قصة عادية، أو هكذا تبدو للوهلة الأولى، "محطة الملائكة". إنها وقفة تأمل لظاهرة مرض السيدا، رصدت بعيون كاميرات ثلاث، وارتدى العمل بالتالي ثلاث حلل تحمل توقيع وبصمات ثلاثة مخرجين أنجزوا هذا العمل الجماعي في خطوة تعد الأولى في المسار السينمائي بالمغرب. أسماء نرجس النجار ومحمد مفتكر وهشام العسري، قرأت حكاية هذا الشريط ، الذي عرض في إطار المسابقة الرسمية للدورة الحادية عشر للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة. وصنف "محطة الملائكة" ضمن الأشرطة القصيرة إذ هناك من اعتبره ثلاثة أشرطة قصيرة، إلا أن المخرجين الثلاث أصروا خلال ندوة صحفية عقدت اليوم الإثنين بطنجة لمناقشة الشريط ، على أن عملية الكتابة السينمائية كانت جماعية بينما كانت عملية التصور الإخراجي فردية. و"محطة الملائكة" عبارة عن "نوافذ". أطلت نرجس النجار من نافذتها، التي وصفها محمد مفتكر ب"الحمراء"، خضعت فيها لفلسفة شخصياتها ولروحها أيضا، أما نافذة هشام العسري، فكانت ذات ملامح "بيضاء" متفائلة نوعا ما، فيما أطل محمد مفتكر، ذو التجربة الكبيرة في إنجاز الأفلام القصيرة، من نافذة "زرقاء". ثلاث قصص لثلاث شخصيات ، تتقاطع في نفس الحكاية. ثلاث نوافذ تطل على "الجهل"، كما تقاربه نرجس النجار، وعلى "العار"، كما يقرأه محمد مفتكر، ثم على الشعور ب"الوحدة" في مواجهة مرض السيدا من خلال تحليل هشام العسري. ومرد إخراج الفيلم بطريقة "التشطير"، وعدم توقيعه بشكل فردي ونسبة العمل للمخرجين الثلاث، حسب نرجس ومفتكر، هو طبيعة الحكاية التي تتميز بامتدادها وعبورها للأشطر الثلاث. وهكذا وصف مفتكر كاميرا نرجس ب"الخجولة" وكاميراه ب"المفككة"، في حين وصف كاميرا هشام العسري ب"التائهة"، والمفتوحة على كل القراءات. وتميز شريط "محطة الملائكة" بحضور قوي ومتميز لممثلين أبانوا عن قدرات مدهشة في تقمص أدوار الشخصيات المرسومة بعناية، شخصيات يمكن أن يلتقي بها المرء في الشوارع .. في المستشفيات .. ، شخصيات تماهى معها الممثلون الذين "اخترقوا بأدوارهم المخرجين بعطائهم الإنساني" حسب تعبير نرجس النجار.