انطلقت أمس الأربعاء الدورة ال` 15 من المعرض الدولي للكتاب والفنون بطنجة عبر سلسلة محاضرات حول "إبداعات المدن" بمشاركة ثلة من نخبة الفكر والثقافة مغاربة وأجانب. وتهدف هذه الدورة من المعرض، الذي ينظمه المعهد الفرنسي للشمال بتعاون مع جمعية طنجة الجهة للعمل الثقافي إلى غاية 8 ماي الجاري، إلى استكشاف عمق الروابط بين الإبداع والمدينة باعتبارها مصدرا للإلهام الفني والأدبي، وفضاء للإبداع والفعل الثقافي. وتحدث رئيس جمعية الصويرة موكادور السيد أندري أزولاي عن "القصة الرائعة" لإعادة إحياء مدينة الصويرة التي كانت تحتضر لتصبح فضاء للانفتاح ومدينة مثالية (أغورا) من خلال الاعتماد على التراث اليهودي الإسلامي لهذه الحاضرة لبناء المستقبل. وأوضح السيد أزولاي، الذي كان يتحدث خلال محاضرة حول "المدينة باعتبارها شخصية كاملة الوجود في العمل الأدبي"، أن الصويرة أصبحت ملتقى لمختلف الثقافات والحساسيات المتعددة المشارب، واعتمدت على التراث وعلى التاريخ المتجذر في العقول وفي المباني العريقة كأداة للتنمية والانبعاث. وتطرق مجموعة من الكتاب إلى حضور المدن، والأمكنة بشكل عام، في الأعمال الأدبية باعتبار المكان عنصرا أساسيا من المتن الإبداعي سواء في الرواية أو في أي فن تعبيري آخر، مؤكدين على أن هناك "رابط عضوي" بين السكان والمدينة باعتبار الأخيرة نسيجا حيا متفاعلا. كما تشكل المدن مجالا خصبا للمبدعين يتعين استثماره لبلورة مشاريع إبداعية فنية، ودليل ذلك صدور مجموعة من الروايات المرتبطة أحداثها بشكل مباشر بالأمكنة كفضاءات للحكي أو لكونها شخوصا أساسية في الإبداعات تؤثر وتتأثر بالشخصيات الحية. وتميز اليوم الأول من المعرض الدولي للكتاب والفنون بطنجة بتنظيم معرض صور "رؤى ميناء طنجة المتوسط" والذي يؤرخ لمجموعة من مراحل تشييد هذا المركب المينائي، الذي ينتظر أن يغير معالم المجال بشمال المغرب وأن يعيد رسم المعالم الجغرافية والاقتصادية للمملكة. ويعتبر المعرض، المنظم بتعاون مع السلطة المينائية طنجة المتوسط، تكريما لمجموعة من الفاعلين العموميين والخواص وآلاف العمال الذين ساهموا بفعالية في تشييد هذه المنشأة الضخمة التي ستمكن المغرب من أن يصبح فاعلا في مجال الاقتصاد العالمي. وسيتم في إطار المعرض عقد ندوات وقراءات أدبية ومعارض فنية ومحترفات تعبيرية ستسمح باستكشاف الأعمال الأدبية والفنية التي تلعب فيها المدينة دورا أساسيا، بهدف إبراز امتداد المجال الحضري باعتباره نسيجا للإبداع غير منفصل عن حياة كل فرد من المجتمع. وينتظر أن يعرف المعرض عموم الجمهور بالأدوار الحيوية للمدينة، وأن يحث مختصين من عدة مشارب مغاربة وأجانب (هيئات رسمية ومسؤولين جامعيين ومجتمع مدني) على تبادل وجهات النظر حلو العلاقة بين الإبداع والمكان، من خلال الإشارة إلى المساهمات القيمة للكتاب والفنانين والمهندسين المعماريين والمثقفين في الحفاظ على المجال العمراني.