أكد الأستاذ عبد الهادي التازي، عضو أكاديمية المملكة المغربية، اليوم الأربعاء بالرباط، أن جامع القرويين شكل على الدوام معلمة تاريخية وقبلة للعلماء والطلبة وإشعاعا للدولة المغربية لما يضطلع به في التلاقح الفكري بين مختلف الثقافات الإنسانية. وأوضح الأستاذ التازي، في لقاء تربوي لفائدة الأطفال بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية نظمته المجلة الإلكترونية "الفطرة" التي تصدرها الرابطة المحمدية للعلماء، أن هذا الجامع، الذي تم تأسيسه عام 859 ميلادية (245 هجرية) من طرف السيدة فاطمة بنت محمد الفهري القيرواني، تخرج منه العديد من العلماء المغاربة والمسلمين والمسيحين من أمثال ابن رشد وابن بطوطة وابن خلدون. وأضاف أنه لعب دورا كبيرا في التوهج الديني والعلمي والتربوي للمغرب، مما أهله لأن يكون قبلة للطلبة والعلماء ومنبرا علميا للتلاقح الفكري والعلمي لمختلف الثقافات الإنسانية عبر الأزمنة. وبعدما أبرز الدور الكبير الذي لعبه الجامع في الحفاظ على الهوية المغربية واللغة العربية والإشعاع الفكري والعلمي المتوهج في مختلف أصقاع المعمور، أشار الأستاذ التازي إلى المظاهر العمرانية التي يتميز بها هذا الجامع، التي تعكس مهارة الصانع المغربي والأندلسي منذ تأسيس الدولة المغربية. وعبر، في هذا السياق، عن إعجابه بهذا المعمار المغربي والأندلسي الأصيل وبالنقوش والنحوت التي تزيد هذه المعلمة بهاء ورونقا، وأخذت ألباب مختلف الزوار المغاربة والأجانب، وهو ما يعكس أصالة الحضارة المغربية وعمقها في التاريخ الإنساني. وذكر الأستاذ التازي بالروابط العلمية والإنسانية التي تربطه بهذا الصرح العلمي و"التي تعبر عن حنين مضى في الزمن ولم يمض في مخيلة التازي الطفل"، متذكرا ذات يوم عندما صاحبه والده إلى الجامع، من أجل متابعة إحدى المحاضرات لعالم من علماء المغاربة الأجلاء، الذي اكتشف في ما بعد أن صاحب هذه المحاضرة هو الشيخ أبو شعيب الدكالي. من جانبها ذكرت السيدة عزيزة بزامي، رئيسة تحرير جريدة ميثاق الرابطة المحمدية للعلماء ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ، أن " الرابطة المحمدية للعلماء وضعت ضمن أولوياتها الكبرى العناية بالطفولة. وأضافت أن تأسيس مجلة " الفطرة " الإلكترونية، والسلسلة الورقية " أيمن ونهى" قيمة مضافة في هذا المجال بالنظر إلى مساهمتهما في تمتين وترسيخ القيم الدينية والوطنية المغربية المبنية على الإيجابية والتفاعلية والوسطية والانفتاح والاعتدال. ويأتي هذا اللقاء في إطار الأنشطة الثقافية التي تنظمها مجلة " الفطرة " من أجل ربط الحاضر بالماضي وتجسير الهوة بين الأجيال وترسيخ استمرارية القيم المنقولة فيما بينها. يشار إلى أن الرابطة المحمدية للعلماء أطلقت ، خلال شهر ماي الماضي ، مجلة "الفطرة" الإلكترونية التي تعنى بشؤون الطفولة بالمغرب. وكانت الرابطة قد أكدت أن هذه المجلة تهدف بالأساس إلى فتح جسر التواصل بين الأطفال باعتبارهم أمل الأمة المشرق وصقل وتشجيع مواهب الناشئة وتنمية معارفهم وبناء مستقبلهم وتطوير كفاءاتهم ومداركهم وكذا تكريس المبادئ والقيم والأخلاق في نفوس الأطفال.