باحتفال المسرحيين باليوم العالمي للمسرح (27 مارس)، يؤكدون من جديد قدرة أبي الفنون على ملامسة مختلف القضايا والقيم الجمالية والإنسانية في أي زمان ومكان. وتعد مناسبة اليوم العالمي، فرصة للاحتفاء بفن شكل على الدوام مصدرا للترفيه والإلهام، ينهل من مختلف الثقافات والحضارات والتجارب الإنسانية، ويساهم بشكل كبير في التربية على القيم و المعرفة. "لا مفر للبشرية من أن تعيد إنتاج وعيها الحي" بهذه الكلمات استهل الكاتب الناقد المسرحي عز الدين بونيت، تصريحه لوكالة المغرب العربي للأنباء ، موضحا أن المسرح يضطلع بالمهمة بشكل لا يضاهى. وأضاف بونيت، أن المسرح كان "أكثر ألقا" عندما كان منشغلا بالأسئلة الكبرى التي كانت تمزق الوعي الجمعي، معتبرا أن الحيوية التي ينشدها المسرحيون، تأتي من خلال علاقة متوترة مع الجمهور، الذي لا يكفي أن ينظر إليه ككتلة من العيون الجاحظة باتجاه ما يتم تقديمه على الخشبة. وبخصوص المسرح المغربي، أكد بونيت أن "المشهد الثقافي المغربي لا يستجيب للجو العام الذي يمكن أن تنمو فيه ثقافة للسؤال. والحال أن المسرح، ربما كان أكثر أشكال التعبير والفعل الثقافي حاجة إلى مساحة أكبر للسؤال". وأشار إلى أنه منهمك مع زملاء المهنة في "صياغة خطة وطنية لتأهيل القطاع المسرحي، تعتبر أهم إنجاز هاما في هذا المجال"، مشيرا إلى أنه تمكن من تحقيق بعض معالمه ضمن مساره النضالي في المسرح والثقافة المغربيين. وأعرب عن افتخاره بما تم تحقيقه حتى الآن على هذا الدرب، آملا أن تكون هذه الخطة منطلقا لرسم معالم سياسة ثقافية عقلانية ومتكاملة جديرة بمغرب القرن الواحد والعشرين الممتد في عراقته عبر القرون. من جانبه، قال المسرحي عبد المجيد فنيش في تصريح مماثل، إن اليوم العالمي للمسرح أقرته منظمة اليونسكو، باقتراح من المعهد الفلندي للمسرح، معتبرة أن الاحتفال بالمسرح هو احتفال بفن يضم ويحتفي بفنون أخرى. وأضاف أن هذا اليوم يظل مناسبة تتيح للمسرحيين التأمل وتجاوز الاختلالات التي تعوق من تطور هذا الفن، موضحا أن المسرح المغربي يشهد حيوية، غير أنه يحتاج إلى الكثير من البنيات والإمكانيات. وأشاد فنيش، بإعداد الخطة الوطنية لتأهيل قطاع المسرح الاحترافي وفتح نقاش حول قضايا وآليات تطوير الإبداع والدعم المسرحي. يذكر أنه جرى الاحتفال الأول باليوم العالمي للمسرح في السابع والعشرين من مارس 1962 في باريس، تزامنا مع افتتاح مسرح الأمم. واتفق على تقليد سنوي يتمثل بأن تكتب إحدى الشخصيات المسرحية البارزة في العالم، بتكليف من المعهد الدولي للمسرح، رسالة دولية تترجم إلى أكثر من 20 لغة، وتعمم إلى جميع مسارح العالم، حيث تقرأ خلال الاحتفالات المقامة في هذه المناسبة، وتنشر في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية. وكان الكاتب الفرنسي جان كوكتو أول شخصية اختيرت لهذا الغرض في احتفال العام الأول بباريس، وتوالى على كتابتها، منذ ذلك العام شخصيات مسرحية من مختلف دول العالم منها: أرثر ميلر ولورنس أوليفيه وبيتر بروك وبابلو نيرودا وموريس بيجارت ويوجين يونسكو وأدوارد ألبي وميشيل ترمبلي وجان لوي بارو وفاتسلاف هافل وسعد الله ونوس وفيديس فنبوجاتير وفتحية العسال، وفي هذا العام تم اختيار الكاتبة المسرحية الأوغندية جيسيكا أ. كاهوا.