( أجرى الحديث : يوسف صدوق ) أكد المسرحي عز الدين بونيت أن أبا الفنون يضطلع بدور هام في "إعادة إنتاج الوعي الحي"، كما يتميز بخاصية الراهنية التي تتيح له قوة التفاعل مع الأحداث الجارية والاندماج فيها. وتأسيسا على ذلك، اعتبر بونيت، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش الدورة 13 للمهرجان الوطني للمسرح، التي اختتمت فعالياتها مساء أمس الأربعاء بالعاصمة الإسماعيلية، أن "التحولات التي تطبع المشهد العام للمغرب وللجوار العربي ستفضي إلى مفهوم جديد للمواطنة، كما ستبلور أبعاد جديدة لعلاقة الدولة بمواطنيها"، وهو ما سيحتم على المسرح، في رأيه، الاضطلاع بدوره في المرحلة المقبلة، من خلال العمل، على الأقل، على استيعاب تلك التحولات وجعلها جزء من الوعي القائم. وحسب بونيت، فإن المسرحيين مدعوون، أكثر من غيرهم، إلى استبطان مقاصد وأبعاد الوضع الراهن في العالم العربي والمغربي، وذلك ليكونوا جديرين بانتمائهم إلى المجرى الدافق لصناع الوعي ونحاتيه عبر التاريخ البشري. فمن وجهة نظر هذا المسرحي، تعتبر علاقة المسرح بالدولة في جميع التجارب البشرية علاقة وطيدة ومتوترة في الآن نفسه، ذلك أن المسرح ظل باستمرار يشكل رافدا من روافد ممارسة الدولة لمظاهر سلطتها ووظائفها في المجتمع. بيد أنه يؤكد، في الآن ذاته، أن الفعل المسرحي يشكل أيضا عقبة وموضع خصام بين الدولة والعاملين في الحقل المسرحي أحيانا، وهي ذات العلاقة التي يصفها ب`"التوتر والدينامية بين المسرح والدولة كوجهين لعملة واحدة". ++ المسرح المغربي .. بدايات المسار ++ وعن سؤال حول إمكانية الحديث عن حركة مسرحية مغربية خالصة، يرى بونيت أن لا وجود لمسرح خالص في بلد ما، وأن المسرح المغربي، الذي ليس إلا جزء من المسرح العالمي، "ما يزال في بداياته من حيث رسوخ الممارسة المسرحية ومن حيث الاستمرارية والدينامية لهذه الممارسة". وعن مدى تأثير النقد المسرحي في الممارسة الركحية بالمغرب، يرى هذا الناقد المسرحي أن النقد المسرحي في الحالة المغربية، والمتمثل أساسا في التأطير والدراسة والمساعدة على فهم الحركية المسرحية، لا يضطلع بدور مباشر في التأثير في قيمة العرض المسرحي. وفي هذا الإطار، يعتبر بونيت أن مهمة الفاعل المسرحي لا تتمثل في النيابة عن جمهور غائب أصلا عن المشهد وعن الخلفية، جمهور ليس له من وضعية الجمهور سوى الإسم. وأردف قائلا "ما دمنا لا نتوفر على جمهور يكون قادرا على أن يتعدى مجال العملية المسرحية في ذاتها، لا في خلفية العمل المسرحي ولا أمام العرض بعد إنجازه، فسنظل إزاء مسرح بدون دينامية مسرحية (درامية)، مسرح بلا أبطال وبلا وعي شقي يسائل مصائرهم". ++ مقاطعة المهرجان الوطني 13 للمسرح لمكناس "خطأ في تقدير الآلية المناسبة" ++ من جهة أخرى، اعتبر المسرحي عز الدين بونيت أن مقاطعة المهرجان الوطني 13 للمسرح بمكناس يعد "خطأ في تقدير الآلية المناسبة إزاء ما يعتبره المحتجون خللا في تعاطي وزارة الثقافة مع المسرح والمسرحيين". وقال بونيت، بهذا الخصوص، إن أسلوب مقاطعة المهرجانات "جُرب قبل ثلاثين سنة في المغرب (مهرجانا فاس ومراكش) ولم يكن له من نتيجة إلا من تدهور قطاع واسع من الحركة المسرحية المغربية والمتمثلة في مسرح الهواة". وذكر بونيت، وهو أيضا عضو المكتب الوطني للنقابة المغربية لمحترفي المسرح، بأن المهرجانات هي عمل ناتج عن الحركة المسرحية، مثلما كان المهرجان الوطني للمسرح بمكناس استجابة لمطالب المسرحيين بتكريس تظاهرة وطنية لتتويج الموسم المسرحي وتقييم إنجازاته على مدى سنة كاملة. وكانت كل من النقابة المغربية لمحترفي المسرح، وجمعية خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، ومنسقية الفرق المسرحية الوطنية، قررت مقاطعة الدورة 13 للمهرجان، مؤكدة أن قرار المقاطعة "يأتي ردا على تجاهل وزارة الثقافة لمطالب الفنانين المسرحيين". وبصرف النظر عما إذا كانت دواعي المقاطعة جدية ومشروعة، يضيف المسرحي بونيت، فإن المهرجان "ينبغي أن يكون خطا أحمر"، كما لا يجب أن يكون "رهينة المواقف العابرة، ولاسيما بعد أن نضجت رؤيتنا للأمور، واستطعنا أن نقوم بنقد ذاتي حول اختياراتنا السابقة". يشار إلى أن لعز الدين بونيت، فضلا عن "لمسرح والدولة""، عدة مؤلفات في المسرح، ويشتغل حاليا على مؤلفين هما "نحو تاريخ للفرجة في الثقافة العربية" و"المسرح والتحديث الثقافي بالمغرب".