يحتفل الفلسطينيون والعرب والعالم الإسلامي غدا الأربعاء بالذكرى ال35 ليوم الأرض الفلسطينية التي تتعرض منذ نشأة دولة إسرائيل إلى نهب وتدمير ممنهج يهدف أساسا إلى طمس الهوية العربية الإسلامية بها ومحو معالم كل ما هو فلسطيني على الأراضي الفلسطينية. فمنذ احتلالها للأراضي الفلسطينية، تستعمل السلطات الإسرائيلية كل الوسائل لسحق الوجود الفلسطيني وطنا ومهجرا وديموغرافيا وجغرافيا وحضاريا، وشرعت في تدمير جزئي ثم كلي لمئات القرى و المدن الفلسطينية، معتبرة الأرض الفلسطينية ركيزتها الأساسية لتنفيذ و إنجاح المشروع الصهيوني مستعملة في ذلك مختلف وسائل البطش غيرعابئة بالمجازر المروعة المرتكبة في حق الفلسطينيين و بالعدد المتزايد للشهداء. ولم تثن الغطرسة الإسرائيلية ومراهنة الصهيونية على منطق القوة والبطش وعلى عوامل الزمن والنسيان و التضليل والقهر وسياسة فرض الواقع، الفلسطينيين عن التمسك بالأرض و مواصلة الدفاع عن حقوقهم المشروعة والكفاح من أجل دولتهم المستقلة، كما أنها لم تنجح في ترويض الوعي و الوجدان الفلسطيني الذي ظل و ما يزال مقاوما عنيدا للنسيان والظلم و العدوان بمختلف أشكاله. و قد كانت المرجعية التاريخية ليوم الأرض الأول سنة 1976 مأساوية تجاوزت ما حدث سنة 1948، إذ شرعت إسرائيل في تنفيذ مشروغ كينغ الصهيوني الداعي إلى تكثيف الإستيطان اليهودي في مناطق التواجد العربي في الجليل من خلال مصادرة الأراضي العربية و بناء المستوطنات اليهودية ثم جاءت بعد ذلك خطة النجوم السبعة الإسرائيلية لعام 1990 بهدف تهويد المثلث العربي و مناطق وادي عارة إضافة إلى توصيات إسرائيلية أخرى كثيرة قاسمها المشترك التهويد و تكثيف الإستيطان. و كرد فعل على سياسة مصادرة الأراضي و تكثيف الإستيطان، قام عرب إسرائيل في الثلاثين من مارس 1976 بإعلان إضراب عام ونظمت مظاهرات في مختلف المدن والقرى العربية قابلتها الشرطة والجيش الإسرائيلي بالقوة و القمع المشهود لها بهما فأوقعت ستة شهداء برصاصها أمام مرأى و مسمع من العالم. فقد كشفت انتفاضة يوم الأرض حقيقة لا غبار عليها مفادها أنه إذا كانت الأرض هي أساس المشروع الإسرائيلي فهي قبل ذلك علة الوجود الفلسطيني وشرط بقاء الفلسطينيين، و من ثم فأي مقاربة لا تراعي هذا المعطى هي حكم على المنطقة بالإشتعال. ومن هذا المنطلق، إتضح لكل الأطراف سواء المعنية بالنزاع مباشرة أو الراعية لمسلسل التسوية أو تلك المحبة للسلام أن عنصر المفاجأة سيظل حاضرا في جميع الإتجاهات.. اعتداء إسرائيلي، ردة فعل فلسطينية، تطاحن داخلي، تدخلات خارجية فجة تنسف كل تسوية، أزمة إقتصادية...، مادام فلسطينيون لا يشعرون بالطمأنينة في دولة تحمل إسمهم و تعيد لهم الإعتبار. وهكذا جاءت مبادرة السلام العربية التي تبنتها الجامعة العربية في قمة بيروت و أكدتها مجددا قمة الرياض، تدعو إلى انسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي العربية المحتلة منذ 1967 و إلى قبولها قيام دولة فلسطينية مستقلة و ذات سيادة و عاصمتها القدس مقابل إقامة الدول العربية علاقات طبيعية في إطار سلام شامل مع إسرائيل. كما أن خارطة الطريق التي وضعتهااللجنة الرباعية الخاصة بالشرق الأوسط (الولاياتالمتحدة، الأممالمتحدة، روسيا و الإتحاد الأوربي) تنص على قيام دولتين هما إسرائيل و فلسطين المستقلة والقابلة للإستمرار وذات السيادة والديمقراطية ،تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن كتتويج للتدابير التي تقترحها لتسوية النزاع والتي تهم الميادين الامنية والسياسية والإنسانية وبناء المؤسسات ووقف إطلاق النار والوقف الكامل لبناء المستوطنات. وفي نفس السياق، قرر مجلس الأمن سنة 2003 تأييد خارطة الطريق ...المفضية إلى حل دائم للنزاع الإسرئيلي الفللسطيني يقوم على أساس وجود دولتين ،علما أن المجلس قد أعرب في قرار مماثل في مارس 2002 عن مساندته ل"رؤية تتوخى منطقة تعيش فيها دولتان ،فلسطين وإسرائيل ،جنبا إلى جنب ضمن حدود آمنة ومعترف بها.