صدر، حديثا، باللغة الألمانية كتاب يضم عينة من أبرز أعمال الراحل محمد عزيز الحبابي، أحد رواد الفكر الفلسفي بالمغرب. ويضم الكتاب (220 صفحة)، الذي اختار مواده وترجمها وعلق عليها المؤلف الألماني ماركوس كنير، ثلاث مقالات للمفكر محمد عزيز الحبابي، إضافة إلى واحد من أبرز كتبه "الشخصانية الإسلامية" الذي صدرت طبعته الأولى عن ( دار المعارف) بالقاهرة سنة 1964، وفيه أسس لنظرية الشخصانية الإسلامية. ويشير المؤلف إلى تدرج فلسفة الحبابي من (الشخصانية الواقعية) التي جسدها كتابه "من الكائن إلى الشخص.. دراسات في الشخصانية الواقعية" إلى كتاب "من الحريات إلى التحرر"، الذي يرى فيه أنه لا يمكن فصل (مصير الإنسان) عن شرطه الواقعي، معارضا بذلك الآراء التي كانت تذهب إلى الفصل ما بين (الأنا الأمبريقي) و (الأنا الجوهري). واعتبر ماركوس كنير أن كتاب الحبابي الذي يحمل عنوان "من المنغلق إلى المنفتح"، ترجمه إلى العربية الأستاذ محمد برادة، يندرج أيضا ضمن هذه المرحلة. ويرى كنير أن مفهوم الشخص، في هذا المؤلف، يكتسي دورا حاسما في فكر يتجاوز الثقافات الوطنية لمعانقة الحضارة الإنسانية، التي تتأسس فيها وشائج بين مختلف التخصصات والشعب; من تاريخ وثقافة وعلوم وفكر فلسفي، وتستطيع الثقافات، بما فيها الثقافة الإسلامية، تقديم مساهماتها في الحضارة الإنسانية. ويذهب المؤلف الذي عنون كتابه ب"محمد عزيز الحبابي- الإنسان: دليل الله - مقدمة لأنتروبولوجيا إسلامية"، إلى أن مرحلة الأنتربولوجية الإسلامية والشخصانية تعتبر مرحلة متقدمة في المشروع النظري لمحمد عزيز الحبابي، مشيرا إلى أن الأطروحة المركزية في الكتاب تقول إن الكائن البشري هو شخص، وذلك استنباطا لما ورد في القرآن والسنة. ويقول الأستاذ كنير، في دراسة سابقة عن محمد عزيز الحبابي، إن هذا الأخير استطاع، بعد كتاب "الشخصانية الإسلامية"، "تطوير فلسفته في اتجاه فكر أكثر التزاما نحو سياسة عالمثالثية"، ومن ثم برزت نظريته المعروفة ب"الغدية". واعتبر المؤلف أن الهدف من البحث في فكر محمد عزيز الحبابي "لا يندرج فقط في باب التأريخ وإنصاف فيلسوف .. وإنما، أيضا، إيجاد سبل لاندماج المجتمعات الإسلامية في المجموعة الدولية"، ذلك أن الحبابي "طور نموذجا للهوية الإسلامية المعاصرة". وخلف الراحل محمد عزيز الحبابي (1922- 1993) تراثا فكريا خصبا توزع بين التأليف الفلسفي والكتابة الروائية والشعر، باللغتين العربية والفرنسية، ومن أشهر كتبه، إضافة إلى ما سبق، "جيل الضمإ" (رواية 1967 ) و"إكسير الحياة" (رواية 1974 ) و "يتيم تحت الصفر" (شعر 1988 ). وكان الأستاذ ماركوس كنير، المتخصص في علم الأديان والفلسفة والدراسات الإسلامية، وأحد العاملين في مجال الحوار الإسلامي المسيحي، قد كتب مقالات عدة حول فكر محمد عزيز الحبابي. وصدر الكتاب عن (مؤسسة جورجس أنواتي) للحوار بين الأديان (مقرها في ألمانيا)، وهو المؤلف الخامس ضمن سلسلة تتناول جوانب من الحضارة الإسلامية وإسهامات مفكرين إسلاميين.