاقتراع لم يجدوا أدنى حرج لتمكينها من أداء هذا الواجب. بدوره، لم يخطئ محمد وعول على تفهم إخوانه المواطنين ليقوم بالتصويت أولا، فرغم أنه لا يعمل لكن لديه طائرة عليه أن يستقلها في غضون ساعتين ومع ذلك أبى، إلا أن يأتي من أجل التصويت، مجازفا باحتمال التخلف عن موعد الرحلة. وعلى الرغم من علمهما المسبق بالانتصار الساحق ل"نعم"، وفقا للنتائج المؤقتة للاستفتاء، فإن هذين المواطنين ينظران إلى مشاركتهما كتصرف "رمزي" للمساهمة في بناء المغرب "الحديث، الديمقراطي، والعادل". وهو الأمر الذي يتقاسمه باقي المصوتين الذين استقت وكالة المغرب العربي للأنباء ارتساماتهم، والذين قالوا إنهم لم يخامرهم أدنى شك في أن التصويت سيكون لصالح الدستور الجديد. وأكدت أمينة، حارسة مبنى بباريس حيث تعيش منذ حوالي عشرين عاما، أن "هذه النتيجة طبيعية جدا، وبالتأكيد ليست مفاجأة". وأوضحت هذه السيدة التي تنحدر من الدارالبيضاء، والتي أتت للتصويت برفقة ابنتها أنه "مثل كل الشعب المغربي، فإننا معبؤون وراء جلالة الملك ومن الطبيعي أن نلبي نداء ملكنا، من أجل مستقبل أفضل لبلدنا ولأطفالنا". بدوره قال نور الدين، مستخدم في الوظيفة العمومية في فرنسا، والتي تعد هذه تجربته الأولى في التصويت، أنه مسرور بمضامين مشروع الدستور الجديد، ولا سيما في مجال العدالة الاجتماعية والفصل بين السلط. من جهته، أكد ميمون، الذي أتى إلى مكتب قنصلية فيلمومبل برفقة زوجته وطفله قبل الذهاب في عطلة، "إننا على يقين من أن + نعم + ستفوز بالأغلبية ونحن على أي حال قررنا مد اليد لإخواننا المواطنين بالداخل من أجل النهوض بالبلد". وقالت زوجته مونية المنحدرة أيضا من بركان "إذا لم نصوت اليوم ، نحن أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، فإنه سيكون من السخافة طلب هذا الحق غدا، لاستشارات انتخابية أخرى. نريد ممارسة حقنا أولا قبل المحافظة عليه". وبدوره، لم يكن يرغب أحمد (في الأربعينيات من عمره) وهو رئيس مقاولة بضاحية باريس "الحريص على أداء واجبه الوطني"، في أن يخلف موعده في المشاركة في الاستفتاء، مشيدا بآفاق التطور التي يفتحها الدستور الجديد. وأكد أحمد ، ابن المحمدية ، "إننا في بلد ديمقراطي، لنا الحق في الاختيار بين قول نعم أو لا. والدستور جاء ليكرس هذا الحق، وهو ما أؤيده تماما". ويعتبر أن النتائج الجزئية للاستفتاء "تؤكد أن الشعب سعيد ويؤيد الدستور الجديد الذي يقر التغيير من أجل مزيد من التنمية والديمقرطية". من جانبه، رحب أحمد وهو طالب في مدرسة الهندسة في باريس، بفرصة الإدلاء بصوته بعدما كاد أن يفوت الفرصة لخطأ في عنوان مكتب التصويت، حيث لم يكن يرغب بأي حال من الأحوال التخلف عن الموعد والتعبير عن رأيه حول ورش التغيير. وقال أحمد (25 عاما) "إنها نقطة جد إيجابية لتطور بلادنا. لقد خطا جلالة الملك خطوة عملاقة في اتجاه الديمقراطية وتقدم البلاد". وأعرب هذا الشاب الذي يستعد للعودة "في أقرب الآجال" إلى المغرب، عن يقينه بأنه "بالنظر إلى التغيير الجاري، ستكون هناك فرص كبيرة لكي يبدأ مساره به". نفس الحلم تتقاسمه بشرى المتفائلة من دينامية التنمية التي تعرفها المملكة، والتي تأمل، باعتبارها مواطنة، أن تساهم فيها. وترى هذه المسؤولة بقسم الزبائن بمركز للنداء أن هذا القطاع الذي تنشط فيه "واعد جدا" بالمغرب. وأفق العودة إلى المغرب يتملك أيضا هشام مندوب حسابات وعقيلته مريم المكلفة بالموارد البشرية في شركة للخدمات، حيث أكدا أنهما لم يفقدا أبدا اتصالهما بالوطن الأم. وأبرزا أنه "رغم كوننا نقيم بفرنسا، فإننا على دراية تامة بما يجري هناك، كما أننا لازلنا شابين ونرغب في المشاركة في تقدم بلدنا". هشام ومريم رغم علمهما المسبق بأن "نعم" اكتسحت صناديق الاقتراع، جاءا للتصويت لأنه "مهما كانت نتيجة التصويت بالمغرب، نرغب أن نحس بأننا منخرطون في السياسة المغربية". وأضافا "لقد ازددنا بالمغرب الذي نحبه وسنظل كذلك. والتصويت على الاستفتاء دليل على حبنا هذا"، مشيدين بفتح هذه الاستشارة في وجه الجالية المغربية المقيمة بالخارج والاهتمام الذي أولاه لهم الدستور الجديد. وقد تميزت أجواء الاستفتاء بمقار القنصليات كما مكاتب التصويت، وطيلة ثلاثة أيام، بجو احتفالي جدد خلاله مغاربة فرنسا، مسلمون ويهود، اللقاء وعبروا عن الأمل في أن يظل المغاربة يدا في يد لمواجهة تحديات المستقبل.