يجتمع عشرات الخبراء المغاربة والأجانب، المتخصصين في التنمية المحلية وتطوير المدن، على مدى يومين بطنجة، لمناقشة التطورالعمراني للحواضر مع احترام البيئة وفق منظور متجدد للمدن. ويهدف هذا اللقاء الدولي، المنظم بتعاون بين جمعية المنتخبين المحليين للمتوسط وغرفة التجارة والصناعة والخدمات لولاية طنجة وجمعية البوغاز، إلى الخروج بخلاصات تساعد على جعل المدن أقل تأثيرا على محيطها الطبيعي سواء من حيث الانبعاثات الغازية والمياه العادمة والنفايات المنزلية والصناعية، تماشيا مع النتائج التي توصلت إليها قمة المناخ بكوبنهاغن في دجنبر الماضي. وأبرز مشاركون خلال الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء، مساء أمس الخميس، أن مفهوم "المدينة المستدامة" يقوم على تسيير المدن وفق نمط للتنمية يسمح بالتضامن بين الأجيال، عبر تشجيع التدبير العقلاني للموارد الطبيعية وضمان التوزيع العادل للثروات وإشراك الساكنة في اتخاذ القرارات التي تهم مستقبل مدينتهم. كما يسعى اللقاء إلى استعراض مجموعة من التجارب الأوربية والمغاربية المتعلقة بإدخال المعايير البيئية في التدبير اليومي لشؤون المواطنين، من خلال برامج تأهيل المدن وتهيئة المناطق الخضراء ودعم التشجير، وفرض بعض السلوكات الصديقة للبيئة على السكان وتضمين معايير البناء البيئي من خلال التقليل من استهلاك الطاقة والماء. وبخصوص الخلاصات التي خرج بها اتفاق كوبنهاغن، اعتبر الخبير الدولي في الطاقات بيير رادان أن فشل دول العالم في الخروج باتفاق موحد حول سبل خفض الاحتباس الحراري يطرح تحديات جديدة أمام المنظومة الدولية وعلى الفاعلين في التنمية المحلية على السواء. وأضاف أن قضية المناخ شأن عالمي يتطلب من قادة الدول وحدة في المواقف من أجل العمل على الحد من التغيرات المناخية، مبرزا أنه بالرغم من فشل التوصل إلى اتفاق منصف يحظى بإجماع الدول، فالقمة ساهمت في إحياء النقاش بين الشمال والجنوب والاقتناع بضرورة الانتقال من المفاوضات إلى العمل. من جانبه، اعتبر الخبير المغربي في تاريخ المدن الإسلامية محمد مطالسي أن المدن الحديثة أصبحت منفتحة على محيطها الخارجي ولا تتوفر على أسوار، ما يضع رهانات جديدة على عاتق المسؤولين المحليين لتدبير المدن، وفق نمط يراعي حاجات الساكنة وضرورات حماية البيئة. وأوضح أن إدخال عنصر البيئة في تدبير المدن، الذي برز لأول مرة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، يتعين أن لا يقف عند الحديث عن الأثر البيئي للتجمعات السكانية، بل هو مفهوم يحاول الإجابة على إكراهات سوسيولوجية واقتصادية وبيئية للسكان. وتوزعت أشغال هذا اللقاء على ورشتين موضوعيتين تناولتا "النقل في مركز المدن المستديمة" و"المدينة المدمجة والحامية للموارد"، حيث أكد المشاركون على ضرورة اللجوء إلى وسائل النقل الأقل إصدارا للغازات وتشجيع استعمال النقل الجماعي، والتحكم في نمو النمو واستباق الحاجات لعقلنة استهلاك الطاقات والتقليل من النفايات.